بالأرقام.. نتيجة انتخابات نقابة أطباء أسوان    عاجل أسعار الذهب تطير وعيار 21 يرقص فوق 5 آلاف جنيه    رئيس الوزراء يتفقد مصنع "تي آند سي" للملابس الجاهزة بالقليوبية.. ويوجه بدعم التوسع في الإنتاج والتصدير    «المشاط» تبحث مع المفوض الأوروبي للبيئة تعزيز التحول الأخضر وتطورات برنامج «نُوفّي»    "المصريين الأحرار": تقرير"ستاندرد آند بورز" شهادة ثقة لتصنيف مصر الائتماني    عاجل - عودة النازحين لشارع الرشيد بغزة لليوم الثاني على التوالي    تقرير| السيسي يعيد التوازن للشرق الأوسط.. ومصر تصنع السلام في غزة    عاجل- الدفاع المدني في غزة: 9500 مواطن ما زالوا في عداد المفقودين    معهد فلسطين: اتفاق شرم الشيخ يعكس انتصار الدبلوماسية العربية ومرحلة جديدة من الواقعية الدولية    ارتفاع عدد ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في المكسيك إلى 27 قتيلا    الرباعة سارة سمير بعد التتويج بثلاث فضيات ببطولة العالم: دايمًا فخورة إني بمثل مصر    قائمة الخطيب تواصل جولاتها الانتخابية في الأهلي    مصرع شخصين في حادث تصادم أتوبيس وسيارة بطريق أبوسمبل السياحي بأسوان    إحالة أوراق المتهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة إلى مفتي الجمهورية    الأرصاد: تكاثر السحب بالسواحل الشمالية والوجه البحري وفرص لسقوط أمطار    «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بين قائدي سيارتين بالإسكندرية بسبب أولوية المرور    عاجل - إحالة سوزى الأردنية للمحكمة الاقتصادية بتهمة نشر فيديوهات خادشة    الجالى: فوز العنانى باليونسكو يجسد قوة مصر الناعمة ويعبر عن الجمهورية الجديدة    لحظة عقد قران إيناس الدغيدي.. وزغرودة من بوسي شلبي وهالة صدقي (صور)    إيهاب فهمي: تشرفت بأن تحمل الدورة الثالثة لمهرجان الطفل العربي اسمي| فيديو    اليوم العالمى للفتاة.. بنات 4 أبراج تتمتع بشخصية قوية وقيادية    100 ألف دولار لكل فائز.. فتح باب الترشح لجائزة الإيسيسكو حمدان لتطوير المنشآت التربوية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    منها وجبات اقتصادية.. 7 أطعمة تدعم الذاكرة وصحة المخ    حان وقت تغيير ساعتك.. كيف تواجه تحديات التوقيت الشتوي؟    ما إنفلونزا المعدة؟.. الأعراض وطرق الوقاية من العدوى الفيروسية الأكثر شيوعًا    ضبط 6 آلاف كيس عصير مجهول المصدر ومخازن دقيق وسجائر مهربة خلال حملة تموينية بالغربية    يتزعمه زوجان.. ضبط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المنازل بالعاشر من رمضان    «حظر جوي وعملاء ل الموساد داخل الملعب».. توترات سياسية تزين مباراة النرويج وإسرائيل    تقارير: نجم ريال مدريد مهدد بالغياب عن مباراة برشلونة    موعد مباراة الزمالك وديكيداها الصومالي بالكونفدالية    مطالبة بإلزام الاحتلال تعويض عمال فلسطين.. «العمل العربية»: إعادة إعمار غزّة أولويةٌ ملحّة (تفاصيل)    هدوء في اليوم ال4 للترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 بالمنيا    قبل طرحه على نتفليكس.. مهرجان الجونة السينمائي يعرض فيلم فرانكشتاين في دورته الثامنة    اكتشاف قلعة عسكرية جديدة من عصر الدولة الحديثة على طريق حورس الحربي بسيناء    «التضامن» تبحث مع مدير مشروع تكافؤ الفرص «EOSD» بالوكالة الألمانية دعم مشروعات الحماية الاجتماعية    آخرهم توروب.. 