ضحي بنفسه فداء للوطن.. قصة الشهيد طلعت السادات شقيق الرئيس الراحل محمد أنور السادات    القوات المسلحة تنظم معرضًا فنيًا لإبداعات المحاربين القدماء بمناسبة احتفالات ذكرى انتصارات أكتوبر    تعيين حسام جودة مديرًا لإدارة قليوب التعليمية    "الحكومة": لا قرارات حالية بزيادة أسعار الكهرباء والوقود    يونيسف: جحيم غزة يبتلع الأطفال والعالم صامت    بدء جلسات غير مباشرة بين فلسطين وإسرائيل لبحث تهيئة الأوضاع للإفراج عن المحتجزين والأسرى    نعم، ولكن !    الكشف عن حكم مباراة الأهلي وإيجل نوار في دوري أبطال إفريقيا    آية سويلم تحصد الذهب في بطولة نيويورك للقوة البدنية    إخلاء سبيل المتهمين بارتكاب فعل فاضح على المحور بكفالة 5 آلاف جنيه    وزير الخارجية يعقد لقاءً مع المندوبة الدائمة لجمهورية مولدوفا لدى اليونسكو    خالد العناني يفوز بمنصب مدير عام منظمة اليونسكو كأول مصري وعربي    أمين الفتوى: أكتوبر ليس مجرد نصر عسكري بل تذكر يوم عظيم من أيام الله    أمينة الفتوى: المرأة المصرية نموذج فريد في التوازن بين البيت والعمل    نجاح فريق طبي بوحدة الجراحات الميكروسكوبية في إنقاذ يد شابة بعد بتر شبه كامل    سلة – الأهلي يهزم الأولمبي في دوري المرتبط    ذا أثلتيك تكشف طبيعة إصابة ريس جيمس    السعودية تتيح أداء العمرة لجميع حاملي التأشيرات ضمن مستهدفات رؤية 2030    «البترول» تستعد لحفر بئر جديدة في البحر المتوسط    بالصور.. أحمد حلمي ومنى زكي يخطفان الأنظار في أحدث ظهور    سر صفاء الذهن..عشبة صباحية تمنحك تركيزًا حادًا وذاكرة قوية    «العمل» تعلن 720 فرصة عمل بسلسلة محلات شهيرة    آخر مستجدات مصير فيريرا مع الزمالك    الأهلي يحدد 16 أكتوبر موعدا مبدئيا لرحلة بوروندي    أسعار الحديد في أسيوط اليوم الإثنين 6102025    شاهد فرحة 2735 نزيلا مفرج عنهم بعفو رئاسى فى ذكرى انتصارات أكتوبر    4 متهمين: جنايات المنيا تحجز قضية قتل واستعراض قوة.. للأربعاء القادم    موعد امتحانات شهر أكتوبر لصفوف النقل 2025-2026.. (تفاصيل أول اختبار شهري للطلاب)    تصادم ميكروباص برصيف كورنيش الإسكندرية وإصابة 8 أشخاص    "Taskedin" تطلق مبادرة لدعم 1000 رائد أعمال بالتزامن مع انطلاق قمة "تكني سميت" بالإسكندرية    عضو بالبرلمان الإستوني: الحرب الروسية في أوكرانيا تمثل اختبارا قويا لحلف الناتو    أبو الغيط يحتفل بإطلاق ترجمات عالمية لكتابيه "شاهد على الحرب والسلام" و"شهادتي"    سر خطير كشفته بدلة استشهاد "السادات".. وكيف تغير مسار رصاصة فقتلته.. فيديو    موعد عرض مسلسل المدينة البعيدة الحلقة 32 والقنوات الناقلة في مصر    «عاوز الحاجة في نفس الثانية».. 3 أبراج غير صبورة ومتسرعة    منافسة شرسة بين 8 لاعبين على جائزة نجم الجولة السابعة فى الدوري الإنجليزي    الجريدة الرسمية تنشر عدة قرارات لرئيس مجلس الوزراء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة الأقصر    خطوات التسجيل في برنامج الهجرة العشوائية إلى أمريكا 2026.. كل ما تحتاج معرفته عن اللوتري الأمريكي    وزارة الشباب والرياضة تُحيي اليوم العالمي للشلل الدماغي    ممثلًا عن إفريقيا والشرق الأوسط.. مستشفى الناس يشارك بفريق طبي في مؤتمر HITEC 2025 العالمي لمناظير الجهاز الهضمي العلاجية المتقدمة    وزير العمل: القانون الجديد أنهى فوضى الاستقالات    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير ورفع كفاءة نفق "كوبري السمك" بحي غرب شبين الكوم    أفلام لا تُنسى عن حرب أكتوبر.. ملحمة العبور في عيون السينما    فالفيردي يغيب عن معسكر منتخب الأوروجواي    التوعية والتمكين وتحسين البيئة للعاملين ..