يقول علماء النفس إن شخصية الفرد هي جزء متناغم من ذاته، فالشخصية هي ما تجعل الفرد كما هو عليه وكما يبدو للمحيطين به، فهي تؤثر على سلوكياته وطرق تعامله وردود أفعاله مع أموره الخاصة والشخصية ومع الآخرين في كثير من جوانب حياته اليومية حسب درجة العلاقة ونوعيتها "والديه،أخوة وأخوات، أقرباء، أزواج؛ اولاد، جيران، زملاء زميلات، أصدقاء صديقات"، إلى آخر تلك العلاقات الإنسانية المختلفة المتفاوتة في درجة القرب والبعد، حتى علاقته بالمجتمع المحيط به .. من المؤكد أن تلك الشخصية تتأثر بعاملين مهمين، وهي نتاج طبيعي لهما ؛ عامل الوراثة وهو ما ورثه الفرد من والديه وعائلته وقبيلته من طباع وعادات، وعوامل مكتسبة من البيئة والتنشئة وطبيعة التربية، وهذا كله ينعكس على مكونات الشخصية، وبالتالي على السلوكيات والثبات أو الإنفلات الإنفعالي في المواقف المختلفة التي تواجهه في حياته في مراحل عمره المختلفة، بالإضافة لأهمية الإرادة الحرة للشخص في إتخاذ بعض القرارات من خلال خبرته الفردية في مراحل تنمية شخصيته لمحاولة تحقيق الذات وهو حاجة فطرية لنمو الوعي الشخصي الذي يحفز سلوك الإنسان في إتجاه معين وتصرف ما ،، والإنسان بطبعه كائن ضعيف، يتعرض لنوازع الخير والشر،ومنهم من تحكمه مغريات الحياة، ويعجز عن إلزام نفسه بالفضائل، ويتخلى عن كل القيم والمبادئ، مما يجعله يضعف عند مواجهة أهواء النفس وينساق إلى طريق الرذيلة، والظلم والتعدي، ويزين له الشيطان وهوى نفسه فعل الشر وارتكاب الأخطاء الفادحة، ومخالفة الشرع والقانون "عن قصد" وهنا تختلف قدرات البشر وتتفاوت قوة إرادتهم وعزيمتهم ، وصفاء نفوسهم ، وشفافية أرواحهم ، فمنهم من يُروِض نفسه على السير على طريق الفضائل والمبادئ والأخلاق ومقاومة الشهوات والميول المنحرفة، ويلزم نفسه بالاستقامة والإنصاف، فهذا يستطيع أن يواجه شر نفسه، ويحتمل في سبيل ذلك كل أمر عسير وصعب، مهما كانت الظروف والأحوال .. فلو أننا قمنا بإسقاط حديثنا السابق عن الشخصية وما تحمله من صفات "موروثة ومكتسبة" كما وضحتها دراسات وأبحاث علم النفس على شريكي العلاقة الأسرية "الرجل والمرأة" لوجدنا أن تحليل الشخصية، مرتبط ومتلازم ومتوازي مع نواحي كثيرة بهذه العلاقة، بما تحمله شخصية الزوج والزوجة من صفات تنعكس بشكل واضح على سير مؤسسة الزواج في اتجاه حسب طبيعة الشركاء، فلو تمتع الزوجان بسمات شخصية جيدة حتما تؤسس لعلاقة طيبة، وتكون سببا لإستمرار مؤسسة الأسرة بنجاح، بما في ذلك عنصري المودة والرحمة التي حدثنا القرآن عنها وعن مثالية العلاقة في إطار إنساني وسياج رائع من الحميمية، حتى أنه جعل تلك العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة آية من آياته الكريمة، فخلق لنا من أنفسنا أزواجا لنسكن إليها وجعل بيننا "مودة ورحمة"، هذه المودة وتلك الرحمة هي الحصن الحصين الذي يحمي الزوجين من تحديات الزمن وتقلباته، والحياة وتخبطاتها وزلاتها وعثراتها، في واقع يضج بظروف معيشية صعبة وأعباء ثقيلة، وهنا يأتي التساؤل ؛ إلى أي مدى تستطيع هذه "المودة وتلك الرحمة" أن تستمر صامدة في مقاومة صعوبات الحياة في ظل هذا الغلاء المضني الذي كسر ظهور الرجال والنساء على حد سواء، فالرجل مكلف شرعا وعُرفا ولطبيعته كرجل بتحمل أعباء الأسرة والإنفاق عليها والقيام بالمهمة المكلف بها بحسب مقدرته واستطاعته، وبما يتمتع به من سمات الشخصية السوية والمعتدلة نفسيا والملتزمة أخلاقيا وأدبيا، وكذلك شخصية الزوجة وسماتها وصفاتها النبيلة، مع ضرورة وجود التوافق المطلوب والتفاهم والتناغم الذي لا غنى عنه حتى يذوب معه الجليد الذي يغطي مناخ حياتهم فتمر الحياة بهما بسلام . وعليه؛ فإن الإنسان مسؤول عن تصرفاته وانفعالاته في أغلب مواقف حياته وخاصة عندما يصبح في كامل وعيه وإدراكه، من خلال الصفات الموروثة، والمكتسب من خلال التربية والتعليم، وتعاليم الأديان وأصدقاء له وزملاء في العمل أو البيئة المحيطة ومن خلال مواقع التواصل الاليكترونية، وما أكثرها في زماننا هذا ، والشخص الواعي يستطيع إدراك وفرز واختيار الصالح من سلوكيات هذا المجتمع أو ذاك، وبما يفيده على المستوى الشخصي والأسري .. تنويه : ليس منا من هو متطابق كليا وجزئيا مع الآخر، وفي ذلك حكمة لا يعلمها إلا هو.. ولله في خلقه شؤون.