الأكاديمية الطبية العسكرية تنظم عددا من الفعاليات العلمية المتميزة (صور)    مدير مكتب تأهيل الخصوص في تزوير كروت ذوي الإعاقة: «طلعتها لناس مكنش ليهم محل إقامة عندي» (نص التحقيقات)    الضبعة النووية.. انتهاء تركيب جملون الدعم الحلقي بالوحدة الأولى بالمحطة    منال عوض: 363 مليون جنيه لتطوير منظومة إدارة المخلفات بالبحر الأحمر    سعر مواد البناء مساء اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    وزير الخارجية يتلقى اتصالا هاتفيا من نظيره اللبناني (تفاصيل)    المصري يجدد تعاقده مع ثنائي منتخب الشباب    مصرف ليبيا المركزي يتعاقد على طباعة 60 مليار دينار    بعد توقيع اتفاق غزة، أحمد العوضي: التاريخ سيذكر أن السيسي تحمل الكثير    جامعة أسيوط تقرر صرف مكافأة شهرين للعاملين بمستشفى الإصابات والطوارئ    طريقة عمل شيبسي صحي في المنزل.. بدون أضرار    مدبولي يتابع الموقف التنفيذي لأعمال تطوير ورفع كفاءة بحيرة البردويل    في هذا الموعد.. محمد فؤاد يستعد لإحياء حفل غنائي ضخم في بغداد    غدا.. فرقة النيل للموسيقى تختتم فعاليات معرض الزمالك الأول للكتاب    مشروع الاستاد ضمن ملفات عديدة في برنامج قائمة الخطيب لانتخابات الأهلي    خادم الحرمين الشريفين يوافق على توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الطاقة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة    محافظ كفرالشيخ يتفقد مستشفى قلين ويشدد على جودة الرعاية وحسن معاملة المرضى    محمود مسلم: قمة شرم الشيخ تمهد لسلام واستقرار الشرق الأوسط.. وحماس لن يكون لها تواجد سياسي في غزة    وكيل شباب ورياضة الجيزة يتابع تطوير مركز شباب الديسمي لخدمة المتضررين من السيول    تأجيل محاكمة 73 متهما بقضية خلية اللجان النوعية بالتجمع لجلسة 24 نوفمبر    ارتفاع عدد الوفيات بين تلاميذ تروسيكل أسيوط ل5 أطفال    «أمن الجيزة» يضبط ربة منزل اقتحمت مدرسة بأكتوبر    تشغيل عدد من الرحلات المخصوصة من وإلى طنطا الجمعة المقبلة    رحمة عصام تتعرض لحادث تصادم فى شارع البحر الأعظم    «منتصف النهار» يبرز الإشادات الدولية بدور مصر في وقف الحرب على غزة    اليسار الفرنسي يجدد مطالبته بعزل ماكرون    أرقام تفصيلية.. إطلاق سراح 3985 أسيرا فلسطينيا خلال صفقات التبادل    نقابة الموسيقيين: مصر راعية السلام فى المنطقة ودرع منيع للحق والعدالة    نادي أدب البادية يواصل فعالياته في بئر العبد في شمال سيناء    ما حكم إخراج الزكاة في عمل تسقيف البيوت؟    إدارة ترامب تطلق برنامج "درونز" ب500 مليون دولار لتأمين مواقع مونديال 2026    مساعد وزير البيئة: مشروع إدارة مخلفات عبوات الكرتون يمثل أول منظومة متكاملة لإعادة التدوير داخل مصر    بدء أولى جلسات اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام برئاسة المهندس خالد عبدالعزيز    وزير الصحة: فحص أكثر من 94 مليون مواطن للكشف عن الأمراض غير السارية وفيروس سي    أهالي مطروح يهنئون الرئيس السيسي بنجاح قمة شرم الشيخ التاريخية للسلام    وزيرا الري والإسكان ومحافظ دمياط يشهدون ورشة عمل إطلاق الخطة المتكاملة للمناطق الساحلية    زيادة ربع مليون نسمة في تعداد سكان مصر خلال 60 يومًا    موقف البنك الأهلي من رحيل أسامة فيصل للقلعة الحمراء    احتفالا بذكرى انتصارات أكتوبر.. الرقابة الإدارية تنظم