شهد الأسبوع الماضي تطورات متسارعة على الصعيد الدبلوماسي والخارجي، بدءًا من انعقاد القمة المصرية القبرصية اليونانية بالقاهرة والتي بحثت تعزيز سبل التعاون المشترك في مجالات السياحة والطاقة والإسكان، مرورًا بظهور أزمة بين إثيوبيا ومصر على خلفية اتهامات موجهة للأخيرة بأنها تدعم المعارضة بأديس أبابا، وصولًا إلى توتر العلاقات المصرية السعودية، والتي طفت على السطح مؤخرًا. القمة الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان استضافت القاهرة الثلاثاء قمة ثلاثية بين الرئيس عبد الفتاح السيسي وكل من الرئيس القبرصي نيكولاس إنستاسياديس ورئيس وزراء اليونان ألكسيس تسيبراس، وهو الاجتماع الرابع على مستوى القمة بين الدول الثلاث في آخر عامين، وناقش الرؤساء الثلاثة الهجرة غير الشرعية والوضع فى سوريا وليبيا والتعاون الثلاثي في السياحة والنقل والطاقة. واعتمد الرؤساء الثلاثة نتائج اجتماعات لجان التعاون المشتركة في مجالات مكافحة الإرهاب والتعاون العسكري والطاقة والتنسيق الأمني والسياحة والصناعة والشؤون الخارجية، وكان الملف الأبرز الذي ناقشته القمة هو تطوير التنسيق الأمني والاستخباراتي، وجهود مكافحة الإرهاب و"التيارات الإسلامية المتطرفة" في شرق البحر المتوسط، والتعاون العسكري للسيطرة على هذه المنطقة؛ للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية. والملف الثاني الذي ناقشته القمة هو تطوير التعاون في مجال استكشاف الغاز والطاقة بين الدول الثلاث، بما يسمح بتحقيق أقصى استفادة لجميع الأطراف من الغاز الطبيعي المسال، والمشاركة في إنشاء مصانع مشتركة لإنتاج المواد النيتروجينية والأسمدة، والمضي قدمًا في التفاهمات الخاصة باستيراد مصر كميات أكبر من الغاز الطبيعي من قبرص لمصانع تسييلها شمال الدلتا، ومساهمة القبرصيين في استكشاف حقول الغاز المصري في شمال المنطقة الاقتصادية البحرية لمصر المتاخمة للمنطقة الاقتصادية القبرصية. أما الملف الثالث فيخص مصر واليونان فقط، وهو التباحث حول اعتماد الترسيم النهائي للحدود البحرية والمناطق الاقتصادية الخالصة بين الدولتين، حيث من المتوقع أن توقعا على الاتفاقية النهائية بهذا الشأن قبل نهاية العام الحالي؛ وذلك لتتمكن كل دولة من مباشرة نشاط التنقيب على الغاز والنفط في منطقتها الخاصة من خلال التعاقدات التي تبرمها مع الشركات الكبرى المتخصصة في هذا المجال، والملف الرابع هو بحث إنشاء منطقة صناعية حرة لليونان في مصر؛ للمساهمة في إنعاش الاستثمارات بمصر، وتحسين النشاط الاقتصادي لرجال الأعمال اليونانيين. إثيوبيا ومصر بينما اتهمت إثيوبيا علانية القاهرة ولأول مرة بدعمها لجماعات إرهابية، وقفت مصر تشير إلى وجود أطراف تسعى للوقيعة بين البلدين حسب تصريحات المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية. وتعود الأزمة المصرية الإثيوبية الأخيرة إلى استدعاء السفير المصري في أديس أبابا، أبو بكر حفني، للتشاور معه بشأن مزاعم دعم القاهرة لجبهة تحرير "الأورومو"، وتحدث وزير الخارجية الإثيوبي إلى السفير المصري بعد انتشار تسجيل مصور على الإنترنت يظهر أعضاء في جبهة التحرير "أورومو" المحظورة على المسرح بجانب مصريين، حسبما قال التليفزيون الإثيوبي، فيما وضح السفير المصري أن القاهرة لا تدعم المعارضة، وأنها لا علاقة لها بالأشخاص الذين ظهروا في الفيديو. ورغم ذلك لم تتوقف إثيوبيا، بل اتهمت مصر وإريتريا بتمويل جماعة "الأورمو"، حيث قال جيتاتشو رضا – المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية – في مؤتمر صحفي بعد إعلان فرض حالة الطوارئ في البلاد: "هناك دول متورطة بشكل مباشر في تسليح تلك العناصر وتمويلها وتدريبها"، وذكر المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية أن إريتريا لها نزاع حدودي قديم مع إثيوبيا، كما أن مصر تخوض مفاوضات