هل يمكن أن تتخيل الحياة بدون السماء والأرض ؟ ما هى التغيرات الكونية التى تحدث للسماء والأرض يوم القيامة؟ يؤكد الحق سبحانه وتعالى أن السماء ستنشق وتنفطر وتكشط وتصبح واهية وضعيفة، أما الأرض فستزلزل زلزلة عظيمة لم تحدث من قبل لا تبقى ولا تذر، ثم يأتى أمر الله للأرض كأنها لم تكن موجودة بالأمس، ثم تبدل الأرض غير الأرض والسموات، فهل ظهرت العلامات الكونية ليوم القيامة ؟ وهل اقتربت الساعة ؟ ∎يا حسرة على العباد !!
المعارضون والكارهون للعلم كثيرون، والأكثر إعراضا وكراهية منهم أكثر عدداً !!
والجاهلون كثيرون والأكثر جهلا منهم أكثر عددا !! والتافهون والسطحيون كثيرون والأكثر تفاهة وسطحية منهم أكثر عددا !! والسفهاء كثيرون والأكثر سفاهة منهم أكثر عددا !! والمضللون كثيرون والأكثر ضلالا منهم أكثر عددا !!
والموتى وهم أحياء لأنهم لايفكرون كثيرون والأكثرموتا منهم بيننا أكثر عددا !! أبعد كل هذا تريدوننا أن نتقدم ونتطور ؟! فعلا يا حسرة على العباد !!
إنها حسرة و أى حسرة !! فنحن نقول ذلك لأننا للأسف نتربى على عدم استخدام العقل والتفكر والتأمل والإيمان بالعمل، ليظل «الجهل» هو الإله والصنم والوثن الذى نتقرب إليه، فمثلا نحن لم نر الشمس ولا القمر ولا السماء ولا الأرض إلا لوقت قصير جدا من حياتها وحياتنا، ومن ثم لا ينبغى علينا أبدا أن نصاب بالدهشة أو الذهول إذا ما ما ظهر منها من تغيرات وشواهد كونية أكبر من استيعابنا وخارج نطاق علمنا وخبراتنا، فكل ما نطرحه عبر هذه السطور من أفكار وأبحاث ودراسات علمية هو اجتهادات بشرية لعلماء متخصصين ليست يقينا أو حقيقة لا مفر منها لأننا نؤمن جميعا بأن فوق كل ذى علم عليم، وصدق الله إذ يقول «وما أوتيتم من العلم إلا قليلا».
∎ إذا السماء انشقت
ماذا سيحدث للسماء من تغيرات كونية إيذانا بقيام الساعة ؟ بقدرة الله وإرادته ستتغير أحوال السماء وما فيها يوم القيامة، وآيات القرآن تشرح ذلك تفصيلا وتلميحا منها «إذا السماء انشقت» وانشق الشيئ أى انفلق وتصدع وتفرق، وآية «إذا السماء انفطرت» أى تنقسم وتتشقق إلى أجزاء عديدة، ولهول المعنيين يوجه الحق سبحانه وتعالى نظر الإنسان للتفكر فيهما فقد أطلق المعنى على سورتين هما «سورة الانشقاق» و«سورة الانفطار»، وفى آية «فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان» تصبح السماء عندئذ كالجلد الأحمر، ونتيجة لهذه الأوامر الإلهية لما يحدث من ظواهر وتغيرات كونية فى السماء فإنها تصبح «واهية» أى ضعيفة لأنها تشققت ولم تعد محكومة بالقوانين التى كانت تجعلها قوية ومتماسكة بنص الآية: «وانشقت السماء فهى يومئذ واهية»، وبسبب الانشقاق تصبح السماء منفرجة «وإذا السماء فرجت»، ويظهر فيها ما يشبه الأبواب «وفتحت السماء فكانت أبوابا»، وهكذاتتغير السماء حتى تصبح كالمعدن المذاب «يوم تكون السماء كالمهل»، ونتيجة لذلك تزال السماء وتكشط «وإذا السماء كشطت» لأن معنى كشطت أى أزيلت، ثم يطوى الحق سبحانه وتعالى السماء كما يطوى السجل للكتب أى إدراج بعضه فى بعض، وكما بدأ الخلق يعود مرة أخرى إلى سابق عهده بنص الآية الكريمة : «يوم نطوى السماء كطى السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين» وسبحانه العلى القدير يؤكد بنص الآية : «والسماء مطويات بيمينه» صدق الله العظيم .
