تواجه الزراعة المصرية تحديات كبيرة داخلية وخارجية، منها تآكل المساحة الزراعية ونقص حصة المياه مع صعوبة زيادتها والتوسع فيها فى ظل الارتفاع المطرد فى السكان عاماً بعد الآخر مع زيادة حجم الطلب ومعدلات الاستهلاك، الأمر الذى أدى فى النهاية إلى ارتفاع حاد فى تكلفة استيراد سلة الغذاء التى تستوردها مصر وفى مقدمتها القمح والذرة والزيوت والسكر والبقوليات، ويضاف إلى كل ما سبق غياب تحسين اقتصاديات الإنتاج الزراعى والتطوير واستنباط سلالات جديدة. سألت «الوليلى» عن أهم التحديات التى تواجهها الزراعة فى مصر، فأجاب: - المشاكل متشعبة ومتنوعة ومنها ما هو مرتبط بالمساحة المنزرعة وتآكلها عاماً بعد الآخر، ونقص حصة المياه المخصصة للأرض الزراعية مع عدم إدارة الموارد المائية بكفاءة وهناك مشاكل أيضاً تتعلق بتطوير الزراعة وتحسين اقتصاديات الإنتاج الزراعى، حيث إن ارتفاع أسعار مدخلات الزراعة تأخذ نصيباً كبيراً من عائدها فى ظل عدم أخذ الفلاح لحقوقه كاملة من الدعم مع تدنى أسعار المحاصيل الزراعية ومشاكل التسويق وارتفاع الفاقد، وغياب دور البحوث الزراعية المتطورة، وعدم استنباط سلالات جديدة وكل هذه المشاكل كان لها تأثير سلبى على التوسع الأفقى لزيادة الأراضى الزراعية واستيعاب الزيادة السكانية المطردة مع ضرورة الأخذ فى الاعتبار أن هناك تحديات كبيرة تتعلق بالتغيرات المناخية لأن نقص درجات الحرارة أو ارتفاعها يؤثر على إنتاجية العديد من المحاصيل. وهل ترى أن السياسة الزراعية ناجحة فى مصر؟ - كيف تكون السياسة الزراعية ناجحة فى ظل وجود هذا الكم الهائل من المشاكل المتعلقة بالزراعة.. لا توجد خطة زراعية فى مصر بدليل أننا فى شهر مايو ولايزال الجو مائلاً للبرودة وتغيير ميعاد قدوم الربيع والخريف وهذا التغيير يؤثر سلباً على إنتاجية المحاصيل الزراعية.. هل تحدث أحد عن هذه التحويلات ومدى خطورتها، بالطبع لم يتحدث أحد. فى رأيكم.. هل يحصل الفلاح على حقوقه من الدولة؟ - فى أبريل من عام 2008 أوقفت الحكومة تصدير الأرز بحجة الحفاظ على أسعاره المحلية وتوفير المياه رغم أنه المحصول الرئيسى للفلاح ويدر عليه عائداً مجزياً، وعلت صرخات الفلاحين وأصحاب المضارب والمصدرين، الأمر الذى أدى فى النهاية إلى انخفاض المساحة المنزرعة فى عام 2010 - 2011 إلى 1.1 مليون فدان مع تدهور الإنتاجية إلى ما يقرب من 3.6 طن للفدان الواحد وفى العام الماضى امتنع الفلاح والتاجر عن بيع الأرز الشعير ووصل سعره إلى 2500 جنيه للطن، والأبيض إلى 3850 جنيهاً. كم نستهلك من الأرز سنوياً؟ - تنتج مصر من الأرز الشعير نحو 5.9 مليون طن (عام 2012) بعد أن كان الإنتاج لا يتجاوز 3.2 مليون طن عام 1990، الأمر الذى ساعد على خلق اكتفاء ذاتى من الأرز مع تحقيق فائض للتصدير يصل لأكثر من 1.3 مليون طن، أما نسبة الاستهلاك فتصل إلى 70٪ من الإنتاج والتصدير 30٪ فى أفضل مواسم التصدير. الدولة خفضت المساحة المنزرعة بالأرز لأنه يستهلك كميات ضخمة من المياه.. ما رأيكم فى ذلك؟ - حصتنا من المياه لم تتغير على مدار عشرات السنين (55 مليار متر مكعب) والمساحة المنزرعة من 15 سنة لم تتجاوز 1.1 مليون فدان رغم الزيادة السكانية الرهيبة التى وصلت إلى 92 مليوناً ولا تزال حصة المياه كما هى ولم يتغير شيء.. إذن، ما وجه الضرر فى التوسع فى مساحة الأرز.. إن القول إن زراعة الأرز والتوسع فيها يشكلان خطورة على استهلاك المياه لا أساس له من الصحة. وأضيف فى هذه النقطة أن حجم الاستهلاك المائى لمحصول الأرز خلال الأعوام السابقة انخفض نتيجة استنباط وزراعة أصناف أرز حديثة قصيرة الحبة والعمر، حيث يتراوح العمر المائى لهذه الأصناف ما بين 85 إلى 95 يوماً. هل يشكل رسم الصادر على الأرز الذى فرضته وزارة الصناعة والتجارة عبئاً على المصدرين؟ - بالتأكيد، فالمصدر يدفع 1000 جنيه عن كل طن يتم تصديره، بالإضافة إلى 200 جنيه قيمة الرخصة وكلها أعباء تقع على عاتق المصدر، والأمر الأكثر خطورة أن الوزارة تارة تفرض رسم صادر وتارة أخرى تقرر إيقاف التصدير وهو ما أدى إلى أن مصر فقدت مصداقيتها مع المستوردين فى الخارج، بالإضافة إلى أن الدولة تفقد سنوياً نحو 1.3 مليار جنيه كان يتم تحصيلها بالعملة الصعبة. ولكن بعض المصدرين يمارسون عمليات تهريب كبيرة للأرز؟ - بالفعل هناك مافيا لتهريب الأرز عن طريق المنافذ البرية ويتم تهريبه إلى السودان ودبى وسوريا وهناك كميات ضخمة يتم تهريبها فى شاحنات تحمل فاصوليا أو رخاماً، فالشاحنة -مثلاً- تحمل 20 طن فاصوليا وبداخلها 20 طن أرز ونفس الشيء مع الرخام وغيره. وهل تشاركنى الرأى بأن هناك مافيا أخرى تقوم بالتخزين والاحتكار خاصة للأرز الشعير؟ - لا يوجد احتكار فى الأرز لأن هناك وفرة فى الإنتاج، ولكن الظاهرة الموجودة كما قلت لك إن الفلاح والتاجر امتنع كل منهما عن بيع الأرز الشعير وقد عرضنا سواء فى اجتماعات غرفة الحبوب أو الشعبة العامة للمصدرين أو المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية أن نستورد الأرز الهندى الذى ثمنه 450 دولار للطن، وأصدر أرز مصر الذى ثمنه 650 دولاراً لتكون هناك 200 دولار فى كل طن قد أدخلتها للدولة فى شكل قيمة مضافة، الأمر الثانى أنه ينبغى على الحكومة أن تترك موضوع الأرز لآليات العرض والطلب. تردد مؤخراً وبقوة أن السلع الموردة للبطاقات التموينية رديئة جداً.. فما تعليقكم؟ - نعم السلع رديئة، فنسبة السكر مرتفعة للغاية فى الأرز والزيوت مغشوشة، والسكر أقل جودة من الذى يبيعه القطاع الخاص ولا يعقل أن يكون هناك كيلو سكر بجنيه واحد وكيلو أرز ب 150 قرشاً، إلا إذا كانت جودته رديئة. ولكن السلع التموينية تعلن بين حين وآخر عن إيقاف شركات موردة؟ - هذه الشركات التى يتم إيقافها، شركات «بير سلم» تخصصت فى التلاعب فى التسليمات، وأؤكد لك أن هناك شركات يملكها «شيالين» وعمال تعبئة فى شركات الجملة يقومون بتوريد السلع الغذائية لشركات الجملة، كما أؤكد لك أن هناك شركات محترمة كبيرة خرجت من عمليات التوريد لأنها لا تستطيع الدخول فى عمليات تلاعب مع شركات موردة تتلاعب بالتنسيق مع أمناء المخازن فى شركات الجملة أو اللجان المتخصصة. لمن الغلبة فى التوريد.. مضارب القطاع العام أم الخاص؟ - وزير التموين باسم عودة أسند حصة توريد كبيرة من أرز البطاقات التموينية إلى قطاع الأعمال لأشهر 4 و 5 و 6 بكمية تقدر بنحو 330 ألف طن أرز أبيض معبأ بسعر 3050 جنيهاً للطن للوجه البحرى، و3080 للقبلى وبمجرد أن أسند الوزير التوريد لمضارب قطاع الأعمال العام على الفور يبيع حصته إلى المضارب الصغيرة بالقطاع الخاص بسعر 2850 للوجه البحرى و2880 جنيهاً للقبلى، وحرروا عقوداً مع هذه المضارب الصغيرة ولم يعطوهم نسخاً منها، الأمر الذى يؤكد أن منظومة مضارب قطاع الأعمال العام فاشلة.