تحفل بلادنا بالكثير من العباقرة فى مجال الموسيقي؛ الذين شكلوا وجداننا واستطاعوا ان يرتقوا باحساسنا ويملأونا بالكثير من المشاعر المتنوعة والتى لا تستطيع ان تتحرك بداخلنا الا بفعل الموسيقى والاغاني. حياتنا كمصريين ارتبطت بالاغانى خلال القرن الماضي؛ واصبحت علامة على تفاعلنا مع الحياة وتقلباتها وعلى قدرتنا على المقاومة وعلى اقبالنا على الدنيا. واحد من هؤلاء الذين جعلوا ايامنا فى الحياة جميلة ونجحوا فى ان يجعلونا بابداعهم نعبر فى رحلتنا الى ضفاف اكثر امانا هو الموسيقار الكبير هانى شنودة. الذى صنع اغنيات وموسيقى تصويرية لاعمال فنية ندر ان تجد تنوعا مثلها. هناك اغنيات ايقونات فى حياة المصريين مثل انا باعشق البحر للمطربة الكبيرة نجاة الصغيرة وعلمونى عنيكى و بنتولد لصوت مصر الاصيل محمد منير.ويا طريق لعمرو دياب وعلى وش القمر لفايزة احمد وما تحسبوش يا بنات ان الجواز راحة وغيرها من الروائع التى لم يجد الزمان بمثلها. هذا الطفل المشاغب كما كانت تصفه السيدة والدته لم تهدىء شقاوته الا اصابع البيانو.سحرها تغلغل بداخله والتحم به فأصبح ساحرا صغيرا يمنحنا مشاعر العشق والحلم. ولد هذا الطفل بطنطا بجانب مولد السيد البدوى لذا فهو دائما يقول انه مسيحى بثقافة اسلامية لتأثره بالموسيقى الاولى التى سمعها بالمولد. عن نفسى ارى ان موسيقاه انسانية بثقافة عالمية. لذا لم يكن غريبا ان يتجه فى شبابه الاول لعزف الاغانى الايطالية والفرنسية والاسبانية. حتى قابل شنودة اديب مصر العالمى نجيب محفوظ واقترح عليه ان يضع الموسيقى التى يحبها فى اغان مصرية. ولان محفوظ كان وسيظل ملهما لاجيال، اندفع شنودة فى رحلته ليملأ نهره الفياض الملىء بالخيرالذى ستظل اجيال واجيال مدينة له به. كان ذلك فى السبعينيات وكان شنودة مأخوذا بمتابعة الفرق الموسيقية العالمية مثل البيتلز و البونى ام والابا. فقرر ان يصنع فرقة مصرية تصبح علامة على الغناء المصرى فى زمن ميلاد الكاسيت فى مصر و منح الشاعران العظيمان صلاح جاهين وعبد الرحيم منصور جل ابداعهما لفرقة المصريين الوليدة. فأصبحت فرقة مصرية اصيلة ومعاصرة وهى علامة الفن الجيد فى كل زمان ومكان. داخل شنودة عالم واسع من الخيال والابداع متأثرا باتجاهات عالمية وبأصالة مصرية انجبت اللآلئ الثمينة. جاء له شوقى حجاب وعبد الرحيم منصور بالشاب اليافع آنذاك محمد منير فتلقفه ولحن له اربع اغان فى البومه الاول علمونى عنيكى وثمانى اغان فى البومه الثانى بنتولد فأسس لاسلوب منير الغنائى الذى يمزج الروح العالمية بكلمات مصرية اصيلة. ساعده فى ان يصبح علامة مميزة منذ بداياته. تكرر الامر مع عمرو دياب الذى قابله شنودة فى احدى حفلات المصريين فى بورسعيد ليقنعه بالنزول للقاهرة وقدمه للجمهور فى البوم يا طريق لتبدأ اسطورة دياب فى الغناء العربي. قل عن شنودة مجدد فلن تكون مبالغا، فأشكاله الموسيقية مبتكرة فى زمنه بكل حق. وهو لم يترك عالما موسيقيا الا واقتحمه بعنف وترك بصمته. الكثير لا يعرفون انه ملحن اغنية زحمة يا دنيا زحمة لعملاق الاغنية الشعبية عدوية. هل يراودك شك انها شعبية بالمعنى العلمى للكلمة، وهل من مجادل انها لائقة جدا لصوت عدوية، لكن الاهم انها تعبر عن عالم شنودة الذى يتسم بخفة الروح وسرعة الايقاعات و حرية الانتقال بين المقامات الغربية والشرقية. حتى الان يحتفظ شنودة بروح اللطف الانسانية و بالفكاهة المصرية الاصيلة. انه يحفظ عن ظهر قلب معظم الامثال الشعبية المصرية المرتبطة بالموسيقي. هو فى عشق الطبلة لا ينافسه احد. يدافع عنها كمعشوقته ويغار عليها اذا لمح احدا يتكلم عنها بما لا يحب. فيقول لك ان الطبل جاء من الطبلية والطبلية جاء منها عبارة اكل العيش حيث يوضع الخبز على الطبالي. ويذكر لك امثالا شعبية مثل هبلة ومسكوها طبلة، دقوا الطبلة ع التلة جريت كل مختلة، يموت الزمار وصباعه بيلعب. وقد خاض شنودة تحديات موسيقية عظيمة فى حياته. عمل مع نجاة الصغيرة بعد ان غنت علامات فارقة فى الغناء وكان لابد ان يصنع معها بصمات. فحفر بوجداننا اغنيات انا باعشق البحر وباحلم معاك. كل منها قادر ان يجسد لك مشهد الشط وانت تجلس عليه تسترخى وتنسى همومك والامواج وهى تغسلك من الحاضر. اغانى تجعل كل ملتاع يحب وكل مجروح يشفى وكل امل يولد. هل تتذكر فواصل القناة الثانية فى الثمانينيات فى الكليب الذى يصور الزهور تتراقص او موسيقى البرنامج الشهير الكاميرا فى الملعب:هو صانعهما.وموسيقى افلام خالدة خاصة لعادل امام مثل الحريف والمشبوه والغول وعصابة حمادة وتوتو. لمزيد من مقالات احمد عاطف;