13 مدربا للأهلي في عهد محمود الخطيب    مباراة العراق ضد إندونيسيا في تصفيات كأس العالم.. الموعد والقنوات الناقلة    إحالة أوراق عامل ونجله لمفتي الجمهورية لقتلهما شابا في قنا    فرق عمل لمتابعة أداء المستشفيات الحكومية والتعليمية والطوارئ في الشرقية    انتخابات النواب: رقمنة كاملة لبيانات المرشحين وبث مباشر لمتابعة تلقى الأوراق    العرفاوي: الدوري المصري قوي.. و"الجزيري" كلمة السر في تجربة غزل المحلة    7 معلومات لا تعرفها عن جون لودج مغنى فرقة ذا مودى بلوز بعد وفاته    عاجل- رئيس الوزراء يتفقد عددًا من المشروعات التنموية بمحافظة القليوبية    الرعاية الصحية: تعزيز منظومة الأمان الدوائي ركيزة أساسية للارتقاء بالجودة    رئيس جامعة السويس: إدراج الجامعات في تصنيف التايمز العالمي يعكس تطور التعليم    وكيل وزارة الزراعة بالقليوبية يتفقد عددا من أماكن تجميع قش الأرز    ترامب يغادر مساء الأحد لزيارة مصر وإسرائيل لحضور توقيع اتفاق شرم الشيخ    الموعد الرسمي لبدء تطبيق التوقيت الشتوي 2025 وإلغاء الصيفي.. وطريقة تغيير الساعة على الموبايل    فرنسا ضد أذربيجان.. مبابي يغادر معسكر الديوك بسبب الإصابة    «القومي للطفولة والأمومة»: تمكين الفتيات في التعليم والصحة استثمار في مستقبل الوطن    مواقيت الصلاه اليوم السبت 11اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    أسعار الدولار اليوم السبت 11 أكتوبر 2025.. وصل لكام؟    الجمعية المصرية للأدباء والفنانين تحتفل بذكرى نصر أكتوبر في حدث استثنائي    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 11 أكتوبر 2025    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وفتح قفص الأسد.. نكبة بغداد (5)
نشر في البديل يوم 21 - 08 - 2016

وقد اتفق المؤرخون على وقوع مذابح ببغداد عندما وطأها المغول، وإن اختلفت رواياتهم حولها. وفقًا لرواية ابن كثير في "البداية والنهاية" (ج17، ص360) "فلمَّا قدم هولاكوقان، وتهيب من قتل الخليفة، هون عليه الوزيران ذلك، فقتلوه رفسًا وهو في جُوالق، وقيل: بل خُنِق. ويقال: بل غُرِّق. ومالوا على البلد، فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان، ودخل كثير من الناس في الآبار وأماكن الحشوش، وقني الوسخ، وكمنوا كذلك أيامًا لا يظهرون،…….ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى، ومن التجأ إليهم، وإلى دار الوزير ابن العلقمي الرافضي، وطائفة من التجار أخذوا لهم أمانًا، بذلوا عليه أموالًا جزيلة حتى سلِموا وسلِمت أموالهم. وعادت بغداد بعد أن كانت آنس المدن كلها كأنها خراب ليس فيها إلا القليل من الناس، وهم في خوف وجوع وذلة وقلة"أه.
