جامعة أسيوط تختتم ورشة العمل التدريبية "مكافحة العنف ضد المرأة" وتعلن توصياتها    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في جنوب سيناء    معرض EDEX 2025 منصة الدفاع الأبرز في الشرق الأوسط وإفريقيا    مرموش على مقاعد بدلاء مانشستر سيتي أمام فولهام في البريميرليج    ليفربول في مأزق.. الهلال والقادسية على رأس المهتمين بخدمات محمد صلاح    حبس مسئول مطبعة بدون تراخيص بعابدين    الإدارية العليا تستقبل 15 طعنا على نتيجة المرحلة الثانية    مصر تستعيد قطعتين أثريتين من بلجيكا بعد مسار دبلوماسي وقانوني ناجح    تعرف على التفاصيل الكاملة لألبوم رامي جمال الجديد "مطر ودموع"    "كارمن" يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح العربي 2026    أمم أفريقيا تربك استعدادات أندية الدوري الاسباني    بابا الفاتيكان يطرح أفكاره بشأن المجمع الذي انتخبه ويتناول الروحانية ورحلاته المستقبلية    وزير خارجية ألمانيا: كييف ستضطر إلى تقديم "تنازلات مؤلمة" من أجل السلام    251 شاحنة مساعدات تغادر رفح إلى غزة محملة بالغذاء والدواء والبترول والملابس الشتوية    أحزاب القائمة الوطنية تؤكد نزاهة الانتخابات البرلمانية.. وتدعو لاحترام القانون    جمال الدين: المنطقة منصة مثالية للشركات الأمريكية    تشكيل مانشستر سيتي - مرموش بديل.. وثلاثي هجومي أمام فولام    عودة أسينسيو.. ريال مدريد يعلن قائمته لمواجهة أتلتيك بلباو بالدوري الإسباني    تغير المناخ والتلوث البلاستيكي يفتتحان الأحداث الجانبية لاجتماعات COP24 بمصر    الهيئة العربية للتصنيع توقع مذكرة للتفاهم مع الصافي جروب    أستاذ طب نفسى: طفل من بين ثمانية أطفال يتعرض للتحرش فى العالم (فيديو)    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في كفر الشيخ    وزير الحرب الأمريكي: لقد بدأنا للتو في ضرب تجار المخدرات    بشكل مفاجئ .. ترامب يصدر عفوا رئاسيا عن رئيس هندوراس السابق    تعليق ناري من ماجدة خير الله عن أزمة فيلم الست لمنى زكي    مجلس أمناء مهرجان المنصورة الدولي لسينما الأطفال يعقد أولى اجتماعاته برئاسة مشيرة خطاب    العالمى ستيف بركات على المسرح الكبير    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    وصفات طبيعية للتخفيف من آلام المفاصل في الشتاء    مصر والسعودية توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بمجالات الأمان النووي والإشعاعي    وزير الري: تنسيق مستمر بين مصر والسنغال في مختلف فعاليات المياه والمناخ    محافظ الأقصر: افتتاحات يومية لمشروعات في كل المجالات خلال ديسمبر    وكيل وزارة الشباب بالدقهلية يلتقي كيان اتحاد طلاب تحيا مصر    إحلال وتجديد طريق ترعة الرشيدية بالمحمودية بتكلفة 2.7 مليون جنيه    الصحة: استراتيجية توطين اللقاحات تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي    أخطاء في تغذية الأطفال لاعبي الجمباز تؤثر على أدائهم    هزار قلب جريمة.. حقيقة الاعتداء على طالب باستخدام مفك فى الشرقية    موعد صلاه العشاء..... مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    رمضان عبدالمعز: الإيمان يرفع القدر ويجلب النصر ويثبت العبد في الدنيا والآخرة    ماجد الكدواني يواصل التحضير لمسلسل «سنة أولى طلاق»    مدير معرض القاهرة للكتاب يكشف تفاصيل الدورة ال57: قرعة علنية وشعار جديد لنجيب محفوظ    متحدث الأوقاف يوضح ل«الشروق» الفارق بين «دولة التلاوة» والمسابقة العالمية ال32 للقرآن الكريم    كأس العرب - شكوك حول مشاركة براهيمي أمام السودان    