أظهرت البيانات المالية الصادرة عن وزارة المالية في الحكومة الفلسطينية للنصف الأول من العام الجاري، أن قيمة فاتورة رواتب موظفي السلطة والحكومة الفلسطينية بلغت أكثر من 3.46 مليار شيكل، (990 مليون دولار) خلال الشهور الستة الأولى. ومقارنة مع نفس الفترة من العام السابق، ارتفعت فاتورة رواتب الموظفين العموميين هذا العام بأكثر من 320 مليون شيكل (90 مليون دولار)، على الرغم من إعلان الرئيس محمود عباس منذ أكثر من عام عن وقف التعيينات الحكومية، لدى مؤسسات الدولة كافة بسبب أزمة السلطة المالية. إلى جانب وقف التعيينات، فقد أعلنت الحكومة الفلسطينية عن خطة تقشف منذ مطلع العام الحالي، إلا أن البيانات المالية (ومن ضمنها الرواتب) أظهرت أن التقشف الذي طبقته السلطة على مؤسساتها زاد من النفقات وليس العكس. وقال مدير عام معهد الأبحاث والسياسات الاقتصادية د. سمير عبد الله أن قيمة فاتورة الرواتب في الأراضي الفلسطينية مرتفعة، مقارنة بعدد العاملين، وحجم عمل ومهام المؤسسات الحكومية العاملة، مشيراً الى أن بعض الجهات الحكومية تستحوذ على نسبة كبيرة من الرواتب. وأضاف عبد الله خلال مقابلة مع وكالة الأناضول، إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تستحوذ على غالبية قيمة فاتورة الرواتب (ليس لهذه السنة فحسب، بل لسنوات سابقة أيضاً)، بسبب ارتفاع عدد المنخرطين بالسلك الأمني في السلطة الفلسطينية. ويبلغ عدد العاملين في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وفق آخر إحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2011 نحو 70 ألف عنصراً في الضفة الغربية، وقرابة 30 ألفاً في قطاع غزة، حيث بلغت فاتورة رواتبهم خلال النصف الأول من العام الجاري أكثر من 1.45 مليار شيكل (نحو 410 مليون دولار) أي بنسبة تصل إلى 44٪ من مجمل فاتورة الرواتب. وخلال شهر يونيو الماضي، بلغ مجمل رواتب موظفي الأجهزة الأمنية وفق بيانات وزارة المالية نحو 241 مليون شيكل (69 مليون دولار)، أي أكثر من 55٪ من فاتورة رواتب الموظفين العموميين للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والمقدرة بنحو 130 مليون دولار شهرياً. من جهة أخرى بلغت فاتورة رواتب المجلس التشريعي المعطل منذ العام 2007، نحو 10 مليون شيكل (2.9 مليون دولار)، خلال النصف الأول من العام الجاري، وهو أعلى من إجمالي رواتب وأجور مجلس الوزراء العامل بكامل طاقته، لنفس الفترة والمقدر ب 8.4 مليون شيكل (2.7 مليون دولار ) . كما بلغ مجمل نفقات المجلس التشريعي خلال النصف الأول أكثر من 25 مليون شيكل (7.8 مليون دولار)، مقارنة بنحو 12.8 مليون شيكل لمجلس الوزراء (3.6 مليون دولار)، خلال نفس الفترة. واعتبر المستشار القانوني السابق في المجلس التشريعي د. عصام عابدين، إن خللاً في قانون رواتب النواب والوزراء والمحافظين، أدى إلى استمرار تقاضي نواب المجلس التشريعي لرواتبهم البالغة 3000 دولار عن كل نائب، عدا عن النثريات والبدلات. وأضاف إن هذه الأموال التي تصرف للنواب تذهب في غير قنواتها، "ونحن نتحدث منذ سنوات عن أزمة مالية تعاني منها السلطة الفلسطينية، وبالتالي عليها إعادة النظر في الرواتب التي يتقاضاها النواب في المجلس العاطل عن العمل". يذكر أن الحكومة الفلسطينية تواجه في كل شهر أزمة في توفير فاتورة رواتب الموظفين العموميين، حيث تقتصر مصادر الدخل على الإيرادات الضريبية وإيرادات رسوم المعاملات الحكومية والبالغ مجملها نحو 90 مليون دولار، وعلى أموال المقاصة التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية، والتي تبلغ شهرياً نحو 120 مليون دولار.