أبرز حصاد العمل بالمحافظات    نجم الزمالك السابق يعتذر لمحمد مجدي أفشة    3 علماء يفوزون بجائزة نوبل في الطب لعام 2025 (تفاصيل)    «الداخلية»: ضبط متهم بالنصب على مواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    نائبا رئيس الوزراء يشهدان اجتماع مجلس إدارة هيئة الدواء المصرية.. تفاصيل    «عبد الغفار» يشارك في ختام «مهرجان 100 مليون صحة الرياضي»    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو يُظهر اعتداء على مواطن وأسرته بدمياط    كجوك والخطيب: القطاع الخاص المصرى مرن وإيجابي وقادر على التطور والنمو والمنافسة محليًا ودوليًا    رئيس الوزراء الفرنسي بعد استقالته: لا يمكن أن أكون رئيسًا للوزراء عندما لا تستوفي الشروط    مياه القناة: تجارب عملية لمواجهة الأمطار والسيول والأحداث الطارئة في الشتاء    لماذا يستجيب الله دعاء المسافر؟.. أسامة الجندي يجيب    أسعار الخضراوات والفاكهة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوسن الأبطح يكتب : لا يأس مع ترامب
نشر في الوفد يوم 13 - 11 - 2016

وصف المفكر الأميركي نعوم تشومسكي انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات
المتحدة الأميركية، بأنه «ظاهرة فريدة، لم تحدث سابقًا، في أي من الأمم
الصناعية الغربية المتحضرة». وهو تحديدًا ما يثير فزعًا في أوروبا من أن يكون
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومن ثم وصول الملياردير النيويوركي إلى
الرئاسة «حليف البريكست» بداية انقلابات جارفة ستغير الخريطة السياسية
الغربية. وقبل أن تعلن النتيجة النهائية رسميًا، كانت مارين لوبان، زعيمة
حزب «الجبهة الوطنية» الفرنسية اليمينية المتطرفة تهنئ ترامب، وتمنّي النفس
بوصول قريب إلى سدة الرئاسة في فرنسا عام 2017. ويسنّ المتشددون الأوروبيون
أسنانهم، بعد أن حققوا نصرين كبيرين في كل من بريطانيا وأميركا، إذ وصفت
بياتريكس فون ستورش، العضو في حزب «البديل لألمانيا» فوز ترامب بأنه «حدث
تاريخي». وجاء كلام رئيسة الحزب، فراوكه بيتري، أكثر وضوحًا وهي تصف حزبها
بأنه «كما ترامب، يقف ضد النظم السياسية الحاكمة، ومثله أيضًا يتحدث كمنافس
سياسي بديل عن الأحزاب التقليدية». وهلل خيرت فيلدرز، رئيس حزب «حرية
هولندا» للحدث العظيم مهنئًا الأميركيين الذين في رأيه «استعادوا بلادهم».
وإذا كان العرب قد بلغ بهم التشظي حد أنهم لم يعد لديهم ما يخسرونه، فإن
الغرب لم يكن يومًا منقسمًا، حائرًا، وقلقًا، كما هو عليه بعد ترامب.
جاء فوز الرجل كأنما ليظهر ما كان مخبوءًا وراكدًا. من كان يتصور قبل أيام
فقط أن يرى آلاف الأميركيين يتظاهرون في الشوارع احتجاجًا على ما أنجبته
صناديق اقتراع ديمقراطية؟ أو أن يسمع هتافات في كاليفورنيا تطالب
باستقلالها عن الولايات الأخرى؟ حتى إن بقيت الموجة محدودة في الزمان، فإن
مؤشراتها تنبئ، أن ما يعتمل في النفوس يستحق التنبه. اختار الأميركيون
الذين تلاقوا وتصالحوا على أرض عمروها معًا، بكفاح أجدادهم، رجلاً، أهم ما
وعدهم به الحدّ من الهجرة، وبدء الانطواء على الذات. انتخبوا رجلاً أبيض، لا
يحب الألوان، ليحل مكان رئيس كانوا قد اختاروه كيني الأصل من أب مسلم، حتى
رفع العالم بأسره قبعاته إجلالاً لتسامح أميركا ورقيها.
كانت أميركا، هذه المرة، بين خيارين؛ إيصال أول امرأة إلى البيت الأبيض، أو
أول رجل يطمح إلى أن يقطع مع الماضي قدر مستطاعه، ويغير البنية القائمة.