الأهلي يترقب موقف ييس تورب لدراسة عرض برشلونة لضم حمزة عبد الكريم    أستاذة جامعية إسرائيلية تُضرب عن الطعام بعد اعتقالها لوصف نتنياهو بالخائن    صحة الوادى الجديد تنفذ عدد من القوافل الطبية المجانية.. اعرف الأماكن    تركيا: خطوات لتفعيل وتوسيع اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني    الطقس غدا.. انخفاضات درجات الحرارة مستمرة وظاهرة خطيرة بالطرق    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    تراجع كمية المياه المستخدمة فى رى المحاصيل الزراعية ل37.1 مليار متر مكعب خلال 2024    تحرير 141 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    وزير العمل يسلم 25 عقد عمل جديد لوظائف بدولة الإمارات    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    يلا شووت.. مصر تبدأ رحلة كأس العرب باختبار ناري أمام الكويت على ملعب لوسيل اليوم    أحمد بنداري: التعامل وفق القواعد القانونية يُعزز الثقة في العملية الانتخابية    ضبط 379 قضية مواد مخدرة فى حملات أمنية    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هادي التونسي يكتب: هاني شنودة والشغف بالموسيقي والثقافة
نشر في صدى البلد يوم 01 - 02 - 2024

قنبلة من الحيوية، كوكتيل من التلقائية و خفة الدم، سرعة بديهة تتخلص من المواقف المحرجة بذكاء ثاقب بلا صدام، شعلة من الحماس تنير رؤية نافذة للمستقبل، ثقافة واسعة تستند علي تعليم جيد و تربية منفتحة مع تقاليد أصيلة في أسرة مولعة بالفن، شغف بالموسيقي فرض علي الطالب النابه ان يصر علي ربط دراسته و مستقبله بها متحدياّ الآراء المحافظة لأقارب، أرادوا أن يملوا عليه توجهاتهم، فجعلهم بذكاء يقرون له بما أراده.، حس مرهف بالآخر يوظفه بلباقة لافتة و ثقافة واسعة و ذكاء لامع يكسب به ندية و توافق مع قامات فكرية و أدبية و فنية، ناهيك عن جمهور ينبهر فكرا، و يندمج روحا مع ذلك المجدد خفيف الظل سلس التعبير لفظيا و حركياّ. عقلية تحليلية تربط أمورا حسابية و لغوية و موسيقية و إنسانية تبدو متباعدة، فتصنع رؤية شاملة مبدعة متوافقة، تظهر في انتاجه، فيصبح مجددا و رائدا، حينما يعمل في دراسته الموسيقية الخيال و الابداع بجرأة واثقة لافتة و شعور نفاذ بالاستحقاق، أوصله ليصير ظاهرة فنية علي مدي نصف قرن من الزمان.
هكذا رأيته، و انا انسي الزمن متتبعا حواراته و اندهاش و فرحة محاوريه من نجوم الاعلام و جمهوره وسط حيويته الغلابة، و هو قرب نهاية العقد الثامن من عمره محافظا علي قامته و هيئته.
في أربعينات القرن الماضي و بالتحديد في مدينة طنطا لوالد صيدلي متفتح و والدة تهوي العزف الموسيقي، و احسنت رعاية ابنها، نشأ الموسيقار هاني شنودة كطالب نابه، يحركه ولع بدراسة و عزف الموسيقي، فحتي من قبل دراسته في كلية التربية الموسيقية كان قد جمع فرقة للهواة، تعزف في مقاهي البلدة، و هي الدراسة التي فرض اختياره له بلباقة رغم معارضة الأقارب.
في القاهرة بدأ في الانضمام لفرق شباب، تهوي الموسيقي الغربية، حتي انضم كعازف أورغون الي أشهرها و اكثرها تأثيرا في الطبقات المتنفذة و المؤثرة منذ أواخر الستينات.
لفت اداءه أنظار المطرب الرائد عبد الحليم حافظ في السبعينات، فظل يستهويه و يستقطبه، حتي ابتاع له احد اعقد الأجهزة الموسيقية، التي تعزف وحدها كمجموعة وترية مع الاورغون، و لإعجابه بعزفه طلب منه تكوين فرقة صغيرة، تعزف مع غنائه بآلات غربية حديثة، و ذلك ضمن سعي حليم لإدماج التوجهات الموسيقية الجماهيرية في فنه، مثلما فعل مع الموسيقي الشعبية المصرية لتكون أغاني حليم جامعة لمختلف الميول.
