يواجه سوق الدواء أزمة اختفاء أصناف عديدة ومهمة تؤثر على حياة المرضى، علي رأسها «اندوكسان» الذي يستخدم كعلاج أساسي لمرضي الأورام، و«ار اتش» التي تحقن بها السيدات بعد الولادة لحماية الأم والجنين من التشوهات، بالإضافة إلى حقن الصبغات. إلى جانب عقارات القلب والضغط. أزمة اختفاء بعض الأدوية من السوق لها عدة أسباب، أبرزها ارتفاع سعر الدولار الذي تجاوز ال12 جنيها، ما ضاعف أسعار المادة الخام التي نستورد حوالي 95% منها، بالإضافة إلى انتشار مافيا الأدوية وانتعاش السوق السوداء، والكارثة الأكبر أن المسؤولين عن لجنة السياسات الدوائية التابعة لوزارة الصحة، ليسوا متخصصين في مجال الأدوية ويفتقدون الخبرة المناسبة التي تؤهلهم لمعرفة ما يحتاجه السوق المصري. وأكد مسؤول بوزارة الصحة أن أزمة نواقص الأدوية تفاقمت؛ لتصل إلى بعض أدوية مشتقات الدم، وعقارات الأورام التي يتم استيرادها من الخارج؛ لعدم توفير العملة الصعبة من الدولار لاستيرادها، ومنها «الألبومين البشري» الذى يُستخدم فى عمليات الغسيل الكلوي، بالإضافة إلى أدوية التجلط لمرضى الهيموفيليا، وأدوية الهيموجلوبين لمرضى نقص المناعة. وأضاف المصدر – الذي فضل عدم ذكر اسمه- أن الشركات المنتجة والمستوردة لهذه المستحضرات خاطبت وزارة الصحة للتدخل وتوفير الدولار، وأن الوزارة تواصلت مع البنك المركزي، لكنه عجز عن تدبير المبالغ المطلوبة، ما ينذر بأزمة كبيرة خلال الفترة المقبلة. وأوضح أن البنك المركزي يتعاون مع وزارة الصحة فى حدود إمكاناته؛ لأن الأمر يتطلب وضع «سياسة عليا»، بحسب وصفه، خلال الفترة المقبلة، تقضى بوقف استيراد السلع غير الأساسية لفترة محدودة لحين توفير العملة الصعبة اللازمة لاستيراد الأدوية، متابعا أن «المركزي» يدبر فقط 10% من العملة التي تطلبها الشركات لاستيراد بعض الأدوية. وأكد مصدر خاص ل«البديل» أن السبب الأساسي في نقص الأدوية؛ لأن المسؤولين عن لجنة السياسات الدوائية التابعة لوزارة الصحة، ليسوا متخصصين في مجال الأدوية ويفتقدون الخبرة المناسبة التي تؤهلهم لمعرفة ما يحتاجه السوق المصري، ما يضع الصيدليات في أزمة حقيقية تكمن في عدم معرفة اللجنة الأدوية المناسبة للسوق المصري. وكان لمافيا الدواء، نصيب من الأزمة، فقد انتعش السوق السوداء، ويتضح ذلك من خلال اختفاء عقار «اندوكسان» من المستشفيات ومعاهد الأورام وتوافره في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، حيث يباع ب450 جنيها، بحسب تقرير المركز المصري للحق في الدواء. مرضى: بعد اختفاء الأدوية من الصيدليات.. وانتعاش السوق السوداء أكد العديد من المرضى أن اختفاء بعض الأدوية الحيوية من الصيدليات والمستشفيات تهدد حياتهم، الأمر الذي اضطرهم إلى التوجه للسوق السوداء، بعدما أغلقت الصيدليات والمستشفيات أبوابها في وجوههم بجملة «العقار المطلوب غير متوفر الآن». تقول سيدة عامر، والدة الطفل المريض وليد: «ابني مصاب بورم في الطحال، ويتم علاجه في المركز القومي للأورام، لكن للأسف منذ فترة طويلة توقف العلاج الكيماوي، وعندما سألت الأطباء عن السبب، أكدوا على وجود نقص حاد في العديد من أدوية جرعة الكيماوي، ما يجعلها غير مناسبة للعلاج»، مضيفة: «أخشى على حياة نجلي من توقف العلاج، وأتمنى أن تجد الحكومة حلا الأزمة». ويوضح أحمد مرعي، والد أحد مرضى