تابع العالم الحادث الإرهابي الجبان الذي راح ضحيته 17 ضحية في أيام ثلاثة لم تشهد فرنسا مثلهم منذ عقود طويلة . حادثة ستترك بصمات كثيرة في نواحي عديدة علي المستقبل القريب . 12 ضحية في الهجوم الذي وقع علي الصحيفة شارلي إيبدو . علامات إستفهام كثيرة ستظل مطروحة ولن تجد جوابا بعد مقتل المشتبه فيهم . وبالتأكيد ستسقط تلك الإستفهامات في مجري النسيان وستظل الواقعة ذكري سوداء في العقل العالمي . قصص عديدة أسردت حول الواقعة التي تابعها العالم ولكني في مقالي هذا سأتوقف علي مشهدين فقط إستوقفا عقلي كثيراً . مشهدين كلاهما يطرح نظرة أفقية علي أبعاد الرؤية لحال الجاليتين العربية المسلمة واليهودية والتي ستختلف وتتفاوت وفق القناعات والمعتقدات والثوابت النسبية المعلنة ! تحت سقف من الشكوك المطلقة. المشهد الأول والذي تم سرده ممن عاشوا وشهدوا دقائق إقتحام الجريدة حيث قالوا إن الإرهابيين بعد إقتحامهم الجريدة وسؤالهم عن مديرها الذي كان متواجدا هو وباقي زملاؤه في اليوم الوحيد والتوقيت الوحيد الذي يجتمعون فيه إسبوعياً . توجهوا لقاعة الإجتماع وبادروا بسؤال كل الموجودين عن أسمائهم وفور تعريف كل من الرسامين والصحفيين لنفسه كانوا يقتلوه ! وكأنهم كانوا يتأكدون ! من معرفة أشخاصهم المعروفة بالفعل إعلامياً لكل الفرنسيين والذي لا يمكن جهلها لمن ولد وتربي في فرنسا كحال المشتبه فيهم ؟ وكذلك قولهم للسيدات لا تخافوا فنحن لا نقتل النساء . ولكن فور إعلان إحدي السيدات عن إسمها الذي هو يهودي .. قتلوها لإستكمال مربع الإستفهام والتعجب . وفي نفس المشهد المكمل لذاته دارت أحداث الواقعة اللاحقة في متجر يهودي قتل فيه يهود أربعة . وشهود العيان أوضحوا أن الجاني أطلق النار بعشوائية وقت إقتحامه للمتجر الكاشير الذي لا يرتاده الا اليهود. مشهد ضحاياه يهود يسدل علي ضحايا خمس من الجالية اليهودية وعلي حفل تأبين ضخم في معبد ( النصر ) اليهودي وحضور نتن ياهو تحت عاصفة من الهتافات المؤيدة له من الجالية اليهودية . تعاطف مجتمعي وعالمي مع الضحايا اليهود ونظرة معادة ومكررة لهم في مربع الضحية. المشهد الثاني ومن نفس زاوية الرؤية أثناء إقتحام المجلة عرف أحد الحضور نفسه للقتلة بإسمه مصطفي إوراد والعامل في المجلة كمصحح والدال إسمه علي عروبيته وإسلامه بل وأصله الجزائري حاله حال المشتبه فيهم المعلن عنه . ومع ذلك فقد قتلوه. والشرطي أحمد الدالة ملامحه علي أصوله العربية والذي أشعل مشهد مقتله تعاطف العالم لكونه شرطيا فقط والتغاضي عن كونه عربي أو مسلم ! والشاب لاسانا المالي الأصل المسلم العقيدة الذي أنقذ العشرات في المتجر اليهودي والذي تواضعت الإشارة ببطولته وكتبت ورصدت علي إستحياء . وبعض حوادث الأعتداء علي بعض المساجد والتي قوبلت بنفس الرصد والرفض المستحي الغير معين له تأمين ! أمام التأمينات المدرعة بجنود جيش أمام المعابد والمدارس اليهودية. الجالية اليهودية تمثلت أمام العالم في موقعها المحبب لهم وهو موقع الضحية ، والجالية العربية المسلمة تمثلت أمام العالم في موقعها المعتاد لنا وهو موقع الجاني ، وسوف يسقط النسيان كل الشكوك والتساؤلات اللا منطقية حول الحادث وملابساته ونهايته. وسوف تظل الجاليتان . عالمياً في موقعهما الذي للأسف يصدره واقع معلن ومؤلم تعجزنا معطياته ومدلولاته علي تغييره .