فارروق جويدة : زمن الاقدام وليس زمن الاقلام مكرم محمد أحمد: العنف يمزق مصر ويدمر نسيجها الوطني اسامة سلامة : مصادفة أم خطة شيطانية لإعلان نهاية الدولة في مصر فهمي هويدي : مصر تشهد كارثة مع كل خطوة تخطوها باتجاه الاستقرار
تناول كتاب الصحف المصرية في مقالاتهم اليوم الخميس عددا من القضايا المهمة. فاروق جويدة
ففي عموده (مأساة بورسعيد) قال الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويده في مقاله بصحيفة "الأهرام" ":في سبعينيات القرن الماضي أطلق كاتبنا الكبير الراحل توفيق الحكيم مقولته الشهيرة هذا زمن الأقدام وليس زمن الأقلام وتحولت كرة القدم إلى غذاء يومى فاسد للشعب المصري فقد تعلم منها لغة التعصب الأعمي، وكانت سببا في تسطيح فكر وثقافة أجيال كثيرة. وأضاف الكاتب أن ميزانيات الشباب اتجهت في كل مرافق الدولة إلى كرة القدم دون كل مجالات الرياضة الأخري وطغت على ثقافة الأجيال الجديدة وانقلب الهرم الاجتماعي والفكري للمصريين ليصبح حلم كل كبير أسرة أن يجد ابنه لاعبا شهيرا حتى ولو لم يكمل تعليمه. وأشار الكاتب إلى أن الدولة المصرية أوشكت في عهدها البائد أن تعلن الحرب على دولة عربية شقيقة هي الجزائر بسبب مباراة في كرة القدم تورط فيها المصريون حتى أكبر رأس فيهم وهو رئيس الدولة السابق وأبناؤه وكانت حديث العالم كله. وقال الكاتب إن الخطأ الفادح كان في فكر الدولة المصرية أن تصبح كرة القدم هي النموذج الحقيقي للانتماء والوطنية والولاء للوطن..وبالأمس كنا نجنى إحدى ثمار هذا الغباء السياسي والتخلف الفكري والحضاري لأن الرياضة مدرسة للأخلاق والمنافسة الشريفة وليست وسيلة للتعصب الأعمي والسلوك الإجرامي الطائش المجنون. واضاف الكاتب أن هناك عشرات الدروس التى لم نتعلم منها وهناك مئات الضحايا الذين سقطوا بسبب التعصب الأعمى فهل يمكن أن تكون كارثة بورسعيد بداية جديدة.. لابد من إلغاء وليس فقط إيقاف دوري كرة القدم والبحث عن نظام بديل.. وإعادة النظر في جميع البرامج الرياضية ومقدمي برامجها.. وقبل هذا لابد من إصلاح الهرم الفكري والاجتماعي المقلوب الذي أفسد شباب هذا الوطن وجعل عقل المصريين في أقدامهم. مكرم محمد احمد وقال الكاتب مكرم محمد أحمد في عموده (نقطة نور) بصحيفة "الأهرام" إن العنف يمزق مصر ويكاد يدمر نسيجها الوطني، عنف في الشوارع والملاعب والتظاهرات والإعتصامات يتسبب كل يوم في سقوط المزيد من الضحايا.
وأضاف الكاتب أنه مع كل حادثة عنف تتشكل لجان لتقصي الحقائق تبحث وتنقب وتكتب تقارير دارجة لا تقول لنا أين الداء ولماذا يتفاقم الخطر؟ وما هو المخرج ؟..
وعندما يلقي العشرات من الشباب مصرعهم ويصاب المئات من المواطنين في أحداث مباراة رياضية، يصبح من السذاجة أن يتصور البعض أنه مجرد حادث عفوى نتيجة تعصب كروي من جمهور يزداد ميلا إلى الشغب!.
وأكد الكاتب أن ما حدث كان ينطوي على تصميم واضح وإرادة مبيتة على إحداث الفوضي إستهانة بالأمن والدولة، كما يصبح من سوء التقدير أن نعزل ما جرى في بورسعيد عن مجمل ما يجري في مصر من أحداث تدعو إلى القلق، يشهدها ماسبيرو وميدان التحرير وشارع مجلس الشعب بعد أن أصبح من حق كل جماعة أن تفرض قانونها عنوة!.
واشار الكاتب إلى أنه في الوقت الذي أصبحت فيه منظومة القيم التي تحكم سلوك المجتمع قد إنصرمت وغاب الوفاق الوطني، أصبح لزاما علينا أن نقبل الشئ ونقيضه، نقبل بشرعية دستورية جاءت عبر صناديق الإنتخاب يزاحمها شرعية ثورية تعتقد أنها الأعلى! ونقبل بحكم القانون لكننا نعترض على أحكام القضاء إن لم تصادف هوى في نفوسنا!، ونطالب بالعدل الإجتماعي بينما الخزانة مفلسة وعجلة الإنتاج واقفة لا تدور!.
وقال الكاتب إنه لا نستطيع أن يتوقع خيرا إذا إستمرت هذه التحرشات والإستفزازات التي يمكن أن تؤدي إلى صدام مخيف لو لم تراجع كل الأطراف مواقفها، وتدرك أن السلم الأهلى خط أحمر يلزم الجميع إحترام القانون والإلتزام بالشرعية القانونية ورفض كل صور العنف، وتمكين الدولة من النهوض بمهامها قبل فوات الأوان.