ندوة حول مكافحة الفساد ببورسعيد    وزير الري يبحث مع مدير المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي حوكمة إدارة المياه ورفع كفاءة الاستخدام    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 يبدأ يوم 23 الشهر الجاري    حقيقة تأجيل «القائمة الوطنية من أجل مصر» التقدم بأوراق ترشحها للانتخابات (خاص)    مكاسب مالية وحب جديد.. الأبراج الأكثر حظًا نهايات عام 2025    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    دار الإفتاء توضح حكم ارتداء الأساور للرجال.. متى يكون جائزًا ومتى يُمنع؟    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    مدرب المنتخب: وارد انضمام السعيد لأمم أفريقيا.. ولا توجد أزمة مع إمام عاشور    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    صحيفة إسبانية: شرم الشيخ لؤلؤة سيناء تتألق كعاصمة للسلام وتخطف أنظار العالم    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    حماس توضح أسباب تسليم عدد أقل من جثامين الرهائن وتؤكد: «القيود الميدانية خارجة عن الإرادة»    تصفيات كأس العالم - رأسية فولتماده تمنح ألمانيا الفوز على إيرلندا الشمالية وصدارة المجموعة    شادي محمد: حسام غالي خالف مبادئ الأهلي وأصول النادي تمنعني من الحديث    وفاة شقيق عبد المنعم إبراهيم .. تعرف على موعد ومكان العزاء    هبة أبوجامع أول محللة أداء تتحدث ل «المصري اليوم»: حبي لكرة القدم جعلني أتحدى كل الصعاب.. وحلم التدريب يراودني    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والإعلامي واللغوي فاروق شوشة 14 أكتوبر 2016    «التعليم» توضح موعد بداية ونهاية إجازة نصف العام 2025-2026 لجميع المراحل التعليمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإيمان وبناء إنسان الحضارة
نشر في المصري اليوم يوم 15 - 02 - 2012

يقول الله سبحانه وتعالى: (لِلهِ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَإِن تُبْدُوا مَا فِى أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ) «البقرة: 284»، إن هذه الآية تلخص طريق المسلم فى حياته، وهو فى جميع أوضاعه وأحواله، بكلمات يسيرات، ولما صدرت عن ربنا سبحانه وتعالى فى هذه البلاغة العالية كانت دستوراً للمسلمين، ومنهاجاً للعابدين، وطريقاً للسالكين، وبياناً للمتقين، ومن ثم لا يمكن بناء إنسان الحضارة دون التوقف عند هذه الكلمات.
فتفاعل المسلم مع الآية يقتضى أن يعلن فى نفسه أن الله سبحانه وتعالى يملك ويخلق ويرزق، يحيى ويميت، يُوجِد ويُفنِى، وهذه الآية القرآنية البليغة تبدأ بصيغة القصر، حيث قدم الجار والمجرور، ففى لغة العرب تقديم الجار والمجرور أو الظرف يدل على مزيد الاختصاص، فهى تساوى فى المعنى أن السموات والأرض لله وحده.
وعبّرت الآية القرآنية عن الخلق ب (ما) الموصولة ليدخل فيها العقلاء وغير العقلاء، والأحياء والأموات، والمتحركون والساكنون، والعالمون والجاهلون.
واستعملت الآية لفظ (السموات) بالجمع ولم تستعمل (السماء) بالمفرد للتعظيم من شأنها، فإن سُمْك كل سماء مسيرة خمسمائة عام، فضلا عن أن ما بين كل سماء وما بعدها مسيرة خمسمائة عام كذلك، وذلك التعظيم يزيد من معرفة الإنسان بضآلة حجمه أمام هذا المخلوق العظيم، بل بضآلة حجم الكوكب الذى يعيش عليه، فإنه لا يمثل حجم حبة الرمل فى الصحراء.
