مع اقتراب العام الدراسي الجديد، تدق طبول أخطر الظواهر الاجتماعية، ويعلن الموسم الجديد بداية مرض تربوي خطير، وهو انتشار الدروس الخصوصية، في غياب حاستى السمع والبصر لدى وزارة التربية والتعليم، فهى لا ترى ولا تسمع، لتطلق العنان لجنودها فى جميع أنحاء الجمهورية. وفي محاولة من الأزهر الشريف للقضاء على كارثة الدروس الخصوصية أعلن الشيخ جعفر عبد الله رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، أنه لأول مرة يتم تسجيل كل المواد الشرعية والعربية لجميع المراحل الدراسية بالأزهر الشريف بأسلوب سهل وبسيط، تمهيدًا لرفعها على البوابة الإلكترونية للأزهر الشريف في إطار مواجهة الدروس الخصوصية ورفع الأعباء على كاهل الأسرة المصرية. فيما أكد خبراء تربويون أن هذه مجرد حلول شكلية، واصفين في ذات الوقت الخطوة ب "الجيدة" بتوفير المادة العلمية للطلاب، مشيرين إلى أن الأمر لا علاقة له بمكافحة الدروس الخصوصية في ظل عدم تجريم الدروس الخصوصية جنائيًّا والعمل على رفع مرتبات المعلمين بحدود المنطق. يقول الدكتور كمال مغيث -الخبير التربوي- إنها خطوة جيدة على أي حال لكنها لا تمنع الدروس الخصوصية؛ لأن كل ما تعده هو توفير المادة التعليمية على المواقع الإلكترونية. وأشار إلى وجود العشرات من الطلبة والطالبات الذين لا يملكون أجهزة الكمبيوتر وغير متاح لهم الشبكات الإلكترونية، خاصة أن غالبية ما يلجئون للتعليم الأزهري من أدنى المستويات الاجتماعية مقارنة بمن يلجئون للمدارس الخاصة أو الحكومية، مؤكدًا أنه في كل الحالات الأمر مجرد توفير للمادة العلمية ليس أكثر. وأشار إلى أن مكافحة الدروس الخصوصية ذو شقين: إعطاء المعلم مرتبًا يسمح له بحياة كريمة دون اللجوء للدروس الخصوصية، والضغط على الطلبة وتجريم الدروس الخصوصية جنائيًّا. وأكد الدكتور أيمن البيلي الباحث التعليمي والناشط النقابي أن كل هذه الحلول مجرد حلول شكلية وليست حلولاً جذرية واقعية، مشيرًا إلى أنها ليست حلولاً أصلاً، وإنما شعارات ترفع لكي تثبت الوزارة أنها تسعى لحل مشكلة الدروس الخصوصية. وأوضح"البيلي"أنه لا يمكن القضاء على الدروس الخصوصية إلا بصدور قانون بتجريم الدروس الخصوصية تجريمًا جنائيًّا؛ باعتبارها خطرًا يهدد فكر ومستقبل الوطن ويؤثر فى توجهات استراتيجيات التعليم في مصر، ومن ثم فإن الوزارة لا تحرك ساكنًا لحل المشكلة، فسلوكها هو سلوك الميوعة وعدم الجدية، وهو سلوك الحكومة بشكل عام في مواجهة التعليم الموازي. وتابع "التعليم الموازي يؤثر فى المجتمع من مختلف جوانبه، وخاصة الجانب الاقتصادى، حيث يتم إنفاق 18 مليار جنيه على الدروس الخصوصية، وثقافيًّا حيث يبني أجيالاً تفتقد إلى القيم والأخلاق وتحول التعليم إلى سلعة، مشيرًا إلى أن وجود الدروس الخصوصية يتوافق مع توجهات الدولة نحو رفع يدها عن تقديم خدمة اجتماعية مهمة، وهي التعليم، ومن ثم لا نجد حلولاً جذرية لتلك المشكلة". وأردف قائلاً "إنها تؤثر تعليميًّا وتربويًّا، حيث إن الدروس الخصوصية لا تلتزم بأي معايير تربوية مثل المدرسة الحكومية، ومن ثم كل محاولات الوزارة نحو تطوير الكتاب والمنهج تنتهي إلى الفشل؛ لأن ثقافة المجتمع وتوجهات الحكومة هي ضرب التعليم الحكومي وعدم الاعتداد به وتشجيع الدروس الخصوصية". وشدد على أن امتناع الدولة عن تجريم الدروس الخصوصية يعني تشجيعها للدروس الخصوصية وتشجيع إهدار الإنفاق العلمي الذي يبلغ 18 مليار جنيه، ولو تم القضاء عليها فإن هذه الأموال سيعاد ضخها مرة أخرى في السوق المصرية، فتحدث حالة انتعاش للسوق، ويرتفع مستوى المعيشة. وأضاف أن تجريم الدروس جنائيًّا يؤدي لنتائج إيجابية "اقتصادية وتعليمية وتربوية وحضارية وأمنية"، لافتًا إلى أنه في مقابل تجريم الدروس يجب أن يتم رفع أجور المعلمين بقدر معقول؛ حتى يتسنى للمجتمع قبول تجريم الدروس الخصوصية.