أثارت اقترحات قدمها مؤخرا رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني "بنيامين نتنياهو" جدلًا واسعًا في أوساط الداخل الفلسطيني، حيث أبلغ "نتنياهو" وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني باستعداده للتفاوض على حدود الكتل الاستيطانية التي تنوي تل أبيب ضمها في أي اتفاق مع الفلسطينيين، وهو ما قابلته القيادة الفلسطينية والشارع السياسي بالرفض، مصرين على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة على الحدود المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. يرى أغلب المحللون أن خطوة نتنياهو السياسية لا تخلو من المراوغة الواضحة التي يطلقها من جديد أمام المجتمع الدولي، لإظهار أنه يريد المفاوضات ويسعى لتحقيق السلام، إلا أن تلك الدعوات تهدف بشكل أساسي إلى إعطاء الشرعية الفلسطينية والعربية والدولية لحكومة الاحتلال، للاستمرار في نهجها الاستيطاني على الأراضي المحتلة. كشفت الصحافة الصهيونية عن تفاصيل عرض نتنياهو الذي قدمه أمام موغيريني، قائلة إنه يرغب في استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، بهدف التوصل إلى تفاهمات حول حدود المستوطنات التي سيتم ضمها إلى تل أبيب، في إطار اتفاق السلام المستقبلي. وقال مسؤول صهيوني اطلع على فحوى المحادثات، لوسائل الإعلام، إن نتنياهو أوضح أن ذلك سيوضح المناطق التي يمكن مواصلة البناء فيها في الضفة، ويحل مشكلة الخلافات مع الفلسطينيين بخصوص استمرار البناء في المستوطنات، وأكد أن هذه هي المرة الأولى التي يبدي فيها نتنياهو استعدادا لإجراء نقاش إقليمي مع الفلسطينيين حول حدود الكتل الاستيطانية. وتبين الصحافة الصهيونية أن الهدف الأساسي لنتنياهو من إظهار استعداده ورغبته لاستئناف المفاوضات، هو عدم ثقة الاتحاد الأوروبي به في كل ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني، وذلك لأنه يتخوف جدا من الضغط الأوروبي المتزايد في كل ما يتعلق بجمود العملية السياسية. وينبع تخوف نتنياهو من الاستعدادات الجارية في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، لفرض عقوبات على المستوطنات الإسرائيلية، وكذلك من المبادرة الفرنسية لطرح مشروع قرار في مجلس الأمن يعترف بالدولة الفلسطينية ويحدد مبادئ لحل الصراع، لكن مسؤولا في المعارضة الصهيونية كشف أن نتنياهو اعتمد في مبادرته بشكل واضح على القناعة بأن الفلسطينيين سيرفضون هذا الاقتراح، فيخف ذلك الضغط عليه ويحوله إليهم، ويكون قد نجح في نصب كمين لهم. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، معقبا على ما ورد على لسان نتنياهو، "إن أساس أي مفاوضات يجب أن يكون الاعتراف بحدود العام 1967، والقدس عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة"، وأضاف أن كل ما يتعلق بقضايا الوضع النهائي لا يمكن تجزئته أو تأجيله، إلى جانب ضرورة وقف الاستيطان بشكل كامل، وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل "أوسلو"، حتى يمكن أن يكون لأي حديث مصداقية. وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات لوكالة فرانس برس أن هذه "الدعوة غير مقبولة"، وقال عريقات "هذه دعوة لاعطاء شرعية فلسطينية ودولية للاستيطان" في الضفة الغربيةالمحتلة، وتابع "المطلوب ليس تحديد حدود المستوطنات، بل يجب تحديد حدود دولة فلسطين المعترف بها دوليا على حدود عام 1967″ مشيرا إلى أنه من المطلوب "وقف الاستيطان بدلا من إعطائه شرعية". من جانبها، رأت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي أن "ضم الكتل الكبرى مناورة مفضوحة لسرقة وضم أراضي دولة فلسطين التي تم الاستيلاء عليها بغير وجه حق"، وقالت "أي مفاوضات يجب أن تتضمن جدولا زمنيا ملزما بتفكيك المستوطنات وإزالتها"، مؤكدة أن "جميع المستوطنات غير شرعية وغير قانونية وتتناقض مع القانونين الدولي والانساني".