يذكر الله فى هذه الآية أن له ما فى السموات والأرض، ويذكر فى آيات أخرى أن له مُلك السموات والأرض، وذلك لدفع توهم الجاهلين أن الظرف خارج عن مُلك الله، ولذلك كثر التأكيد على هذا المعنى فى أكثر من موضع نذكر منها قوله تعالى: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِن وَلِىٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) «البقرة: 107»، وقوله سبحانه: (وَلِلهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ) «آل عمران: 189».
وكذلك قوله سبحانه وتعالى: (قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِى الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلهِ مُلْكُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ) «المائدة: 17». وقوله تعالى: (يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ المَصِيرُ) «المائدة: 18». وقوله سبحانه: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ) «المائدة: 40».
والسؤال الآن: ما هو الأثر الإيمانى المترتب على اعتقاد الإنسان أن لله ملك السموات والأرض وما فيهن؟ وكيف يكون ذلك مؤثراً على تكوين هذا الإنسان ليبنى حضارته؟ ويتمثل الأثر الإيمانى فى التخلى عن كل ما سوى الله، وبترك الاعتماد والتوكل على غيره سبحانه وتعالى حيث تيقن الإنسان أنه لا أثر له فى الكون، ولا ملك ولا شرك مع الله فيه، ويترتب على تخلى الإنسان عن كل ما سوى الله وعدم الاعتماد على أحد غير الله، وكذلك عدم الثقة إلا فى الله ووعده، فهو وحده الذى يملك تنفيذ كل ما يعد لأنه لا مالك غيره ولا رب سواه - يترتب على ذلك عدم الخوف من أحد حيث لا ملك ولا قدرة له ولا أثر له، وما يظهر لنا فى الظاهر أنه من قدرة مخلوق وتأثيره هو فى الحقيقة فعل الله أظهره عليه لاستقامة قوانين الأسباب، ولابتلاء بعضنا ببعض.
هذه الحقيقة لابد أن تستقر فى نفوسنا فلا يملك أحد شيئًا من عالم الخلق ولا عالم الأمر، وإن كان هناك مخلوق له من الأمر شىء لكان أعظم المخلوقات وسيد الكائنات سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، إلا أن الله سبحانه وتعالى أخبره بأنه لا يملك من الأمر شيئا، فقال تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) «آل عمران: 128».
والوجه الآخر للأثر الإيمانى المترتب على تيقن الإنسان أن لله ملك السموات والأرض وما فيهن، هو التعلق بالله وحده، واللجوء إليه، وقصده والفزع إليه فى كل الحوائج، فإن القلب إذا تخلى عن كل شىء سوى الله لم يجد فى قلبه إلا الله فلا يلجأ إلا إليه، ولا يعتمد إلا عليه، ولا يثق إلا فيه سبحانه.
ما أعظم هذا الأثر الإيمانى الذى يحقق التوحيد العملى لقلب المرء بجانبيه: جانب التخلى عن كل ما سوى الله، وجانب التحلى بالاعتماد على الله وحده، وهو تطبيق كلمة التوحيد «لا إله إلا الله»، فيشهد القلب أنه لا مؤثر فى الكون، ولا معبود، ولا قادر فى الكون إلا الله وحده، فيتخلى عن كل المخلوقات العاجزة التى ليست لها قدرة ذاتية على فعل أى شىء، ويتعلق بالله القادر وحده على فعل كل شىء.
ومن صفات إنسان الحضارة أنه لا يلتجئ إلى المخلوق، ولا يعيش فى الترهات، ولا يتعلق بكل ناعق ومنافق، ثم يتيقن بعد ذلك أنه لصدق توجهه، وصحة اعتماده على الله يجازيه ربنا مغفرة ورضواناً، حيث يدخل فى قوله تعالى: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِى أَصْحَابِ الجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِى كَانُوا يُوعَدُونَ) «الأحقاف: 16».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.