محافظ الإسماعيلية: افتتاح 11 مشروعًا توفر 31 ألف فرصة عمل باستثمارات 600 مليون دولار    إسرائيل تخطط للسيطرة علي سفينة مادلين    إيران: العقوبات الأمريكية الجديدة غير شرعية وتنتهك القانون الدولي    سيراميكا يكرر فوزه على الإسماعيلي ويتأهل لنهائي «عاصمة مصر»    الحجاج المتعجلون يؤدون طواف الوداع بيسر وطمأنينة    العودة لباريس أو البقاء مع يوفنتوس.. كولو مواني يكشف عن فريقه في كأس العالم للأندية    تقرير: بايرن ميونخ يضغط على ميلان لضم لياو    صناع الخير عضو التحالف الوطني ينشر بهجة عيد الأضحى بين الأسر الأولى بالرعاية    خالد عيش: خروج مصر من قائمة ملاحظات العمل الدولية للعام الرابع يعكس الالتزام بالمعايير الدولية    أخبار مصر اليوم.. السيسي يصدق على تعديل قانوني مجلس النواب والشيوخ    حدث في 8 ساعات| اكتشاف أقدم مدينة عمالية بالأقصر.. وآخر موعد للتقديم في سكن لكل المصريين 7    أمير كرارة وهنا الزاهد ينتهيان من تصوير فيلم الشاطر    طريقة عمل الريش البقري بالبطاطس، أكلة مميزة فى العيد    إعلام عبري: جثة السنوار في قبضة إسرائيل    التعليم العالي تنشر حصاد العام المالي 2024/2025 للتصنيفات الدولية: ظهور لافت للجامعات    المجلس الوطني الفلسطيني: إسرائيل حوّلت غزة إلى مقبرة جماعية    أكلات عيد الأضحى.. طرق تحضير الكوارع وأشهى الأطعمة    إحياء سبع آلاف سنة    فضيلة الإمام الأكبر    في ثالث أيام العيد.. مدير معهد بحوث أمراض النباتات يتفقد محطة سدس    رونالدو يكشف: عملت مترجمًا ل ميسي!    إلهام شاهين من الساحل الشمالي.. «الله على جمالك يا مصر» | صور    براتب 10 آلاف جنيه.. الإعلان عن 90 وظيفة في مجال الوجبات السريعة    لدغة عقرب تُنهي حياة "سيف"| المئات يشيعون جثمانه.. والصحة ترد ببيان رسمي    سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق في أمريكا (تفاصيل)    إنتظام حركة قطارات الوجه القبلي ببنى سويف بعد تصاعد الأدخنة الكثيفة من المحطة الوسيطة بالفشن    الدفاع المدني فى غزة: الاحتلال يمنع إنقاذ الأحياء فى القطاع    درة تخطف الأنظار بإطلالة كاجوال احتفالا بالعيد والجمهور يعلق (صور)    عقرهما كلب شرس.. تفاصيل إصابة طالبين داخل "سايبر" بالعجوزة    5 أيام يحرم صومها تعرف عليها من دار الإفتاء    لماذا تتجدد الشكاوى من أسئلة امتحانات الثانوية العامة كل عام؟.. خبير يُجيب    هدف الزمالك.. خطوة واحدة تفصل زين الدين بلعيد عن الوكرة القطري    تنسيق الجامعات 2025، قائمة الجامعات المعتمدة في مصر    «الحج دون تصريح».. ترحيل ومنع «المخالفين» من دخول السعودية لمدة 10 سنوات    196 ناديًا ومركز شباب تستقبل 454 ألف متردد خلال احتفالات عيد الأضحى بالمنيا    تجهيز 100 وحدة رعاية أساسية في الدقهلية للاعتماد ضمن مؤشرات البنك الدولي    الداخلية تواصل تطوير شرطة النجدة لتحقيق الإنتقال الفورى وسرعة الإستجابة لبلاغات المواطنين وفحصها    بنسب إشغال تصل إلى 100% جولات مستمرة من الإدارة المركزية للسياحة والمصايف في الإسكندرية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره التركى تطورات الأوضاع فى غزة وليبيا    لا يُعاني من إصابة عضلية.. أحمد حسن يكشف سبب غياب ياسر إبراهيم عن مران الأهلي    هل تشتهي تناول لحمة الرأس؟.. إليك الفوائد والأضرار    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    ضبط عاطلين بحوزتهما حشيش ب 400 ألف جنيه    موعد عودة الوزارات للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025. .. اعرف التفاصيل    إصابة سيدة في حادث انقلاب سيارة بالعريش    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    4 أبراج جريئة في التعاملات المالية.. عقلانيون يحبون