انتاب مزارعو الياسمين بمحافظة الغربية حالة غضب شديدة؛ بسبب تحكم أصحاب المصانع في أسعار زهرة الياسمين، ورفضهم تسعير الكيلو جرام منها إلا بعد الحصاد والبيع إلى مختلف دول العالم. وتعتبر قرى مركز قطور بمحافظة الغربية الأكبر على مستوى الجمهورية فى زراعة النباتات الطبية والعطرية العالمية، خاصة زهور الياسمين، وتبلغ المساحة المنزرعة من هذه النباتات في مركزي قطور وبسيون حوالي ألفي و180 فدانا، و60% من ساكنى الأهالي يعملون في المجال، ويوجد نحو 15 مصنعًا لتعبئة العطور، منها 9 في قطور و6 في بسيون، وتبلغ إنتاجية محصول الفدان من 4 إلى 5 أطنان سنويا، يستخرج المصنع 2 كيلو زيوت من كل طن زهور. وتنتج قرى «شبرا بلولة، وسعدون، وصرد، والشين» بمركز قطور، وقريتي «أبو حمر، وكتامة» بمركز بسيون نحو50 % من احتياجات العالم من الزيوت العطرية، خاصة عجينة وزيت الياسمين التى تستوردها دول فرنسا وأمريكا وسويسرا واليابان. وقال عمرو الشيخ، المتحدث باسم المزارعين في قرية شبرا بلولة، إن المزارعين يعانون من أصحاب المصانع؛ بسبب تحكمهم في أسعار زهرة الياسمين، ورفضهم تسعير الكيلو جرام منها إلا بعد الحصاد والبيع إلى مختلف دول العالم. وأكد أحمد لاشين، مزارع من قرية صرد، أن أصحاب المصانع يستغلون احتياج الفلاحين والمزارعين الغلابة، ويعطونهم مبالغ صغيرة، وهى معاناة يعيشون فيها منذ سنوات، مضيفا أن أصحاب المصانع يعدون الفلاحين كل عام بزيادة السعر في العام التالي، دون تنفيذ على أرض الواقع، ويصر أصحاب المصانع على شراء الكليو جرام من الياسمين ب14 جنيهًا، وهو ثمن بخس للغاية مقارنة بالأسعار الحقيقية. وأوضح علي البحراوي، مزارع من قرية أبو حمر، أن طن الزهرة يستخرج منه نحو 3 كيلو جرامات عجينة عطر الياسمين، سعر الكيلو جرام يتخطى ال3 آلاف دولار، مؤكدا أن هذه الثمرة تدر دخلا إلى مصر شهريًا قرابة المليون دولار، لكن يسيطر عليها مجموعة معينة من الأشخاص، بينما لا يحصل الفلاح وصاحب الأرض إلا على «تلف الزهرة»، بالإضافة إلى تدهور الحالة الصحية لمزارعي الياسمين، وإصابة أكثر من 5 آلاف شخص بأمراض الربو والحساسية وأنواع من الأورام السرطانية. وأشار محمود شحاتة، مزارع بقرية كتامة، إلى أن الفدان يتكلف فى زراعته نحو 20 ألف جنيه سنويا، فيما يدر ربحا يتجاوز ال40 ألفا، وأصحاب المصانع لا يرحمون المزارعين، موضحا أن عملية الإنتاج تستمر نحو ستة أشهر أو تزيد قليلا من جنى الزهور يوميا، تبدأ من منتصف شهر مايو إلى منتصف ديسمبر. وأضاف شحاتة ل«البديل» أن المحصول فى سنته الأولى لا يعطى إنتاجا غزيرا، لكن الكثافة الإنتاجية تبدأ من العام الثاني، فمع الرعاية والاهتمام بالأرض يصل الإنتاج إلى نحو 120 كيلو للفدان يوميا، ويفضل الجمع فى الصباح الباكر ويستمر إلى ما بعد العاشرة صباحا بحد أقصى، مطالبا بسعر عادل للفلاح، يتم تحديده قبل فترة الحصاد، بالإضافة إلى دعم الحكومة للمزارعين فى إنشاء شركة مساهمة لإنتاج وتخليص عطر الياسمين من الزهرة. على الجانب الآخر، قال أحمد البنا، صاحب مصنع عطور، إنهم يعانون مثل المزارعين تماما، وإن صناعة العطور مكلفة جدا، نافيا تحكمهم فى الأسعار وعملية شراء الزهرة، لكنهم يعانون جميعا من الظروف الاقتصادية الصعبة، التي أدت إلى تراجع صناعة الزيوت العطرية. ولفت البنا إلى معاناة أصحاب المصانع والمجمعات من عدة مشاكل، أهمها أن بعض المصانع قديمة وتقليدية، بجانب بعد المصانع عن الأراضي المزروعة بزهور الياسمين، وتعرض الزهور للشوائب والأتربة والفطريات يقلل نسبة الزيوت المستخلصة، مع ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج المستوردة بسبب سعر العملة، والمتحكمة في 50% من المنتج، فضلا عن تعطيل خطوط الإنتاج المحلية بسبب تعقيدات حكومية، مشيرا إلى وجود مصانع عشوائية تعمل دون رخصة، وتغش المنتجات، ما أدي إلى تراجع التصدير، مع عدم وجود دعم من الدولة للنهوض بهذه الصناعة.