لقى العشرات مصرعهم أمس، جراء غرق مركب هجرة غير شرعية خرجت من منطقة برج مغيزل بمحافظة كفر الشيخ، كان متجها إلى أوروبا عبر سواحل البحر المتوسط، وجاء الحادث المأسوي بعد ساعات على خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الهجرة غير الشرعية، فيما يبدو أنه كان نذير شؤم عليهم. وخلال الشهر الحالي، أعلن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية، عن ضبط أكثر من ألف شخص يحاولون الهجرة بطريقة غير شرعية الأسبوع الماضي، مؤكدا قوات حرس الحدود ضبطت 440 شخصا من جنسيات مختلفة، بالإضافة إلى ضبط 390 آخرين مطلع الشهر الحالي. وتحتل السواحل المصرية المركز الثاني على مستوى إفريقيا في تصدير الهجرة غير الشرعية إلى دول أوروبا، وتأتي ليبيا في المركز الأول؛ نظرا لقربها الجغرافي من السواحل الإيطالية، وفقا لما صرحت به وزارة الخارجية الألمانية الشهر الماضي. قال الدكتور وحيد عبد المجيد، أستاذ العلوم السياسية، إن الأوضاع الاقتصادية والظروف التي تمر بها الدولة تساعد على ارتفاع أعداد المهاجرين، كما أن الصراعات الموجودة في ليبيا وجهت الدفة بشكل كبير نحو مصر كمعبر للمسافرين، مضيفا أن ارتفاع الأسعار وزيادة نسبة التضخم، أمور رئيسية دفعت الشباب إلى التفكير فقط في السفر، سواء كان بعقود عمل أو عن طريقة الهجرة غير الشرعية، دون النظر للمخاطر، التي غلابا ما تصل بهم إلى الوفاة. وأوضح أحمد بدوي، الباحث في شؤون اللاجئين، أن مصر تعتبر محطة استراتيجية للهجرة غير الشرعية؛ حيث تستخدم "محطة ترانزيت" للمهاجرين غير الشرعيين المتجهين إلي أوروبا، لافتا إلى صعوبة تحديد نسبة المهاجرين عبر السواحل المصرية، التي تستقبل الآلاف سنويا نظرا لموقعها الجغرافي. وتابع بدوي ل«البديل»: «إقبال المهاجرين على السفر عبر السواحل المصرية يزيد بعد تداول أخبار عن وصول وفود إلي السواحل الأوروبية واستقبال الحكومات هناك الاجئين وتوفير فرص عمل ومساكن لهم»، مؤكدا أن ملف الهجرة غير الشرعية يحتاج إلي المزيد من الجهود، سواء من جانب المجتمع المدني والمنظمات المختصة أو من جانب الحكومة. وأعرب النائب أشرف عثمان، عن بالغ مواساته وتعازيه لأسر ضحايا المركب الغارق الذي أودى بحياة أكثر من 43 شخصا، في محاولة للهجرة، مضيفا أن كوارث الهجرة غير الشرعية تزايدت إلى درجة غير مقبولة خلال السنوات الماضية، مطالبا الحكومة بالبحث في أسباب اتجاه الشباب إلى التضحية بأرواحهم في رحلة غر مأمونة العواقب بحثا عن فرصة عمل بالخارج. كما طالب الحكومة أيضا بضرورة التوقف أمام الحادث وفحصه من مختلف الجوانب الأمنية والاجتماعية والاقتصادية؛ لتحديد الجناة والذين يستغلون حاجة الشباب للسفر والحصول على فرصة عمل جيدة فيدفعون بهم إلى طريق الموت، وخصوصا في المحافظات الساحلية حتى تتوقف كل هذه المآسي.