قال الدكتور علي جمعة - مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف -، إن هذه الآية الكريمة تلخص طريق المسلم في حياته في جميع أوضاعه وأحواله وهى: «لِلِّلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ ۖ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (سورة البقرة: 284). وأضاف جمعة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، أن هذه الآية بكلمات يسيرات، ولما صدرت عن ربنا سبحانه وتعالى في هذه البلاغة العالية كانت دستورًا للمسلمين، ومنهاجًا للعابدين، وطريقًا للسالكين، وبيانًا للمتقين، ومن ثم لا يمكن بناء إنسان الحضارة دون التوقف عند هذه الكلمات. وأشار إلى أن تفاعل المسلم مع الآية يقتضي أن يعلن في نفسه أن الله سبحانه وتعالى يملك ويخلق ويرزق، يحيي ويميت، يُوجِد ويُفنِي، وهذه الآية القرآنية البليغة تبدأ بصيغة القصر، حيث قدم الجار والمجرور، ففي لغة العرب تقديم الجار والمجرور أو الظرف يدل على مزيد الاختصاص، فهي تساوى في المعنى أن السموات والأرض لله وحده. ولفت إلى أن هذه الآية القرآنية عبّرت عن الخلق ب «ما» الموصولة ليدخل فيها العقلاء وغير العقلاء، والأحياء والأموات، والمتحركون والساكنون، والعالمون والجاهلون. وتابع: إن الآية استعملت لفظ «السماوات» بالجمع ولم تستعمل «السماء» بالمفرد للتعظيم من شأنها، فإن سُمْك كل سماء مسيرة خمسمائة عام، فضلا عن أن ما بين كل سماء وما بعدها مسيرة خمسمائة عام كذلك، وذلك التعظيم يزيد من معرفة الإنسان بضآلة حجمه أمام هذا المخلوق العظيم، بل بضآلة حجم الكوكب الذي يعيش عليه، فإنه لا يمثل حجم حبة الرمل في الصحراء. ونوه بأن الله تعالى في هذه الآية ذكر أن له ما في السماوات والأرض، ويذكر في آيات أخرى أن له مُلك السماوات والأرض، وذلك لدفع توهم الجاهلين أن الظرف خارج عن مُلك الله، ولذلك كثر التأكيد على هذا المعنى في أكثر من موضع نذكر منها قوله تعالى: «أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِن وَلِىٍّ وَلاَ نَصِيرٍ»، وقوله سبحانه: «وَلِلهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».