فهل نجا أهل الذمة كما ذكر ابن كثير؟، وقد كانت زوجة هولاكو المقربة نصرانية، وقد اُدعيّ أنها هي من حرَّضته على مذابحه ضد المسلمين. وقد ذكر بعض المؤرخين كابن الفوطي أن هولاكو قد أمر بحراسة بيوت النصارى ببغداد وقت النكبة، فنجوا ونجا من التجأ إليهم من المسلمين، كما فتح المتهم بالخيانة الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي داره لكل من طلب أن يُستأمن فيها، وكذلك أُمِّنت دار ابن الدامغاني صاحب الديوان، ودار ابن الدوامي حاجب باب النوبي، ودور بعض كبار التجار. لكن هل ابن العلقمي يعنيه نجاة أهل الذمة أم المسلمين، وبالأخصّ الشيعة، ليكون له صلة بنجاتهم؟، وفقًا لرواية ابن كثير، فهو لا يُنكر أن الشيعة قد أُعمِلت فيهم سيوف التتار، فنُكِبوا كما نُكِب السُنة. فكيف لم يتوقف أحد من مروجيّ نظرية خيانة ابن العلقمي عند قتل الشيعة في بغداد؟؟!!، وظلوا يكررون نفس المبرر ببلاهة، أن ابن العلقمي دعا هولاكو إلى بغداد انتقامًا للشيعة، ورغبة في نشر مذهب الشيعة، ورغبة في استخلاف شيعي، وفي النهاية قُتِل الشيعة، عندما فُتح القفص للأسد!!. أما ابن العبري فيذكر في "تاريخ مختصر الدول" (ص474) "أمر هولاكو أن يكتبوا على السهام بالعربية: إن الأركاونية والعلويين والداذنشمدية، وبالجملة كل من لم يُقاتِل فهو آمن على نفسه وحريمه وأمواله. وكانوا يرمونها إلى المدينة"أه. والأركاونية كلمة يونانية تشير إلى أتباع أركون ومعناه الدهقان العظيم، وغالبًا يقصد بهم المسيحيين.
ومما يُدلل به مروجو خيانة ابن العلقمي هو نجاته من الذبح، فهل نجاة ابن العلقمي دليل على خيانته؟، وهل قائد محنك مثل هولاكو يمكن أن يثق في وزير قد خان مولاه؟، وهل يعتقد عاقل بهذا؟، وقد رد ابن الطقطقا في "الفخري" (ص338) على هذا الاتهام، قال: "ونسبه الناس –أي ابن العلقمي- إلى أنّه خامر، وليس ذلك بصحيح. ومن أقوى الأدلّة على عدم مخامرته: سلامته في هذه الدولة؛ فإنّ السلطان هولاكو لمّا فتح بغداد وقتل الخليفة سلّم البلد إلى الوزير، وأحسن إليه وحكّمه, فلو كان قد خامر على الخليفة لَما وقع الوثوق إليه"أه. وأقول: والأمثلة في المقابل على قتل هولاكو لكل خائن تعاون معه كثيرة. فهولاكو كان يقتل صنفين من الناس: الخونة والمتكبرين عليه.
ويتفق مع ابن الطقطقا، د.مصطفى جواد في مقاله عن قضية ابن العلقمي، في مجلة "الرسالة" سنة 1935، يقول: "ولو كان ابن العلقمي قد خان المستعصم، ومالأ هولاكو عليه، لخشي هولاكو غدره، وخاف خيانته، ولم يوله الوزارة الإقليمية، فإنه لما رحل عن بغداد عائدًا إلى بلاده فوَّض أمرها إلى الأمير علي بهادر، وجعله شحنة بها، وإلى الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي، وصاحب الديوان فخر الدين ابن الدامغاني، ونجم الدين أحمد بن عمران الباجسري، ونجم الدين عبد الغني بن الدرنوس، وشرف الدين العلوي المعروف بالطويل، فتوفى ابن العلقمي بعد فتح بغداد بثلاثة أشهر، وذلك في مستهل جمادى الآخرة، فأمر هولاكو أن يكون ابنه عز الدين أبو الفضل وزيرًا بعده. ولقائل أن يقول: إن الخيانة أنالته الوزارة الإقليمية فنقول له: قد قيل هذا، وزُعم أن هولاكو قتله لخيانته، وقال له: "إنا لا نأمنك وقد خنت خليفتك"، ولقد كان هولاكو حذرًا من الخونة، مسارعًا إلى سفك الدماء، فهو إن لم يكن حرّيًا أن يقتله -على ظن خيانته- فإنه يطرحه ويستذله، فلا يوليه من ملكه شيئًا، وأن مؤرخًا يبتدع قتل هولاكو لابن العلقمي لسهلٌ عليه أن يُخوَّنه ويُفجرَّه ويسند إليه ما يشاء، ولكن الحق غير ذلك"أه.