السرطان: «يوجد بالفعل نقص حاد في الكثير من الأدوية، فمعظم الأدوية المسكنة لمرضى الأورام غير متوفرة في الصيدليات الآن، ما اضطر إلى اللجوء للسوق السوداء؛ من أجل شراء أي عقار متخصص في تسكين الآلام لابني المصاب بورم في العنق، ويصارع الموت يوميًا بسبب شدة الآلام». وتؤكد حٌسنة عبد الله، ابنة مريضة: «والدتي مصابة بفيروس سي، ونجد صعوبة بالغة في الحصول على الأدوية من مراكز العلاج المعتمدة، ونصحنا بعض الأصدقاء بالتوجه إلى أماكن العلاج غير المرخصة التى تتوافر فيها عقارات فيروس سي». وأشارت أم رامي، مريضة قلب: «الأمر أصبح خطيرا، فنقص الأدوية، جعل المرضى يلجأون إلى الأرصفة التي تباع عليها الأدوية، ليس فقط لقلة أسعارها، بل لتوافرها بكثرة»، مضيفة: «أنا مصابة بتضخم في عضلة القلب، ومعظم الأدوية التي وصفها لي الطبيب، غير موجودة في الصيدليات، ونصحني بعض الأصدقاء بالتوجه لشراء أدوية القلب من على الأرصفة التي تبيعها». اختفاء ألف و740 صنفًا دوائيًا.. واستيراد 95% من المادة الالدولار والسوق السوداء وقلة الخبرة.. أسباب أزمة الأدويةخام سبب رئيسي للأزمة رغم أن وزارة الصحة ونقابة الصيادلة تؤكدان أن أزمة نقص بعض الأدوية في طريقها إلى الحل، إلا أن عددًا من الأطباء أوضحوا أن الأزمة تزداد سوءا، ما أدى إلى انتعاش السوق السوداء بشكل كبير. يقول محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، إن أزمة نقص الأدوية مازالت قائمة وتتفاقم، لافتا إلى اختفاء نحو ألف و740 صنفا دوائيا، والخطورة تكمن في أن 200 صنف ليس لهم بدائل مثل حقن «أر اتش»، وحقن الصبغات، وأدوية الهرمونات، وفاكتور8، إلى جانب عقار «اندوكسان» الذي يدخل بشكل أساسي في العلاج الكيماوي. وأضاف فؤاد ل«البديل» أن عقار الهارفوني، المعالج لفيروس سي، لم ينزل الأسواق حتى الآن؛ لأن المادة الفعالة في الأدوية المصرية لا يتم تصنيعها داخل مصر، وفي ظل ارتفاع سعر الدولار، لم نستطع استيرادها، مؤكدا أن أزمة نقص الأدوية فتحت المجال أمام مافيا الاستيراد التي تبيع الأدوية في السوق السوداء بأسعار خيالية. ولفت الدكتور رمزي إسماعيل، صيدلي, إلى اختفاء بعض الأدوية من الصيدليات والمستشفيات وتوافرها في السوق السوداء بكميات كبيرة، مشدد على أن الأمر بحاجة إلى مراجعة من قبل الجهات المختصة، فأدوية الأرصفة غزت الشوارع وملأت الأسواق، في ظل وجود نقص حاد للكثير من الأدوية الحيوية والأساسية، مثل عقارات الأورام، التي تدخل بشكل أساسي في العلاج الكيماوي، بالإضافة إلى اختفاء عدد من أدوية القلب والضغط، مطالبا وزارة الصحة بضرورة أت تعترف بالكارثة أولا، قبل أن نجد اختفاء تاما لتلك الأدوية ذات يوم أو هيمنة بعض التجار عليها وبيعها علنًا في السوق السوداء. وأوضح الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بغرفة التجارة، أن صناعة الدواء تعتبر مسألة «أمن قومي»، والدستور يكفل الحق لجميع المواطنين بتلقي العلاج، مضيفا أن مصر كان لها الريادة بالشرق الأوسط في تصنيع الدواء، لكن الأمر اختلف اليوم؛ لأننا نستورد 95% من المادة الخام للأدوية. وأضاف عوف ل«البديل» أن مكونات علبة الدواء، سواء الكارتون أو ورق النشرات، يتم أيضا استيرادهم من الخارج، ما يجعلنا تحت وطأة المورد بصورة كبيرة، مؤكدا أن كل هذه العوامل تتأثر بارتفاع سعر الدولار.