وزير الاستثمار: ورثنا تركة ثقيلة و التعديلات التشريعية هي الحل . الراوي: أموال الخصخصة لم تنقذ زيادة عجز الموازنة والاقتصاد دمر . النشراتي: الفساد واستغلال النفوذ سبباً في خصخصة الشركات الحكومية على مدى العقدين الماضيين، تسببت سياسة نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، في تدمير شركات قطاع الأعمال العام وخصخصتها في عهد كل من رئيس الوزراء في ذلك التوقيت الدكتور عاطف صدقي، ليكمل خليفته الدكتور عاطف عبيد، والمعروف بلقب "مهندس الخصخصة الذى انجبته مصر". واستطاع النظام خلال تلك الرحلة استغلال الثغرات القائمة بقوانين الاستثمار، وإعطاء الحق للمستثمر باللجوء للتحكيم الدولي وفرض غرامات وعقوبات مالية على الدولة في حالة النزاع، لتستمر سياسات إهدار المال العام وتكسير عظام الاقتصاد المصري على القطاعات كافة (زراعة، صناعة، وتجارة)، فمعظم شركات الغزل والنسيج أصبحت في خبر كان، وصولًا لشركة المراجل البخارية المنتجة للمواسير والصناعات الحربية، مرورًا بشركة عمر أفندي، لتصبح الشركات الحكومية المعززة للاقتصاد القومي بين "شقيى رحى" تحكم المستثمر تارة ورفع يد الدولة عنها تارة أخرى، وفي ظل ذلك الصخب يتم تسريح العمالة الفنية المدربة بتلك الجهات لتجد طريقها إما ضحية للمعاش المبكر أو التسول لتدبير احتياجاتها الرئيسة. فمن المعروف عن الشركات الحكومية " القابضة"، مساهمتها ب15% من الإنتاج المحلي، واستقطاب عدد من العمالة؛ لتخفيض من معدلات البطالة ورفع معدلات النمو. تركة ثقيلة بدون تعقيب على حكم القضاء قال أشرف سالمان، وزير الاستثمار: من المقرر إجراء حزمة من التشريعات الاقتصادي والاستثمارية تضمن حقوق الدولة وتراعي مصلحة المستثمرين، والحكومة ورثت تركة ثقيلة ليس لها يد بها وتتمثل فى شركات قطاع الأعمال العام". وذكر أن وزارته تحترم أحكام القضاء كافة التي أقرت بعودة بعض شركات ممن خصخصتها الحكومة سابقًا، وأنها سيف على رقاب الجميع، موضحًا أن هناك تسويات مع بعض المستثمرين ممن تملكوا شركات حكومية ونزعت منهم بعد الثورة، وجاري تعويضهم، فالحكومة الحالية لا تزال تتحمل أخطاء لا دخل لها بها. إهدار المال العام وعجز الموازنة يتفاقم أكد حلمي الراوي، مدير مركز مرصد الموازنة العامة وحقوق الانسان، أن برامج خصخصة الشركات الحكومية منذ بدايتها في فترة التسعينات وصولًا إلى عام 2010، والتي بلغت أكثر من 20 عامًا، لم تؤت ثمارها في تحسين الاقتصاد القومي وسداد عجز الموازنة، خاصة وأن مع بدء ذلك البرنامج كانت نسبة العجز نحو 3% من الناتج المحلى الإجمالى إلَّا أنها تجاوزت مع نهايته ال8.5%، ما يعني أن المجتمع خسر أموالًا وأصولًا هيكلت بشكل سليم كانت ستكون أفضل. وأضاف الراوي أن نظام مبارك تسبب في فساد الحياة الاقتصادية في مصر؛ خصوصًا فيما يتعلق بملف الشركات القابضة؛ لعيوب في بيع تلك الشركات، ولا ينبغي على النظام القائم "ترقيع" الوضع الحالي، خصوصًا وأن الأمر يتطلب إعادة نظر في التشريعات المنظمة للاقتصاد. القرارات