تسود حالة من القلق والتوتر في الأوساط السياسية والإعلامية بمصر، جراء التلاعب الإثيوبي" في ملف سد "النهضة"، بعدما تمثل ذلك في إرجاء اجتماعًا مشتركًا دعت إليه القاهرة مؤخرا، وهو ما أغضب الخبراء الذين أكدوا أن إطالة أمل التفاوض والتباحث حول السد يستثمره الجانب الإثيوبي باستكمال البناء، كي يصبح حقيقة واقعة، لتسلم به مصر في النهاية. وكشف مصدر مطلع على ملف سد النهضة أن الخبراء في وزارة الري والخارجية أبلغوا القيادة السياسية بعدم جدوى مسار المفاوضات الحالية، مضيفًا أن انسحاب المكتب الهولندي والاكتفاء بالمكتب الفرنسي سيطول المدة التي سيستغرق فيها المكتب عمل الدراسات، حيث ستنتهي بعد 21 شهرا ، بعد أن تكون إثيوبيا قد أكملت المرحلة الأولى من الإنشاء. وتعمل إثيوبيا بأكبر قدر ممكن لتأجيل المفاوضات الحالية حول سد النهضة وتعطيل اجتماعات اللجنة الثلاثية لأوقات بعيدة وهو ما حدث بعد دعوة مصر للدولتين اثيوبيا والسودان لإجراء مشاورات عاجلة لاستئناف عملية المفاوضات فى اجتماع عاجل والذى كان مقررا عقده في أكتوبر الجاري بعد انسحاب المكتب الاستشاري الهولندي في محاولة لإزالة الخلافات مع المكتب الفرنسي ودفع عجلة المفاوضات. ما حدث بحسب خبراء من عملية تأجيل للمفاوضات من قبل الجانب الإثيوبي يهدف بشكل أساسي لبناء واستكمال الجزء الأكبر من السد وفرض أمر واقع على مصر والسودان، مشيرين إلى ضرورة ترك كافة الملفات جانبا والنظر لهذا الملف القوى من خلال كافة الأجهزة والوزارات المعنية مع الرئاسة والعمل على اتخاذ طرق أخرى في عملية المفاوضات وتدويل القضية استنادا على أحقية مصر بالمياه طبقا للقوانين الدولية لما فيه من خطر كبير يهدد أمن مصر المائي. من ناحية أخرى، طالب خبراء ووزراء ري سابقون تدويل القضية والاستكمال في المفاوضات السياسية بجانب المفاوضات الفنية بعد أن كشفت إثيوبيا عن نيتها في التعنت مع مصر وإصرارها إلحاق الضرر بحصة مصر المائية بمراوغتها في الاجتماع الخماسي، حيث أكد الدكتور محمود أبو زيد، وزير الرى الأسبق ورئيس المجلس العربى للمياه أن الوقت مناسب جدًا ل "الجوء" للوساطة الدولية من خلال البنك الدولي للإنشاء التعمير، الذي يرغب في التدخل لحل الأزمة، وأيضًا الجهات الدولية الأخرى مثل اليونيسكو، التي عرضت الوساطة من قبل، لافتاً إلى أن اللجوء للتحكيم الدولي سيكون آخر مرحلة. وأضاف الدكتور محمود أبو زيد أنه لا يوجد مبرر حقيقى للدعوة لعقد اجتماع اللجنة الوطنية لسد النهضة الإثيوبي وهو شىء يدعو للدهشة والاستغراب، لأن الترتيبات لعقده تأخذ وقتا طويلا، مطالبا بضرورة الاستمرار في مفاوضات سد النهضة بقدر الإمكان، لكن بشرط ألا نعتمد عليها اعتمادًا كليًا، لأن هذا مستقبل وطن، وأن العلاقات بيننا وبين إثيوبيا ليست ممتازة. وطرح الدكتور محمود أبو زيد فى تصريحات صحفية رؤيته حول زيادة الموارد المائية لمصر بضرورة العودة إلى مشروع الباروأكوبو في إثيوبيا، أحد مشروعات مبادرة حوض النيل، والذي تم الانتهاء من بعض دراساته، لافتا إلى أن هذا المشروع مدروس جيدا، وسيمنح مصر4 مليارات متر مكعب والسودان 4 مليارات أخرى، أمام المباحثات المتعثرة، ونستمر في مشروعات أخرى واعدة. وعلى صعيد متصل، أعرب البعض عن تخوفه من الموقف السوداني والذي يتغير من وقت لآخر، مشيرين إلى أن التحالف السوداني الإثيوبي الذي تحدثت عنه بعض التقارير الإعلامية العام الماضي ويتمثل في وجود اتفاقية عسكرية بين الجانبين والذي اتفقا فيها على أن تحمي السودان سد النهضة الإثيوبي بقواتها العسكرية، مقابل تعهد إثيوبيا بمنع أي نشاط عسكري ينطلق من أراضيها ضد السودان، ومراقبة اللاجئين السودانيين بإثيوبيا، وبحسب مراقبون أزعج هذا الاتفاق مصر باعتباره تحالفًا عسكريًا موجه ضد المصالح المائية المصرية في المقام الأول.