في الوقت الذي تشهد فيه أسعار صرف العملات الأجنبيةارتفاعا،من بينها الدولار الذي سجل سعر صرفه رسميا في البنوك نحو 7.83 جنيها للبيع و7.8 جنيها للشراء، تواجه العملة الوطنية أزمة حقيقية من تراجع لقيمتها وقوتها الشرائية مقابل تصاعد العملة الخضراء علي حسابها، ليآكل معها حجم المخزون الاستراتيجي من النقد الأجنبي في صورة احتياطي نقدي، نظرا لاعتماد الاقتصاد علي الاستيراد من الخارج وتوقف قوي الإنتاج الداخلي، ليستمر معها تراجع الجنيه. إجراءات البنك المركزي بتعويم الجنيه للسيطرة علي أزمة ارتفاع الدولار، لم تكن مجدية، فارتفاع الطلب علي النقد الأجنبي ما زال قائما لدي القطاع الصناعي والإنتاجي وحتي الاستهلاكي؛ نظرا لاعتماد الاقتصاد علي الاستيراد، بداية في تدبير السلع الأساسية أو مواد الخام والدواء التي تأثرت حاليا بعد ندرة "الدولار"، ووجود أزمة بين المستوردين والصناع من جهة و"المركزي" من ناحية أخري لعدم توفير الدولار لهم. وقالت الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة المصرفية، إن ظاهرة السوق السوداء لم تختف حتي بعد إجراءات البنك المركزي لمحاربتها، بل أصبحت أعنف مما كانت عليه، ليصل سعر صرف الدولار إلى 8 جنيهات، علي الرغم من وجود أزمة في تدبير العملة الدولارية للتجار والمستوردين، لشراء المواد الخام أو الأدوية التي تعاني نقصا داخل الصيدليات حاليا بسبب الدولار المرتفع دوما. وأضافت "فهمي" أنه منذ ثورة25 يناير وهناك تراجع فى الاحتياطي النقدي من 36 مليار دولار، وصولا إلي 18.5 مليار دولار حاليا، معظمها ودائع، معتبرة أن وجود مبلغ 10 مليارات دولار كاحتياطي صافي، يعد أمرا غير مجد،ٍ في ظل اعتمادنا علي استيراد معظم السلع من الخارج بواقع 60 مليار دولار سنويا. واتهمت "فهمي" الحكومة بأنها ضيعت الاحتياطي النقدي للبلاد، فما يحدث الآن من رفع سعر الدولار، كان بهدف دعم عدد من المستوردين، معتبرة أن سعر صرف الدولار بالبنوك غير واقعي، ومطالبة بالعمل علي دعم الجنيه الوطني من خلال تحريره وتركه وفقا لقانون العرض والطلب، مع الاستمرار في دعم السلع للفئات الأكثر فقرا. وذكرت الخبيرة المصرفية أن خفض سعر الدولار سيكون قريبا، في ظل قيام الصين بخفض سعر عملتها "اليوان" بنحو 3 مرات في أسبوع واحد، للخروج من أزمة التضخم التي شهدته مؤخرا، كما وصفت الاحتياطي النقدي في مصر بأنه كارثيا، متهمة سياسات البنك المركزي المصري ب"الخاطئة" ويجب محاسبة المسئولين به، في ظل أزمة توفير العملة الأجنبية حاليا. وتابعت أنه لا توجد أزمة في العملة المحلية حتي لو ارتفع الدين المحلي، خصوصا أنه يمكن التغلب عليها بعمليات طباعة النقد المحلي حتي إن ارتفعت معدلات التضخم قليلا، مضيفة أن الأزمة تكمن في تدبير النقد الأجنبي لشراء المواد الخام المستخدمة بالقطاعين الصناعي والدوائي، لتدوير عجلة الاقتصاد القومي، منتقدة تصريحات الحكومة بزيادة معدلات النمو الاقتصادي، ومؤكدة أنها شكلية إذا تم مقارنتها بالزيادات السكانية. وعن تصريحات وزير الاستثمار أشرف سالمان، الأخيرة بشأن اعتزام الحكومة خفض سعر الدولار، قالت "فهمي" إنها كارثة علي الاقتصاد، خصوصا أن المستثمرين ينتظرون القرارات الحكومية بالتخفيض لضخ استثماراتهم داخل الدولة، ما يؤدي في النهاية لزيادة الخسائر. من جانبه، توقع أحمد آدم، الخبير المصرفي،ارتفاع الأسعار علي خلفية زيادات سعر صرف الدولار الأخيرة بواقع 20 قرشا من قبل البنك المركزي المصري، وأرجع أسباب لجوء" المركزي" لتلك الخطوة، إلى أنه كان يستهدف زيادة السيولة داخل القطاع المصرفي من عملة النقد الأجنبي "الدولار"، من خلال تحفيز العملاء ببيع الدولارات بأسعار مناسبة للبنوك للقضاء علي الأسواق السوداء وغير الشرعية. وأوضح "آدم" أن إجمالي تحويلات المصريين العاملين بالخارج يقدر سنويا ب18 مليار دولار، ولا تدخل للقطاع المصرفي والقنوات الشرعية، إذ أنها تذهب للسوق السوداء وشركات الصرافة، مضيفا أن إجمالي فاتورة الاستيراد سنويا تصل ل60 مليار دولار، وأن أية زيادة في أسعار الدولار سترفع حجم السلع المستوردة من الخارج، خصوصا المواد الغذائية وما يتم استخدامه في الصناعة، متوقعا أن تصل معدلات الزيادة لنحو 12 مليار جنيه.