يحتفل صحفيو العالم بيومهم وسط أجواء شديدة من الخوف والقلق لما تعيشيه المنطقة العربية بشكل عام، والأراضي الفلسطينيةالمحتلة على وجه الخصوص. ويواجه الصحفي الفلسطيني، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربيةالمحتلة، انتهاكات متكررة على يد الاحتلال الإسرائيلي، الذي يحاول جاهدًا إخفاء حقيقة الجرائم التي يمارسها ضد المدنيين الفلسطينيين، عن طريق الاعتداء بالضرب أو حبس الصحفيين الذين يكشفون جزءًا من الإرهاب الذي يمارسه الاحتلال. ولا يقتصر الأمر على ملاحقة الصحفيين والبطش بهم، بل إن مسألة التعتيم الإعلامي وصلت إلى قرار رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بإغلاق قنوات إذاعية ومداهمة مقرات لصحف فلسطينية، ومن ثم منعها من تأدية عملها، بذرائع أنها تساعد على "التحريض". وأغلقت قوات الاحتلال مؤخرًا ثلاث قنوات محلية وقناة فلسطين الرسمية، إضافة لإغلاق شركة "إنترترانس" الإعلامية بالضفة الغربية. وفي ظل شكاوي الصحفيين من الاعتداءات التي تستمر على وتيرة متزايدة ضدهم، أصدر مركز غزة لحرية الإعلام تقريرًا يرصد فيه انتهاكات قوات الاحتلال ضد الصحفيين الفلسطينيين، منذ بداية العام وحتى نهاية إبريل الماضي. وذكر التقرير أن أكثر من 180 انتهاكًا قد سُجل بحقهم. ووسط تأكيد التقرير الصادر على أهمية تحقيق بيئة إعلامية حرة تقوم على التعددية، أشار أيضًا للانتهاكات الإسرائيلية بحق من ينقلون الحقيقة للعالم، إذ وقع في هذه الفترة القصيرة منذ بداية العام عشرات الاعتداءات على الصحفيين، أدى أحدها إلى أضرار جسدية، إضافة لستة وخمسين اعتقالًا واستدعاء وثماني حالات منع من السفر واقتحام إحدى عشرة مؤسسة إعلامية، إضافة لحالات التوقيف بتهم التحريض ومصادرة المعدات الصحفية والشخصية، كالحواسيب والهواتف المحمولة من الصحفيين. واستنكر المركز هذه الاعتداءات ضد الصحفيين، مناديًا للعديد من الفعاليات في قطاع غزة مزامنة مع الضفة الغربيةالمحتلة، كالوقفة الاحتجاجية التي تمت مؤخرًا بقطاع غزة، مطالبًا بالتحقيق في جرائم الاحتلال ضد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية. وقال عادل الزعنون، مدير مركز غزة لحرية الإعلام، إن الوضع الحالي في الأراضي الفلسطينية يدعو جميع الصحفيين إلى التكاتف في فضح جرائم الاحتلال، مشددًا على ضرورة دعم المؤسسات التي تفتقر للمعدات والإمكانيات، إضافة لضرورة تطوير قدرات الصحفيين المهنية. وأكد الزعنون أن قوات الاحتلال تستمر في اعتداءاتها على الصحفيين الفلسطينيين دون أي ردع، واستهدافهم المباشر الذي يعرض حياتهم للخطر، خصوصًا حينما يغطي الصحفيون الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين، والتي ترقى في بعض حالاتها إلى جرائم حرب، ناهيك عن حرمان الكٌتّاب والصحفيين من حرية التنقل بسبب الحصار التي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة. وطالب الزعنون المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان بضرورة النظر بجدية إلى انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، والتحرك دون تباطؤ لفضح سياسته الهمجية وتقديمه للمحاكمة الدولية، خصوصًا في حالات ضحايا الصحافة الذين وصل بهم الحال لاستهدافات مباشرة أثناء تأدية عملهم. لا تقتصر الاعتداءات ضد الصحفيين في قطاع غزة على الاحتلال بحسب، بل إن الحكومات سواء في ضفة الغربية أو قطاع غزة، تعمل على إسكات الأصوات التي تنتقد الوضع المأساوي الذي تشهده الأراضي الفلسطينية. ففي قطاع غزة يتعرض الصحفي الذي يمارس مهنته بمهنية وشفافية للحبس والتعذيب وتكميم الأفواه أيضًا. الصحفي والناشط السياسي أيمن العالول تعرض لحبس في سجون الحكومة التابعة لحركة حماس، على خلفية آرائه الانتقادية التي كان ينشرها على موقع التواصل الاجتماعي. وكان العالول ينتقد الظروف المعيشية السيئة التي وصل إليها المواطنون، ويتحدث بكل جرأة عما يحتاجه ويواجه المواطن الفلسطيني في القطاع، إلا أن التعذيب والإهانة اللذين تعرض لهما في السجن على حد قوله، جعلاه يقرر بعد خروجه من السجن أن يعتزل الحديث في الأمور السياسية. الأمثلة تطول على انتهاك حرية الصحفيين الفلسطينيين، فقد وقعوا بين احتلال إرهابي يسعى لإخفاء جرائمه، وانقسام داخلي لا يرغب أي طرف من أطرافه في فضح تقصيره مع المواطنين، إلا أن الصحفيين يؤمنون برسالتهم، ويكملون طريقهم في نشر الحقيقة دون تزييف أو تبعية.