عصيبة معها بشأن اقتسام مياه النيل وحل أزمة سد النهضة، ووصفهما بمصدرين لدعم "العصابات المسلحة"، لكنه قال إن من المحتمل أن تلك العناصر التي تؤيد المسلحين في الداخل تعمل دون دعم حكومي رسمي، وليست "أطرافًا رسمية". بدوره رد السيسي على هذا الاتهام، مؤكدًا أن مصر لا تتآمر على أحد، ولا تقوم بدعم أي فصيل أو تيار من أجل إحداث أى نوع من القلاقل داخل القطر الإثيوبي، مضيفًا: عندما توليت المهمة، قلت للأشقاء في إثيوبيا دعونا نتفق لنبدأ صفحة جديدة، وأنتم تعملون على الحفاظ على مصالحكم، ونحن نعمل للحفاظ على حقنا التاريخي في مياه نهر النيل؛ لأن التعاون هو أفضل شيء. وشدد السيسي قائلًا "مصر لا تتآمر على أحد، ولا نضغط على أحد من خلال دعم أي معارضة، وعندما زرت البرلمان الإثيوبي قلت لهم لقد اخترنا التعاون وليس المواجهة، وأنا أتحمل المسؤولية في انتهاج سياسة التعاون والسلام أمام المصريين والإثيوبيين، وأرجو أن تصل رسالتي هذه للأشقاء في إثيوبيا". في المقابل خرجت الكثير من التقارير التي تؤكد أن أديس أبابا تفتعل أزمة مع مصر؛ لإحراجها أمام المجتمع الدولي بأنها تدعم الفوضى في أديس أبابا؛ في محاولة لعرقلة التنمية واكتساب بعض النقاط فيما يخص المفاوضات الخاصة بسد النهضة، وخرج الناشط أيمن عامر، صاحب فيديو الأزمة بين مصر وإثيوبيا على الساحة الإعلامية، وأكد أن ما حدث هو أنه تم دعوته بصفته صحفيًّا للاحتفال بالعيد القومي لشعب الأورومو في إثيوبيا وذلك في يناير الماضي، مؤكدًا أنه حضر المؤتمر بصفته الشخصية، بعدما استطاع تكوين صداقات مع بعض اللاجئين الإثيوبيين في القاهرة، وصعد حينها للمنصة بعدما طالبه الحضور بإلقاء كلمة للتضامن مع حقوق شعب الأورومو، ولفت إلى أن النظام الإثيوبي أذاع الفيديو القديم بعد التقارب المصري السوداني الذي سيشكل خطرًا على استكمال سد النهضة. خلافات مصرية سعودية تزايدت فجوة الخلاف السياسي بين مصر والسعودية، حول ملفات إقليمية، حتى ظهرت للعلن مع إعلان الرياض استياءها من تصويت القاهرة أخيرًا في مجلس الأمن لصالح مشروع قرار روسي، ووقف شركة أرامكو السعودية إمدادات البترول إلى مصر. وانتقد مندوب السعودية في مجلس الأمن عبد الله المعلمي تصويت القاهرة على القرار، وقال بعد عملية التصويت إنه "من المؤلم" أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى موقف المندوب المصري، حيال مشروع القرار الروسي، ويعد هذا أول انتقاد سعودي علني وصريح للسياسة المصرية. وبعد يومين من تصويت مصر، أعلن المتحدث باسم وزارة البترول المصرية حمدي عبد العزيز أن "شركة أرامكو السعودية أبلغت الهيئة العامة للبترول شفهيًّا مطلع الشهر الجاري بوقف إمدادات البترول لشهر أكتوبر دون إبداء أي أسباب"، وعلى الرغم من تأكيد عبد العزيز أن "أرامكو أبلغتنا بالأمر قبل جلسة مجلس الأمن، وأن الأمر تجاري وليس سياسيًّا"، إلا أن القرار يبرز توترًا واضحًا في العلاقات. ويبدي المراقبون اعتقادهم بأن "أمورًا سياسية" تقف خلف قرار أرامكو، حيث يقول الباحث في مركز الأهرام الاستراتيحي حسن أبو طالب: لا يجب أن تكون هناك شروط في العلاقات المصرية السعودية، وأشار باحثون آخرون إلى أنه لا توجد مشكلة فنية في الشركة السعودية، ولم نسمع عن أي وقف مماثل من أرامكو لدول أخرى". وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن القرار المصري مستقل، وتصويت القاهرة في الأممالمتحدة لصالح مشروع القرار الروسى يتفق مع منهجها، مؤكدًا أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومي، وأضاف في رسالة إلى بعض منتقدي القرارات المصرية من الخليج، أن قرار مصر مستقل يعتمد على أبجديات سياستها الخارجية منذ القدم، بأننا لن نكون تابعين لأحد، لكنه أوضح أن قرار وقف مد البترول لمصر خلال شهر أكتوبر ليس مرتبطًا بقرار مصر فى مجلس الأمن الخاص بالقضية السورية.