على مدار أعوام كانت سهرة الأوسكار هي "الليلة المنتظرة" لمحبي وعشاق السينما العالمية في الوطن العربي لقضاء ساعات من الانبهار ومتابعة نجوم هوليود على السجادة الحمراء؛ تعويضا عن الحرمان من متابعة نفس التألق في المهرجانات العربية التي تخرج للعلن على استحياء مع العنصر الثابت الوحيد الذي لم يتغير عليه الزمن لنقل الكواليس في الداخل وهي السيدة "بوسي شلبي". أصابتني حالة من الدهشة عندما وجدت نفسي مضطرة للبحث عن أين تقع قناة الجزيرة علي جهاز "الريسيفر" خاصتي لأشاهد بث مباشر لبداية حفل الأوسكار ووقائع السجادة الحمراء بعد تأكيدات أن الحفل مشفر على قنوات خاصة بينما نتمكن من متابعته من خلال الشاشة القطرية التي أحسبها شاشة إخبارية علي مدار عقود من الزمن، وعلى مضض بحثت عن التردد. وانتقلت إلى القناة الوحيدة المتاحة وتابعت الحدث لدقائق، لكني لم أتمكن من الاستكمال. لا أدري إن كانت هي إحدى العقد النفسية التي يعاني منها حكام قطر تُعد موروثا وعقيدة تنتقل مع انتقال السلطة، فربما كان الجد الأكبر لحاكم قطر لا يمتلك تلفزيونا، وربما كانت الجدة تمنعهم من لعب الكرة، فمنذ أعوام تجد توجهات الجزيرة تسعى لاحتكار كل ما هو ممتع لدى المواطن العربي فبدأت بالكرة التي باتت مشفرة، والآن جاء دور الأوسكار وهو يعد من أكبر الأحداث العالمية متابعة على مدى عصور، وفي المقابل تستمر في بث أخبار سوداء معظمها مغلوط وملفق في محاولة مستمية لتغيب العقول العربية عن سوء النويا القطرية. بالطبع في "البيزنس" تتحدث الدولارات بصوت أعلى، وفي السياسة أيضا، فبرغم أن التشفير هو نظام قائم في العالم أجمع إلا أني أجده في هذه الحاله خارج حدود البيزنس، فهو حالة من حالات فرض السيطرة وإظهار النفوذ فليس هناك من مبرر سوي توجيه رسالة محتواها أنك لن تتمكن من المشاهدة سوى هنا، أو اذهب لتدفع مقابل ما تود مشاهدته، هذا بالنسبة للكرة، بينما في حفل الأوسكار، أعتقد أن الرسالة القطرية كانت مختلفة، فلربما راهنت المشاهد الرافض لوجود الجزيرة في بيته من أمثالي أنك مجبر على توجيه الريموت كنترول إلينا فأنا فقط من أملك ما تريد. وصلت الرسالة، وعن قناعة لم أستطع متابعة حدثي المفضل علي تلك الشاشة، ولم أهتم حتى إن كانت عرضت الحدث مباشرة كما أعلنت أم لا، لن أتابع أي حدث منقول عبر شاشة الجزيرة أيا كانت أهميته، ولن أمنحهم متعة الإحساس بالسيطرة على متطلبات المشاهد واحتكارها، فإن كانت عقدة الاحتكار تسيطر على عقولهم، فليعلموا أن متعة الاستغناء هي أكبر وأشرف، وعلى السادة أباطرة الإعلام والبيزنس في هوليود الشرق أن يخجلوا من أموالهم التي صنعها المشاهد العربي، بينما يقفوا جميعا في حالة من الثبات أمام أوسكار الاستحواذ القطري، علي يقين أن جميعهم سوف ينال شرف أوسكار الاستغناء والاستبعاد على التوالي من على قائمة القنوات على جهاز الريسيفر خاصتي.