وأقول، أي خليفة هذا الذي ترقص بين يديه الجواري وعاصمة ملكه محاصرة، بل ودار الخلافة محاصرة. وقد وصفه ابن كثير في "البداية والنهاية" (ج17، ص366) بأنه "كان فيه لين وعدم تيقظ ومحبة للمال وجمعه". ويكاد يكون ثابتًا لدى جميع المؤرخين في وصفه أنه محب للمال والطرب واللهو. أما عدم التيقظ فالأصح تسميته عدم عقل. وقد نتفق أو نختلف على صحة تصرفات الخليفة من حيث عدم إمداده هولاكو بالجند لمقاتلة الحشاشين، أو رده على رسالة التهديد من هولاكو، وغيرها من التصرفات، وقد يرى البعض أن الخليفة كان محقًا فيما فعل؛ فكيف يأمن الخليفة أن يهدم التحصينات ويردم الخنادق مثلما طلب هولاكو، بل وحتى لو نزل خليفة المسلمين –وهو من هو- على طاعته مثلما فعل ملك النزاريين، وأي مذلة في هذا، فربما كان ليغدر بالخليفة بعد أن يؤمِّنه حتى لو استمع الخليفة لنصيحة ابن العلقمي بالتلطف معه وإهدائه الهدايا الثمينة. وربما كانت النصيحة الأوفق، والتي كانت ستكتب له إن مات أن يموت بشرف، هي النصيحة بتجييش الجند، والاستعداد للقتال، ثم القتال بشرف، بدلًا من أن يُضطر للاستسلام المهين، ثم يُسلِّم نفسه للقتل. وينبغي مع ذلك الإقرار أن الخليفة كان يفتقد إلى الكياسة وحصافة الرأي اللازمين لمحاولة تجاوز أمثال هذه المواقف الصِعاب، وأن ابن العلقمي إن كان بالإمكان تدارك الأمر قد نصح للخليفة، وإن كان ليس بالإمكان دفع البلاء، وكان واقعًا لا محالة، فليس له ناقة ولا جمل.
ما يجب علينا كسُنة الاعتراف به، أنه وفقًا لرواية الهمذاني المفصلة للأحداث –وقد رويت جزءً منها والشرح يطول-، وهو من أرخّ تفصيليًا لتاريخ المغول؛ والتي تدعمها روايات ابن الطقطقا وابن العبري وابن الفوطي وغيرهم، فاتهام ابن العلقمي وتحميله وزر سقوط بغداد هو من المغالطات التاريخية التي أظن أنه لا يحملنا عليها كسُنة إلا التعصب. وقد بحثت في سيرة ابن العلقمي قبل الوزارة فوجدت أنه كان أستاذ دار الخلافة، وكان المتولي لعمارة المدرسة المستنصرية التي وُقفت لتدريس المذاهب السُنية الأربعة، وأشرف على عمارتها كأعظم ما يكون الإشراف، حتى وُصفت بأنه لم تُبن مدرسة قبلها مثلها.