تنتظر اللا مركزية والرقابة وقال الراوي: "يبدو أن القرارات الحكومية لا يصدرها أي موظف منفردًا، مهما كانت درجته الوظيفية حتى لو وزير، فضرورة صدور القرار بالتشاور مع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء باعتبارها "سنة في الدولة"، وينبغي أن تفعّل الدولة نظام اللا مركزي مع وجود رقابة لدى بعض الجهات حتى لا يساهم ذلك في تكريث مبدأ الفساد". واعترض الرواي على توجه وزارة الاستثمار والحكومة لإعادة هيكلة الشركات العامة، قائلًا "كان من الأولى عرض التصورات على الرأي العام وإجراء حوار مجتمعي، باعتبار أن تلك الشركات حكومية، ومن حق المواطنين معرفة ما يتم تنفيذه، بالاضافة لخطط العمل طويلة ومتوسط الأجل وموقف العمالة من تلك الاجراءات حتى لا يتم إنفاق أموال من خزانة الدولة ولا تتلاءم مع الأهداف المطلوبة. ثغرات قوانين الاستثمار المتهم الرئيس ويتفق مع الدكتور مصطفى النشراتي، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة مصر الدولية، في أن الحكومة الحالية تسعى لإعادة هيكلة الشركات القابضة، طبقًا للقوانين الحالية، موضحًا أن فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، كانت تشهد فسادًا على الأصعدة كافة، مضيفًا أن استغلال النفوذ والفساد ساعدا على خصخصة بعض من الشركات التابعة، وانطواء عقود البيع على بنود تسمح بلجوء المستثمر للتحكيم الدولي، ما جعل الشركات الأجنبية تحصل على مزايا من الفساد؛ لوجود ثغرات قانونية تم استغلالها من جانب بعض المسئولين بالدولة. الهروب للتحكيم المحلي وطالب النشراتي بضرورة وجود تشريع واضح يسمح بمنع تخصيص الأراضي لمصلحة الشركات الأجنبية أو اللجوء للتحكيم الدولي، مع إعطاء الاختصاص لمركز التحكيم الدولي بجامعة القاهرة. وانتقد النشراتي توجه الحكومة للتعاون مع القطاع الخاص لإعادة هيكلة الشركات العامة، مشيرًا إلى أنها شأن حكومي فقط، وكان من الأوْلى أن تترك للشركات الحكومية دون غيرها، موضحًا أن هناك نماذج واقعية كما هو الحال للشركة القابضة للتأمين، التي تم إعادة هيكلتها وأصبحت ناجحة ذا كيانين منفصلين أحدهما للخدمات التأمينية على الحياة وآخر للتأمين ضد الحوادث. لا أرباح لشركات خاسرة من جهة أخرى تطرق النشراتي إلى قضية العمالة بالشركات القابضة، موضحًا أن عمليات إعادة الهيكلة لا يمكنها أن تسريح العمالة، موضحًا أنه لا يمكن أيضًا الحصول على أرباح في وجود خسائر محققة. وقال: يمكن استثناء العاملين بشركة الحديد والصلب من الأمر؛ لأن حصة أرباح تلك الشركة لا يتم الحصول عليها من جانب شركة فحم الكوك التي تستحوذ عليها، مبررًا أن الاضرابات الأخيرة للعاملين ب"الحديد والصلب"؛ بسبب تعطل الأفران الخاصة بالشركة، مقابل تشغيل ربع طاقة الانتاج فقط. وأضاف النشراتي أن الحكومة تعلم جيدًا الأسباب الحقيقية لأزمة العاملين ب"الحديد والصلب" وتعلم الحل جيدًا، ويتمثل في دمجها مع فحم الكوك، خصوصًا وأن إيرادات الشركة الأخيرة تأتي عن طريق تصدير المنتج للخارج.