* الدكتور خالد سعد زغلول- الباحث في العلاقات الدولية بجامعة السوربون في فرنسا ل«صدى البلد»: * فرنسا ستخرج من الاتحاد الأوروبي إذا فازت المرشحة اليمينية بالرئاسة * خروج فرنسا يعني تفكك الاتحاد الأوروبي * العرب سيكون بلا ظهر بعد تفكك الاتحاد * ماريان لوبان تشبه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فكريا * وصول اليمين المتشدد لمقاليد الحكم في الغرب أمر إيجابي على الشرق الأوسط * اليمينيون المتطرفون أكثر صدقا في محاربة الإرهاب من المنظومة السابقة * الشاب المصري المتورط في حادث اللوفر بريء بنسبة 95% * العلاقات الفرنسية المصرية ستكون أفضل في عهد اليمين المتطرف تتسارع الأحداث العالمية وتتحرك عقارب السلطة نحو تغيير جذري في الأنظمة الحاكمة للدول العظمى في العالم، وفي فرنسا تقترب رئيسة الحزب اليميني المتطرف ماريان لوبان المرشحة لمقعد الرئاسة -حسب التوقعات-، وفي ظل هذا التسارع باتت بعض القضايا تحتل الساحة الدولية خاصة قضية الإرهاب. وفي هذا السياق أجرى موقع "صدى البلد" حوارًا مع الدكتور خالد سعد زغلول، الباحث في العلاقات الدولية بجامعة السوربون بفرنسا، الذي أكد أن المرشحة اليمينية لرئاسة فرنسا ماريان لوبان نسخة مكررة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهي ترى أن "فرنسا للفرنسيين"، لذا تحاول أن تخرج من أي تحالفات تستنزف –من وجهة نظرها- موارد فرنسا. كيف قرأت إعلان ماريان لوبان عزمها الانفصال عن الاتحاد الأوروبي؟ لوبان تشبه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى حد كبير، ومن المتوقع أن يكون لها الأغلبية في البرلمان ما يعني أنها قادرة على تنفيذ وعدها بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي. في رأيك.. لماذا تسعى لوبان للانفصال عن الاتحاد الأوروبي؟ كما قلنا من قبل، فإن لوبان تشبه ترامب إلى حد كبير، حتى الشعارات الانتخابية والمبادئ ستجدها متطابقة، فهي ترى أن "فرنسا للفرنسيين"، و"فرنسا أولا"، لذا تحاول أن تخرج من أي تحالفات تستنزف –من وجهة نظرها- موارد فرنسا. وما تأثير انسحاب فرنسا من الاتحاد الأوروبي؟ ستكون كارثة، فمعنى خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي أن الاتحاد سيتفكك، وسيكون أثره على الفرنسيين وخيما، لأنه إذا حدثت أزمة لفرنسا فلن تجد من يساندها، على سبيل المثال فإن الاتحاد الأوروبي كان سند اليونان في أزمتها الاقتصادية. المؤسسان الأصليان للاتحاد الأوروبي هما فرنسا وألمانيا، ويعتبران "موتور الاتحاد"، وبخروج أحد قطبي الموتور يعني انتهاء الاتحاد، حيث أسست الدولتان الاتحاد بعد انتهاء الحرب بينهما ولتشكيل كيان توافقي فيما بينهما يمنع اندلاع الحروب بينهما مرة أخرى، وتم انضمام باقي الدول الأوروبية إلى الاتحاد. ما آثار تفكك الاتحاد الأوروبي؟ الاتحاد الأوروبي كيان اقتصادي بالنسبة للغرب، سياسي بالنسبة للشرق الأوسط، فالدول الغربية الأعضاء تستفيد اقتصاديا من وجودها داخل الاتحاد الأوروبي كما حدث مع اليونان، أما دول الشرق الأوسط فكانت تتحامى بالاتحاد الأوروبي ضد أمريكا أو أي دولة غربية معادية. ومعنى تفكك الاتحاد الأوروبي أن دول الشرق الأوسط ستكون "بلا ظهر" أمام استفزازات أمريكا وإسرائيل، حيث كنا نستخدم الاتحاد الأوروبي كدرع آمنة في العديد من القضايا التي كانت تثيرها أمريكا وإسرائيل خصوصا في القضية الفلسطينية. كيف ترى تأثير وصول لوبان لرئاسة فرنسا على المسلمين والعرب؟ المرشحة اليمينية قالت إنها ستمنع الأجانب من دخول فرنسا، وطرد العرب والمسلمين باعتبارهم عنصرا قلقا للفرنسيين، حيث قدمت لوبان خلال برنامجها الانتخابي قائمة تضم 144 التزاما انتخابيا من ضمنها فرض ضريبة على المسلمين في فرنسا، بمعنى فرض "جزية" عليهم، إلى جانب استبعادهم من سوق العمل، وقصر فرص العمل على الفرنسيين الأصليين فقط، ومقاطعة السعودية وقطر وإيران والإمارات. هل يمكنها الوفاء بجميع تعهداتها؟ أغلب الظن أنها لن تستطيع، فهناك نحو 10 ملايين مسلم في فرنسا، وبالطبع لن تستطيع فعل ذلك، ويمكننا القول إنها "تلعب بالنار" إذا فكرت في تنفيذ تلك الوعود، فالدول التي تنوي مقاطعتها "السعودية والإمارات وقطر وإيران" لها استثمارات في البنوك الفرنسية تصل إلى 300 مليار يورو، ما يعني انهيار الاقتصاد الفرنسي حال سحب هذه الاستثمارات وفي أمريكا حجم الاستثمارات العربية 10 أضعاف هذا الرقم. وبخصوص المسلمين في فرنسا فهم يشكلون كتلة قوية لا يستهان بها، لكن يمكنها طرد المجنسين فقط، أما المسلمون الفرنسيون فلن تستطيع إيذاءهم. هل تتقارب سياسات لوبان وترامب بخصوص الاتحاد الأوروبي؟ كلاهما يستخدم نفس الشعار "أمريكا للأمريكان"، "فرنسا للفرنسيين"، وكلاهما يرى أنه يجب الخروج من أي كيان يلزمهم بواجبات تجاه بعض الدول الأخرى، ومن هذه الكيانات الاتحاد الأوروبي، فالرئيس الأمريكي يريد تدمير هذا الاتحاد. إلى أي طريق ستتجه العلاقات الأمريكية الفرنسية حال فوز المرشحة اليمينية؟ العلاقات الأمريكية الفرنسية قديمة وعريقة، وتتسم بالمودة والتوافق، رغم أنها مرت بفترات توتر، ففي عهد الرئيس جاك شيراك عام 2002 استخدم الفيتو في مجلس الأمن ضد قرار أمريكا لغزو العراق، وكانت هذه أول مرة تقدم دولة على استخدام الفيتو في وجه أمريكا، حتى تولى نيكولاي ساركوزي الرئاسة فعادت العلاقات مرة أخرى لمنطقة الدفء والتواصل، وفي عهد الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب توترت العلاقات مرة أخرى بسبب معارضة الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا أولاند لسياسات ترامب الخارجية. أما إذا تولت ماريان لوبان للحكم في فرنسا فستعود العلاقات الوطيدة مرة أخرى بين البلدين. كيف ترى العلاقات المصرية الفرنسية حال فوز الحزب اليميني المتطرف وحكم فرنسا؟ ستكون في أفضل حالاتها، لأن الشعبويين رغم أنهم معروفون بعدائهم الشديد للمسلمين والعرب، إلا أنهم وطنيون بدرجة كبيرة، وتعامل مصر مع فرنسا في عهد لوبان سيكون في أفضل حال، والعلاقات الدولية ستكون في قمتها. كيف سينعكس وصول اليمين المتطرف إلى مقاعد الحكم في الغرب على الشرق الأوسط؟ تولي المنظومة الشعوبية لمقاليد الحكم في الغرب سيعود إيجابا على الشرق الأوسط، لأنهم سيحاربون الإرهاب الذي صنعته الأنظمة الغربية السابقة، وسيقضون عليه، لكن المسلمين والعرب داخل الدول التي تخضع لسيطرة هذه المنظومة هم الذين سيتم التنكيل بهم بشكل أو بآخر. فالأحزاب الفئوية تتسم بوطنيتها، ولذلك فستكون جيدة في سياساتها الخارجية أما محليا أو إقليميا فستكون صعبة على المخالفين لهم. القضية الأبرز حاليا على الساحة المصرية الفرنسية هي قضية الشاب المصري المتهم في الحادث الإرهابي أمام متحف اللوفر.. كيف تراها؟ جميع الأدلة والبراهين تؤكد أن الشاب المصري بريء، وأن الحادث نتج عن سوء فهم وتعامل مع الشاب وعسكري التأمين، فالمعلوم عن الحادث أن الجندي طلب من عبدالله الحماحمي تفتيش حقيبته، وبما أنه لا يعرف الفرنسية فلم يفهم العسكري، ما أدى إلى نشوب مشاجرة بينهما، وباقي أفراد الأمن لا يعلمون تفاصيل الواقعة، فسارعوا بإطلاق النار على "عبدالله". ومندوبون عن الجالية المصرية زاروا المشتبه به في المستشفى وأكد لهم أنه بريء من هذه التهمة، والمخابرات المصرية أكدت أن "عبدالله" ليس له سوابق جنائية، وكذلك المخابرات الفرنسية التي رجحت فقط ضلوعه في عمل إرهابي، ولا يوجد سوى الشرطة الفرنسية التي تتهمه بارتكاب هذا الفعل، وكاميرات المتحف ستكشف الحقيقة. ما توقعاتك بشأن رد فعل أسرة الشاب المصري؟ أتوقع أن يقاضي والد الشاب الحكومة الفرنسية ويتهمها بالشروع في قتل نجله، حال تمت تبرئته.