∎ إذا زلزلت الأرض زلزالها
بعد كل هذه التغيرات الكونية التى تتم بأمر الله للشمس والقمر والسماء لابد للأرض أن تزول، فلم تعد هناك جاذبية تمسكها ولا عناصر تحميها فهى إلى فناء لا محالة، وقد عبر الحق سبحانه وتعالى عن ذلك فى سورة «الزلزلة»: «إذا زلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها، وقال الإنسان لها، يومئذ تحدث أخبارها، بأن ربك أوحى لها»، لأن عندما تزلزل الأرض يوم القيامة فهى ليس زلزالا عاديا مثل الزلازل التى نراها وتقع على الأرض، ونرى فيها صورا رهيبة من تدمير للمبانى والمنشآت وموت الآلاف من البشر وفزع وخوف ورعب وغير ذلك، زلزلة الأرض يوم القيامة لا تبقى ولا تذر وستختفى الحياة كلها، بما فيها ومن فيها، يقول تعالى : «يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شىء عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله الشديد»، وكلها أحداث وصور تؤكد هول زلزلة الساعة بنص الآية: «وحُملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة».
∎ «يوم تتبدل الأرض غير الأرض»
يقرر القرآن الكريم فى آياته أن علامات القيامة قد وضحت وظهرت وحان وقتها، يقول سبحانه وتعالى «فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها» وأشراطها أى علامات القيامة، ومنعلامات الساعة أن الأرض تنهض نهضة عمرانية وحضارية كبرى من التقدم والتطاول فى البنيان والتزين، فالإنسان فى زماننا هذا قد بلغ قمة الحضارة، وأصبحت الأرض كلها «قرية عالمية صغيرة» يحدث الخبر فى أقصى بقعة منها فيعرفه القاصى والدانى فى ثوان معدودة، وأصبحنا نعيش فى عصر النت والكمبيوتر والأقمار الصناعية، وسيطر الإنسان على الفضاء وعلى الأجواء وأصبح يتحكم فى السحاب ويُسقط المطر، ويحدث الزلازل والبراكين الصناعية، وغاص فى أعماق المحيطات، وانتقل بأسرع من الصوت، ووصل إلى القمر .. وغير ذلك، أبعد كل هذا هناك احتمال المزيد من التقدم ؟ أو ما يمكن تجاوزه ؟ لقد سخر العلم لأبعد الحدود !! وأصبح لا مستحيل أمامه !!
ألا تعتبر كل هذه القدرات التى بلغها الإنسان هى من علامات القيامة، وإيذانا بقرب الساعة، لدرجة أن الإنسان يعتقد واهما أن تقدمه العلمى الكبير ونجاحه المادى مكنه من أن يمسكبمفاتيح الأرض، ويظن خطأ أنه قادر عليها يغير ويبدل فيها كما يشاء، عندئذٍ تأتى اللحظة الحاسمة التى حددها الله بأمره لتصبح كل هذه الأرض بزينتها وزخرفها وبنيانها وعماراتها كأن لم تكن كما ورد فى الآية الكريمة «حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت، وظن أهلها أنهم قادرون عليها، أتاها أمرنا ليلا أو نهارا، فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس»، ولن تكون الأرض كالتى نعرفها ونعيش عليها، يقول تعالى: «يوم تتبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله جميعا» صدق الله العظيم .
∎ متى يوم القيامة ؟
نحن مؤمنون جميعا بأن توقيت وميعاد يوم القيامة لا يعلمه إلا الله، والآيات القرآنية التى تدل على ذلك كثيرة جدا منها : «إليه يرد علم الساعة»، «يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله»، و«تبارك الذى له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون»، «يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربى لا يجليها لوقتها إلا هو، ثقلت فى السماوات والأرض، لا تأتيكم إلا بغتة، يسألونك كأنك حفى عنها، قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون»، «اقتربت الساعة وانشق القمر»، على أية حال فإن الوقت الذى لا يعلمه إلا الله والذى عنده سيلتصق القمر بالشمس «وجُمع الشمس والقمر» آت لا محالة، ليس هذا فقط فأمر الساعة أدهى وأمر ورهيب ومفزع وفى اللحظة المحددة التى لا يعلمها إلا الله يأتى بسرعة خاطفة «وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب»،«وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر» ولمح البصر يعنى النظرة الخاطفة السريعة فى أقصر وقت بمقدار رجع جفن العين، وكل هذا يؤكد أن يوم القيامة حقيقة لا مفر منها، «وما يدريك لعل الساعة قريب» يومئذ يتساءل الإنسان ويقول ما لها ؟ ثم يفزع بشدة ويتساءل أين المفر»
خير ما أختم به هذه السطور تلك الآية المعجزة التىيؤكد فيها المولى سبحانه وتعالى بأن يوم القيامة قريب «إنهم يرونه بعيدا، ونراه قريبا» صدق الله العظيم