وهكذا بدأ فن هاني شنودة بتوجهاته للإيقاعات الغربية و توزيعاته و الحانه يجتذب اعجاب المؤلفين و المغنيين الأشهر في السبعينات والثمانينات، و هو يختار منهم من يناسب موهبة و أداء توجهاته الفنية، و بالفعل فان من خلال مسيرته الفنية استطاع تقديم مواهب فنية و غنائية اصبحوا فيما بعد نجوما ملأوا الساحة الفنية، الا ان طموح هاني شنودة و موهبته و رؤيته الرائدة تعدت هذا الاطار ليبدأ لأول مرة ظاهرة موسيقية جديدة و جريئة بتكوين فرقة أداء جماعي لأغاني اجتماعية و ليست مجرد عاطفية، و حيث نبتت الفكرة من خلال اقتراح للأديب العالمي نجيب محفوظ، في لقاء جمعهما، المزج بين الكلمات و التجارب المصرية و الموسيقي الغربية بآلاتها و الحان من ابداعه.
الفرقة هي فرقة المصريين التي أدت بإيقاعات غربية راقصة كلمات لمؤلفين شباب متميزين، يكتبون بكلمات جادة حكيمة عن حياة و علاقات و مشاكل الشباب المصريين، و كانت الفرقة جديدة بمدلولها ان اسمها المصريين جاء اعتزازا بالهوية و تعبيرا أصيلا عن علاقات و عادات المصريين الاجتماعية، انما بالات و ايقاعات راقصة عصرية، و كعادته استطاع بعين الخبير و استاذيته الراعية الصبورة اختيار عناصر متميزة و متوافقة لعضوية الفرقة، فمثلت تجربة رائدة أصيلة مجددة معا، مازالت اصداءها تتردد حتي الآن، و تطرح كفكرة بديلا مستقبلياّ لتردي كلمات و أداء بعض الأغاني الشعبية الراقصة حاليا، بل سارت علي نهجها عدة فرق شبابية مماثلة معاصرة و امتد تأثير فنها لعشرات السنين.
ولم يخترق فن الحان و توزيع هاني شنودة الأغاني الشبابية المصرية فحسب، بل لحن اغنية شعبية، وصل رواجها الي ان يلفت انظار فرقة اسبانية شهيرة عالمية، فسرقت لحنها لاحدي اغانيها حتي قاضاها و ربح. كما لحن لأشهر مطربي الأغاني العاطفية بعض اشهر اغانيهم، فضلا عن اتجاهه للموسيقي التصويرية لأفلام مصرية تمثل علامات سينمائية.
الموسيقار هاني شنودة في ظني ليس مجرد ملحن و موزع و لاعب موسيقي موهوب و رائد و مجدد و محاور تلقائي لبق لماح ظريف، اذ يدهشك قدرته كمثقف متعمق حساس و جرئ قدرته علي اجتذاب صداقات رواد الغناء و الشعر و الادب و الفلسفة علي اختلاف مجالاتهم و توجهاتهم و شخصياتهم، فجمعت هذه الصداقات مشاهير بوزن حليم و صلاح چاهين و نجيب محفوظ ضمن غيرهم، فلا تعرف كيف يمكن له ان يكون محاورا ندا و صديقا حميما دون ان يتخلى عن تلقائيته و جرأته و ثقته بنفسه و احترامه للجميع و للاختلاف في الرأي، فتدرك ان وراء تلك الظاهرة الفنية و الانسان الحساس تربية قويمة و تعليم جيد و شخصية عميقة و ثقافة شاملة، صنعت رؤية و إصرارا و مسيرة و شعبية و ابقته شابا في الثمانين، شق طريقه، تميز و استمر، جدد و تآلف، صعد للقمة و ظل علي فطرته، كان نفسه و تفاني، و فرض رؤيته في سلام و محبة و احتواء ، فأثري حياة من عرفوه و فنون بلد احترمت تميزه و رؤيته و ريادته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.