غردت مارين لوبان بمجرد معرفتها بالخبر: «ما يحدث الليلة ليس نهاية العالم،
وإنما نهاية عالم»، مبشرة بولادة عصر جديد. لوبان تعلم جيدًا أن الذي انتصر
هو رؤية مغايرة، لا ترى في التثاقف والتمازج والانفتاح غنى بقدر ما ترى فيه
تهديدًا. رؤية تعادي الأخوة المتمادية بين أوروبا وأميركا، لا بل إن الرجل
لا يستسيغ فكرة أوروبا من أصلها. الذي انتصر هو الخوف من الآخر، وبناء
الجدران وتعزيز سياسة العزل.
لم يصوت الناخبون لترامب بأفكاره المتناقضة، وإنما ضد هيلاري كلينتون، التي
بخطابها وشعاراتها ووعودها، تشبه كل أولئك الذين سبقوها وخيبوا آمال
الأميركي العادي. مال الناخبون لملياردير مكشوف الوجه، رجل أعمال بلا أقنعة
دبلوماسية، وعبارات منمقة، وكلام إنشائي عن العدالة الاجتماعية والأخلاقيات
المثالية. في زمن النعومة الزائفة، تبدو الفجاجة ميزة مستحبة، وحين تقول
السياسة شيئًا وتفعل ضده، يصبح الرجل المتخبط أقرب إلى النفس ممن يدّعي قياس
عباراته بالمسطرة.
التصويت الاحتجاجي في أميركا، يفتح باب العدوى أمام المتذمرين الأوروبيين.
بعض الأميركيين فقدوا بيوتهم خلال الأزمة المالية، ومنهم من رأوا أشغالهم
تذهب هباء الريح، ونصفهم لا يستطيعون دفع أقساط جامعات أبنائهم. وفي كل
أوروبا يسأل الناس وهم يسددون ضرائبهم، إن كانوا سيجنون تقاعدًا مثل آبائهم،
ولا إجابة. وتبقى محنة إيجاد عمل مهمة عصية يتوجب أن تجد لها حلاً بعد أن
طال أمدها.
كثرت الاجتهادات مع وصول ترامب، تعالت أصوات المطالبين في أوروبا بإصلاحات
جذرية قبل فوات الأوان. ثمة إدراك عميق بأن النيوليبرالية وصلت إلى حائط
مسدود، بعد 40 سنة من التغول الرأسمالي. الواحد في المائة من سكان الأرض
الذي يستحوذ على نصف الثروة، لم يعد يحظى بالسماحة السابقة. ترك الأمور على
غاربها، أو التدخل لإشعال الفتن في بلدان يظن أنها بعيدة، وأن بؤساءها
سيموتون كمدًا، في بلدانهم، صار وهمًا قاتلاً.
لا يخطئ اليمين المتطرف حين يتحدث عن ضرورة حل النزاعات المسلحة لمنع
المهاجرين من التوافد، مما يعاب على هؤلاء استغلالهم أزمات مواطنيهم
ومواجعهم، ليروجوا لسياساتهم كبديل سحري، وهو ما ستتبين سرابيته بوقت
قياسي. ما كان يصلح بداية القرن الماضي، بات محالاً بعد الثورة الإلكترونية.
الغرب يتهالك وينسحب تدريجيًا تاركًا فراغًا، وتملأ الصين المساحات الخاوية
بشبكاتها من قطارات وعلاقات تجارية، وجمعيات صداقة وتعلم لغات. الطامحون
إلى ملء الأماكن الشاغرة يتأهبون للانقضاض.
أنجبت العولمة ملياري فرصة عمل، لم تذهب في غالبيتها إلى دول الشمال، بل
إلى شرق آسيا، وهو ما حرم الغرب من استثمار أفكاره على أرضه. لكن «العودة
إلى الوراء، مجرد حلم سيدمر الجميع»، يقول إيريك لوبوشيه. هذا الصحافي
الفرنسي الذي دق ناقوس الخطر، ودعا إلى إعادة بناء الطبقة الوسطى بأقصى
سرعة، مطالبًا الدولة بالكف عن اعتبار المعدومين وحدهم أولويتها، وأن تلتفت
إلى فئة تزداد غليانًا، مما يهدد بفتح أبواب الانتقام الانتخابي على الطريقة
الأميركية.
ليس قبل انتخاب ترامب كما بعده، صاحب كتاب «الطريق إلى القمة» و«فكر
كالأبطال»، له مؤلف «لا تيأس أبدًا»، يروي فيه قصص خسائره المالية الفادحة
ووصوله إلى حدود الإفلاس، قبل أن يخرج منتصرًا على هزائمه. فهل سيخفق ترامب
في الرئاسة قبل أن يصل إلى بر الأمان، أم أنه تعلم الدرس؟
نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.