وقد يدعي أحدهم –وأعني السلفية- أن الهمذاني مؤرخ المغول، على الأخصّ، قد تعمد تبرئة ابن العلقمي، ولم يكن منصفًا فيما كتبه، وأقول أما فيما يخص تعمد تبرئته لابن العلقمي، فلا مبرر له، ولم يُعرف عن الهمذاني محاباة الشيعة، بل كان هو من تآمر على نقيب الأشراف ببغداد تاج الدين أبو الفضل محمد، وسعى في قتله، وذُبِح معه ابناه، والقصة مذكورة في مقدمة تحقيق كتابه (م2 ج1، ص31: 33). وقد شهد له المستشرقون المحققون (ص95) له بأن "هذا الكتاب القدير قد جمع بين التوفيق في تحري الصدق وموهبة الملاحظة"أه. ويضيف المحقق (ص96) "في وسع العرب والفرس والمغول أن يجدوا في مؤلف رشيد الدين منبعًا فياضًا لأقوم الوثائق، وإننا أيضًا نستطيع أن نغترف منه طائفة كبيرة من المعلومات لا نجدها في سواه"أه. وأقول: إن ما كتبه الهمذاني تتضح فيه الموضوعية، وكثير منه لو وضع أمام عينيه إرضاء سلاطين المغول ما كتبه، بل كان ليكتب عكسه، فليس مما يُرضي هولاكو إظهار رسل الخليفة متبجحين عليه غير مبالين بهيبته، كما أنه أورد تفاصيل دقيقة كعادة المؤرخين مع الأحداث الجِسام، فأورد أحداثًا وأثبت روايات، وأثبت أسماء، وما دار في المراسلات، وتاريخ كل حدث، وتعمد عدم التعليق برأيه في أغلب المواضع، بل ترك القاريء ليتبين حقيقة ما يحدث، وكل تلك التفاصيل التي ذكرها فأسرف فيها الهمذاني غابت مثيلاتها عند من أرَّخوا لنكبة بغداد ممن روجوا الاتهامات بالخيانة لابن العلقمي من باب الرجم بالغيب، لأنه الشيعي الوحيد الذي كان في بلاط الخليفة.
وبما أن التفاصيل التي سبقت النكبة قد بلغتنا عن طريق الهمذاني وغيره، والتفاصيل التي حدثت في بغداد أثناء النكبة قد بلغتنا عن طريق الفوطي، وهو شاهد عين، وغير متهم بالانحياز لابن العلقمي، كونه حنبليًا، فينبغي أن نكف عن اتهام ابن العلقمي لمجرد أن خبرًا قد طيَّره بعض من نجا من النكبة بأنه شُوهد يركب حمارًا بعد النكبة، وهذا ليس شاهدًا على شيء سوى أن المغول قد احتقروه، وليس له شأن عندهم، ومثله في هذا مثل كل العرب، فلم ير مؤرخونا في الخبر سوى دليل على خيانته، وأنه مات همًا وكمدًا بعدها، فإن كان قد مات كمدًا فلا يلزم منه كونه خائنًا متآمرًا، وإن كان قد مات بالطاعون فلم يكن وحيد عصره، ولا دليل على خيانته إلا أوهامنا وتعصبنا.
لكن أيضًا، هناك في رواية الهمذاني وابن الفوطي للأحداث التي صاحبت وتلت سقوط بغداد ما يشير إلى مهادنة واستسلام تامين من الشيعة للتتار في المدن المحيطة ببغداد، وهي إشارات لا ينبغي إهمالها، فأهل الحِلَّة التمسوا من هولاكو أن يعين لهم شحنة، ثم استقبلوا جند المغول لمَّا اقتربوا من المدينة، بأن أقاموا جسرًا على الفرات، وأقاموا الأفراح ابتهاجًا بقدومهم، حتى أن التتار قد تجاوزوا المدينة اطمئنانًا لأهلها، وكان الخليفة المستنجد العباسي قد أمر بإهلاك بني أسد، أهل الحلة، فقُتِل منهم أربعة آلاف قتيل، قبل نكبة بغداد بقرن. وكذلك طلب أهل الكوفة شحنة، وبذلوا الأموال لهولاكو. كما التمس أحد الأمراء إرسال جند إلى النجف لحفظ المشهد المنسوب لسيدنا علي بن أبي طالب. وأقول: قد يكون هذا خوفًا من أهل تلك المدن على حياتهم من أن يلقوا مصير أهل بغداد، لكن هذه التصرفات ربما كانت سببًا في التشنيع الذي طال الشيعة بعد ذلك من قِبَل السُنة بأنهم تآمروا مع التتار لإسقاط خلافة بني العباس.
فهل عرفنا بعد كل هذه القرون، من هو المسؤول عن فتح قفص الأسد؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.