المغامرة وخطواتهم مدروسة    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    الشرطة الكولومبية تعتقل فتى بتهمة محاولة اغتيال المرشح الرئاسي ميجيل أوريبي    الشراقوه يحتفلون بثالث أيام عيد الأضحى بالمناطق الأثرية    محافظ أسيوط: لا تهاون مع مخالفات البناء خلال إجازة عيد الأضحى    كامل الوزير يتابع حركة نقل ركاب القطارات ثالث أيام العيد، وهذا متوسط التأخيرات    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    استشهاد 11 شخصا وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي قرب مركز توزيع مساعدات بغزة    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العودة إلى زمن «الفتوات» والبلطجية يحكمون بتصريح من الداخلية
نشر في البديل يوم 15 - 06 - 2014

صور الأديب الراحل نجيب محفوظ في جل أعماله الروائية أدق تفاصيل الحارة المصرية، التي كانت تعبر إجمالا عن الواقع المصري، الذي حفل ب«الفتونة» واللجوء إلى «الشومة» لاستخلاص الحق، وأحيانا للظفر بما ليس بحق، وتواترت الأيام والسنون، لتتبدل ملامح مصر ممثلة في ملامح أهلها وغالب الأماكن بها، فاختفى الفتوات، وحل القانون مكان الفتوة، كما قال ذلك «محفوظ» في روايته «فتوات بولاق» التي أخرجها يحيى العلمي للسينما في فيلم حمل الاسم نفسه، حيث يأتي «المأمور» ويشير لأحد رجاله أن يصارع «الفتوة» الجديد فيهزمه، ثم يعلن على الملأ أن «القانون» صار الفتوة الأوحد، «واللي مش عاجبه ييجي يوريني نفسه»…
ومع مرور سنوات أخرى، يعيد التاريخ في مصر نفسه بصورة أكثر قسوة وأشد بشاعة، حيث يتحالف كثير من ممثلي القانون «الفتوة الجديد» مع مسخ من «الفتوة القديم»، ليجد المواطن المصري نفسه يعيش بين حافتي مقصلة تطيحان بكرامته وآدميته، فإما الرضا وإما الموت…
«بركة الحاج» بالمرج، إحدى بقاع مصر التي ترزح تحت نير التغيرات الجديدة في مصر، لا صوت فيها يعلو فوق صوت الرصاص، الذي يبدو أنه البديل المتطور ل «الشومة» التي كان يمسك بها كل فتوة ورجاله.
«المأساة» تبقى الوصف الوحيد لحياة الغابة التي يعيشها سكان شارع عبد الله الرفاعي بالمرج، فالخطف والقتل والتحرش وفرض الإتاوات، استحالت طقوسا يومية يطالعها ويعيشها أهالي الشارع، كل حسب دوره، ورغم أن الشارع الموبوء بظواهر اللاآدمية لا يقع في منطقة عشوائية أو خارج نطاق العاصمة، فإن قسم شرطة المرج رفع راياته وسلم مقاليد الأمور لعائلات البلطجية، وجعل كلمتهم العليا وأحكامهم النافذة.
البلطجية يتفوقون على رجال الشرطة
يروي سيد جبرائيل – أحد سكان الشارع، شيئا مما شهدته المنطقة من أعمال عنف وبلطجة، قائلا إن آخر واقعة شهدها هجوم 4 أفراد على منزل وتفتيشه مهددين السيدات داخله بأسلحة آلية، معللين ذلك بأنهم يبحثون عن شخص ما، وبعد انتهاك حُرمة البيت لم يجدوا ما جاءوا من أجله، فقرورا خطف شاب كرهينة حتى مجيء المطلوب، وساقوه مكبلا أمام أعين الجميع، دون أن يجرؤ أحد على إيقاف تلك الجريمة؛ فالجميع يعلم أن «ديته» طلقة طائشة من سلاح هؤلاء البلطجية.
واستطرد «جبرائيل»: «أعمل في نقل مواد البناء بسيارة نصف نقل، وقد حدد البلطجية إتاوة 100 جنيه عن كل دور يبنى، وعلى الأعمدة، وطالبوني بسداد نفس "التسعيرة" عن كل "نقلة" فرفضت، وعلى الفور انهالوا عليّ ضربا بالأسلحة البيضاء، فأصبت بعدد من الإصابات في الوجه والكتف والرجلين، كما كسر أصبعين بيدي، بالإضافة إلى جرح استلزم 12 غرزة. وحينما أخذت التقرير الطبي وتوجهت به إلى قسم شرطة المرج قال لي المأمور حرفيا: "روح اتصالح معاهم عشان مش هنعرف نجيبهم"!، ولم يكتف القسم من جانبه برفض أداء عمله، بل أخبر البلطجية الذين تقدموا بدورهم وحرروا محضرا ضدي، الأمر الذي أتاح لهم تهديدي قائلين: "محضر قصاد محضر، إما تتنازل أو تتسجن"!».
