تشهد مصر حالة من تخبط السياسات والفساد والانحياز لرجال الأعمال بما يسمى "منظومة الدعم"، التي لا يتم توجيهها إلى الفلاحين ولا تصل إلى المواطنين، فبعد صدور قرار من الدكتور خالد حنفي، وزير التموين، بإلغاء توريد الأرز، أعاد المهندس شريف اسماعيل، رئيس الوزراء، المنظومة القديمة رغما عن وزيري الزراعة والتموين. قال الدكتور سعيد سليمان، الخبير الزراعي، إن السبب وراء عجز سلعة الأرز والزيت في منظومة التموين، هو القرارات الخاطئة لوزير التموين، فبرغم توفر الأموال المخصصة للدعم، إلا أن الوزير يرفض إمداد المضارب بالسيولة المطلوبة لشراء محصول الأرز من الفلاحين، الأمر الذي ترتب عليه بيع محصول الفلاحين بأسعار بخسة تصل إلى 1700 جنيه للطن، مما يصب في مصلحة التاجر؛ الذي يخزن المحصول ويعطش السوق من أجل رفع سعره لاحقا. وأشار سليمان، إلى الإزدواجية في تصدير المحاصيل الزراعية، ضاربا المثل بفرض "رسوم تصدير" علي كل طن من الأرز يبلغ 2000 جنيه، مما أدي إلى العزوف عن تصدير الأرز رسميا واللجوء إلى تهريبه عن طريق البحر، مستغلين السماح بتصدير كسر الأرز بدون رسوم، الأمر الذي يؤدي إلي فقدان موارد الدولة من العملة الصعبة. وأوضح سليمان، أن هذه السياسات سبق تنفيذها ونجحت في تدمير زراعة القطن المصري، والآن تسعى إلي تدمير محصول الأرز والقمح وقصب السكر "المحاصيل الاستراتيجية " التي تميزمصر، مطالبًا باتخاذ إجراءات عاجلة لحل هذه الأزمة، وتفعيل قانون منع الاحتكار؛ لأن تجارة الأرز يسيطر عليها 4 تجار فقط، بالإضافة إلى إلغاء منظومة نقاط الخبر؛ لأن الدعم الذي يستهدف بالأساس محدودي الدخل يصرف على سلع ترفيهية مثل التونة واللحوم، الأمر الذي يخدم في المقام الأول التجار بدلا من توجيه الدعم إلي السلع الأساسية المتمثلة في الأرز والسكر والزيت، وأخيرا الحذر من مطالبة البعض باستيراد الأرز الفلبيني؛ لأنه ردئ الجودة ولا يقبل عليه المستهلك المصري. وأكد الخبير الزراعي، لابد من اتخاذ إجراءات عاجلة للخروج من هذا المأزق وإصلاح منظومة الدعم الفاسدة، وتحرير أمن مصر الغذائي من قبضة وزيري التموين والزارعة، ولابد أن تنحاز الدولة إلى المواطن البسيط بدلًا من سياسات دعم التاجر والمستورد، وأخيرا الاستعانة بأهل الخبرة والثقة لتصحيح المسار وإيقاف هذه الكارثة قبل تفاقمها.