أسامة سلامة وفي مقاله بمجلة "روز اليوسف" ، تساءل الكاتب أسامة سلامة رئيس التحرير قائلا "هل هى المصادفة أم خطة شيطانية لإعلان نهاية الدولة في مصر وأنها لا أمان ولا أمن مع الثورة ، هل فعلا الشرطة غير قادرة على القبض على البلطجية رغم أنهم معروفون لديها أم أنها تغمض عينيها عنهم برغبتها وتتركهم يروعون المواطنين؟ .. هل يمتنع ضباط الشرطة عن العمل بجدية انتقاما من الثورة التي جعلتهم مثل باقي المواطنين وليسوا "باشوات" يحكمون أم أنهم خائفون من العمل حتى لا يتهمهم أحد بالقتل والتحقيق معهم وربما سجنهم إذا قاموا بواجبهم وأدى ذلك لمصرع بعض المجرمين؟!".
وقال الكاتب "إذا كان هناك تواطؤ فهذه جريمة لا يمكن السكوت عليها ، وهنا يجب المطالبة بتطهير هذا الجهاز بجدية فعلا! .. وإذا كانت قلة حيلة فيجب مكاشفة الشعب بهذا .. ومطلوب أن يخرج وزير الداخلية أو رئيس الوزراء ويشرح ما هى أوجه القصور ولماذا الشرطة أصبحت الآن عاجزة عن العمل ، هل تحتاج إلى معدات أم تحتاج إلى تعزيزات بشرية وكيف يمكن أن تعود مرة آخرى بكامل طاقتها ومتى وما هى الحلول لمواجهة هذا العجز؟".
واختتم الكاتب مقاله قائلا "المصارحة هنا والمكاشفة هى أولى خطوات العلاج الناجع ، أما الادعاء بأن الشرطة استعادت قوتها فهذا يضعها أمام اتهام التواطؤ والمؤامرة على الثورة وعلى المجتمع كله".
فهمي هويدي
وفي عموده بصحيفة (الشروق) ، تساءل الكاتب فهمي هويدى قائلا "هل هى مجرد مصادفة أن تشهد مصر كارثة مع كل خطوة تخطوها باتجاه الاستقرار وإقامة البناء الديمقراطي؟ .. مشيرا إلى أن ما حدث في بورسعيد ليس مصادفة بدوره ، ذلك أن كل الشواهد تدل على أنه كان مقصودا ومرتبا.
وقال الكاتب "أثار الانتباه أن دور الشرطة غائب في أحداث بورسعيد رغم اصطفاف بعض جنود الأمن المركزي ، كما أن الجيش الذي كان له دوره المشهود في تأمين الانتخابات لم يظهر له أثر".
وأضاف "الذي لا يقل غرابة عما سبق أنه رغم أن أجهزة المحافظة والأمن كانت مستنفرة بسبب المباراة ، فإن محافظ المدينة ومدير الأمن بها غابا عنها ، في حين أنهما اعتادا أن يحضرا المباريات العادية التي يجريها الفريق البورسعيدي ، فما بالك بمباراة لها أهمية وساسية اللعب مع فريق الأهلي .. تلك كلها قرائن تشير إلى أن ما جرى كان نتيجة لسبق الإصرار والترصد".
وتابع الكاتب "مللنا من كثرة استخدام الإشارة إلى الطرف الثالث والفلول وبقايا جهاز أمن الدولة ودور حكومة القابعين في سجن طرة .. وهى الإشارات التي تكررت هذه المرة أيضا، لكن ما يثير الدهشة أن ما يصدر من تصريحات في هذا الصدد وما تردده وسائل الإعلام لم يقم عليه دليل إلى الآن".
وقال "لا أنفي دور هذه الجهات ولدي استعداد لتصديق اتهام الأطراف صاحبة المصلحة في إشاعة الفوضى في البلد، ناهيك عن أن جهاز أمن الدولة له سوابق في هذا الصدد .. لكني أستغرب أن يتردد هذا الكلام على مدار العام، ثم تعجز الأجهزة المعنية عن الإمساك بأي خيط يساعدنا على تصديقه، الأمر الذي يضعنا أمام احتمالات ثلاثة : إما أن تلك الأجهزة عاجزة عن القيام بمهمتها وفي هذه الحالة ينبغي أن تستبدل بغيرها حتى لا يحدث ما هو أسوأ ، أو أنها متواطئة ومتسترة ومن ثم تعمدت غض الطرف عن المسئولية عن الحوادث ، أو أنها هى الفاعلة والمدبرة وتحرص فى كل مرة على أن تشتت الرأي العام وتنحي باللائمة على طرف آخر".
واختتم مقاله قائلا "إذا ضممنا هذا الذي حدث في بورسعيد إلى جانب حوادث آخرى، مثل اقتحام البنوك والشركات وخطف أطفال الأثرياء، وتعطيل حركة القطارات والبواخر النيلية ثم إصابة المصانع بالشلل وتتابع الإضرابات الفئوية ومحاولة اقتحام وزارة الداخلية، وحصار مجلس الوزراء وإحراق المجمع العلمي، والإعلان عن الاعتصام في ميدان التحرير حتى إسقاط النظام والدعوة إلى محاكمة أعضاء المجلس العسكري ..
فإنها قد تنبهنا إلى أن الهدف أكبر من إشاعة الفوضى في البلاد وقد يكون الهدف إسقاط الدولة المصرية ذاتها ، الأمر الذي يدعونا إلى التفكير جيدا في السؤال الذي قد يفتح أعيننا على ما لا نراه في أجواء الانفعال والمزايدة والطنطنة الإعلامية".