نقص البيانات الحكومية حول أعدادهم.. وتخفيض مخصصاتهم 8% المساح: إهمال تنفيذ اتفاقيات "القومى للإعاقة" ولا نجني سوى الوعود شقوير: مشروع للقاموس الإليكتروني الموحد وتطبيق ذكي لعد النقود شاب فى العقد الثالث من عمره، يترنح وهو يتحسس الأشياء كالتائه فى نفق مظلم، للوهلة الأولى يملكك هاجس بأنه مريض، أو مخمور غلبه السُكر، ودفعني الفضول لمراقبته عن كثب حتى صار على حافة رصيف مترو الأنفاق محطة "سعد زغلول"، فتسارعت دقات قلبي فأسرعت نحوه بعد أن كاد يسقط في الهواء، ولعب الحظ لعبته وأدركته فى اللحظة الأخيرة وأنا أصيح "حاسب حاسب هتقع".. اعتدل الشاب قائلًا بنبرة المغلوب على أمره "شكرًا، كنت هقع مش كدة"، حينها غرقت عيناي بالدموع بعدما تبين لي أنه كفيف، وأخبرني أنه كان يريد بوابة الخروج ولكن شخصا ما تركه هنا ورحل، فلم يجد من يوصله إلى هناك، وتساءلت: إلى هذا الحد تبلغ معاناة تلك الفئات من المستضعفين، وهل تلبى الحكومة احتياجات ذوى الإعاقة، وكم تقدر حصتهم من موازنة الدولة، وما الذي حققته لهم من مطالب ثورة 25 يناير؟. كشفت موازنة الدولة لعام 2014/2015 عن خفض مخصصات المجلس القومى للإعاقة 8% لتصبح 19.5 مليون جنيه بدلًا من 23.7 مليون خلال 2013/2014، فحتى المعاقين لم يسلموا من خطة الدولة التقشفية التى تمارسها ضد الشعب منذ 30 يونيو 2013، وحتى الآن، وبالإشارة إلى تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، أثناء لقاء له بأحد البرامج التلفزيونية، بأن عدد المعاقين يتراوح بين 3 إلى 4 ملايين، يتضح لنا مدى تضاربها مع الإحصائيات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية، والمحددة بنسبة 13% بالدول النامية، ليقدر عددهم بنحو 12 مليون معاق فى مصر فقط. يقول الدكتور حسام المساح، الأمين العام السابق للمجلس القومى للإعاقة، إن ذوي الاحتياجات الخاصة يحصلون على معاش يسمى "معاش المعاقين"، معتبرًا تسميته بهذا الاسم إهانة لا تغتفر وقعت فيها الحكومة، وهى لم تلب سوى ذلك المطلب الوحيد، على حد قوله، رغم أن المعاقين حققوا لمصر إنجازات قومية ومحلية دون أن تلتفت الدولة لهم حتى الآن، وإلى الآن لم يتحقق شيء من مطالب الثورة على أرض الواقع، فجميع القوانين معطلة. ولفت النظر إلى نتائج مؤتمر اليوم العالمي للإعاقة، المنعقد بأرض المعارض، ديسمبر الماضى، وحضره المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، ووعد بإلزام الهيئات والوزارات بتطبيق نسبة ال5% الخاصة بتعيين ذوي الاحتياجات الخاصة، وإنشاء 5 مدن متخصصة لخدمة ذوي الإعاقة، وإعداد قاعدة بيانات لحصر عددهم وتوزيعهم الجغرافى، وحتى الآن لم تنفذ الحكومة أيا من وعودها. وتساءل المساح، لمصلحة من، يمنع المجلس القومي للإعاقة الوقفات الاحتجاجية أمامه، لافتًا إلى وجود محاولات حثيثة، لعدم إيصال صوت المعاقين إلى المسؤولين، أو حتى إلى الرأي العام، فالمعاقون لم يجنوا سوى الكلام والوعود حتى الآن، منوها عن موافقة مجلس الوزراء ووزارة المالية على إدخال 145 درجة وظيفية للمعاقين للعمل بالمجلس القومي للإعاقة، خلال النصف الأول من 2014، وحتى الآن لم يفتح باب التقدم للوظائف، رغم بدء الموازنة الجديدة للدولة. وأشار الأمين العام السابق للمجلس القومي للإعاقة، إلى إهمال الوزارات المعنية للدولة لجميع الاتفاقيات المبرمة بينها وبين المجلس، قائلًا "وقعت خلال الفترة من إبريل إلى سبتمبر 2014، عدة اتفاقيات مع وزارات (التربية والتعليم، الاتصالات، القوى العاملة، التضامن الاجتماعي) ولم يُفعّل منها شيء". وبسؤال الدكتورة أمينة غانم، مساعد وزير المالية السابق، عن آليات وضع موازنة المعاقين، قالت إن تلك المخصصات مستحدثة فهي لم تكن موجودة من قبل، ولذلك فبرامجها لا تزال قيد الدراسة والتطوير، ورغم أن مبلغ 19.5 مليون جنيه لا يلبي احتياجات المعاقين بمصر، إلا أنه فى حالة توظيفه بالشكل الأمثل، يكون العائد منه ثمينا جدًا، مطالبة بضرورة الاهتمام ببرامج المجلس القومي للإعاقة فى إدارة المال العام، والتأكد من أنه يصب فى مصلحة الفئات المستحقة. أكدت الدكتورة عبير شقوير، مستشار وزير الاتصالات، أنهم يلجأون لنشرات منظمة الصحة العالمية، لمعرفة أعداد المعاقين فى مصر، لافتقار الدولة وجود قاعدة بيانات ثابتة توضح عددهم وتوزيعهم الجغرافى، ونسب الإعاقة المختلفة فى كل محافظة، وأوضحت أن وزارة الاتصالات تقوم بتنفيذ عدة مشروعات فى مجال الاتصال وتكنولوجيا المعلومات لخدمة ذوى الإعاقة، منها مشروعات مع وزارة التربية والتعليم، وكذلك القوى العاملة من أجل التأهيل والتوظيف، فتم تدريب 210، وتوظيف 144، بقطاعات الدولة المختلفة. وألقت شقوير الضوء على المسابقة السنوية، التى تطلقها وزارة الاتصالات للشركات والأفراد، لمن يقدم أفضل برنامج يخدم الأكِفّاءُ والصم والبكم، وبالفعل تم اختيار برنامج يقرأ قيمة النقود لخدمة ذوى الإعاقة البصرية، وتطالب وزارة الاتصالات حاليًا شركات الهواتف الذكية بتنزيل ذلك التطبيق على هواتفها، ولكن لم ينفذ حتى الآن، كذلك وقعت الوزارة اتفاقا مع وزارة التربية والتعليم لتنفيذ مشروع القاموس الإلكتروني الموحد للغة الإشارة، وتعميمه بمدارس الصم والبكم وعددها 199 مدرسة، وتخدم 15 ألفا من ذوى الإعاقة السمعية.