ذكر الله تعالى في كتابه العزير حكم الإحصار في الحج، في قوله تعالى: «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ» (البقرة:196). والإحصار: فهو الحبس والمنع، مصدر أحصره، إذا حبسه حابس ما، والمقصود به هنا منع المحرم من إتمام نسكه، كأن يمنع من دخول مكة، أو الوقوف بعرفة، فلا يختص الإحصار بعرفة كما هو في الفوات، ويمكن أن يكون في الحج والعمرة، بخلاف الفوات فلا يكون إلا في الحج. وذكر الفقهاء، أن من أحرم بالحج أو العمرة ومنعه مانع من الوصول للبيت الحرام وإتمام نسكه، فإن كان قد اشترط عند إحرامه بأن قال: «لبيك اللهم حجًا، اللهم محلي حيث حبستني»، تحلل ولا شيء عليه، وإن لم يكن قد اشترط فهو محصر، فيذبح شاة في مكانه الذي أحصر فيه، سواء كان في الحرم أو في الحل، ويعطيها الفقراء في مكانه أو ينقلها إلى فقراء الحرم، ثم يحلق أو يقصر شعره، ويتحلل. وقال ابن قدامة في كتاب «المغني (3/172): «أجمع أهل العلم على أن المحرم إذا حصره عدو من المشركين، أو غيرهم، فمنعوه الوصول إلى البيت، ولم يجد طريقا آمنا، فله التحلل، وقد نص الله تعالى عليه بقوله: «فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي»، وثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أصحابه يوم حصروا في الحديبية أن ينحروا، ويحلقوا، ويحلوا، وسواء كان الإحرام بحج أو بعمرة، أو بهما»، كما ذهب بعض العلماء إلى أن المحصر إذا لم يجد الهدي فإنه يصوم عشرة أيام. والدليل على اشتراط نية الحصر، هو حينما شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحرم دعاءً يقوله حينما سألته امرأة في مثل هذا السؤال، أخرج الإمام أحمد في مسنده عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ الحَجَّ، أَفَأَشْتَرِطُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَتْ: كَيْفَ أَقُولُ؟ قَالَ: «قُولِي لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ مَحِلِّي مِنَ الأَرْضِ حَيْثُ تَحْبِسُنِي».