وأضاف «جبرائيل» في أسى: «تغربنا في ليبيا ولم نشعر هناك بالغربة التي نعيشها في وطننا، فقد عاد بنا الزمن إلى أيام "التوت والنبوت"، وعن نفسي أؤكد أن استمرار الوضع على ما هو عليه ينذر بمذبحة أشد ضراوة من مذبحة أسوان، فعلى الداخلية أن تسارع بالعمل على احتواء الموقف وأداء دورها».
«الإتاوة» تبدأ من 50 ألف جنيه
ويمسك ناجح جبرائيل – شقيق «سيد» بزمام الحديث قائلا إن قسم الشرطة على بُعد كيلو متر من شارع عبد الله الرفاعي، الذي أصبح مأوى للخارجين على القانون، بمعاونة رجال الشرطة، ورغم وجود اثنين من أعضاء مجلس الشعب السابقين "مجدي عاشور- المنتمي لجماعة الإخوان، وعمر عبد الله رفاعي، الذي ظل في مجلس الشعب من بعد أبيه" وفترة وجودهم في المجلس تقارب 50 عاما، ومع ذلك وجودهم لا يحل المشكلات بل يزيدها تعقيدا؛ لأنهم كثيرا ما يتوسطون لكثير من البلطجية لدى القسم فيتم الإفراج عنهم.
وأضاف أن أكثر الإتاوات يتم دفعها في الأراضي؛ حيث يتعدى البلطجية على أراضي الإصلاح المملوكة للدولة منذ عهد عبد الناصر، ثم يطلبون ممن يتملك الأرض أن يدفع 50 أو 100 ألف جنيه، وربما أكثر من ذلك وفقا لحالة المشتري المادية، كما تتنوع المشكلات اليومية المتمثلة في التحرش والخطف وأحيانا الاغتصاب، كل هذا يحدث في وضح النهار ودون أن يتعرض لهم حتى أمين شرطة.
وأكد أنهم دائما ما يرون أمناء الشرطة وضباط المباحث يجلسون مع البلطجية على مقهى، ويتباهون بشرب المخدرات جهرا، حتى أن البعض قال إنهم يتقاضون راتبا من البلطجية، لذلك يبلغوهم بمواعيد الحملات والدوريات الأمنية.
مطالب للشرطة بتفويض "الصعايدة" للدفاع عن أنفسهم
أما الحاج عبد العال "74 عاما"، فكان شاهدا على كارثة إنسانية حدثت بالمنطقة منذ عام ونصف العام، قتل خلالها شاب من المنيا يعمل ويعيش بينهم في المرج، حيث تعدى عليه مجموعة من البلطجية بالضرب حتى مات وتباهوا بأنهم أنهوا حياة شاب "صعيدي"، ولكن لم تدم فرحتهم طويلا حيث وصل أهالي القتيل من الصعيد ووصلوا إلى الجناة وقتلوا منهم أربعة أشخاص ثأرا لابنهم الذي مات دون سبب، وبعد عودة الأهالي إلى المنيا انتقم البلطجية بإحراق مخازن أشخاص بعيدين تماما عن هذه الأزمة، وكل ذنبهم أنهم "صعايدة"، رغم أنهم من محافظة أخرى هي سوهاج.
وهذه الجريمة لم يسجن فيها فرد واحد، حتى وصل أهالي المنطقة إلى اللواء أسامة الصغير – مساعد وزير الداخلية، وهو الذي تدخل لكي يتحرك القسم ويلقي القبض على المتهمين، وبالفعل ظلت المنطقة هادئة 6 أشهر فقط ، ثم عادت لسابق عهدها ورجع المجرمون يعيثون في الأرض فسادا.
نواب سابقون يبيعون الدم ببضعة أصوات.. والمسيحيون يدفعون الجزية مقابل أمنهم
وقال أشرف سيف – أحد الأهالي، إن أعضاء مجلس الشعب تقصدهم العائلات الكبرى للتوسط لدى الشرطة من أجل إجبار أصحاب الحقوق على التنازل عن المحاضر، وبالفعل يكون دورهم "تنويم" القضية، وعمل مجالس عرفية ب"العافية"، وحين سألهم أهالي المنطقة لماذا لا ينحازون إلى الحق يبررون ذلك بقولهم: "احنا قرفنا منهم بس أغلبهم من عائلات كبيرة وده بيخدمنا في الأصوات وقت الانتخابات".
أما المسيحيين في المنطقة؛ فيتم تحصيل مبالغ إضافية على إتاوات البلطجة، مقابل أمنهم وتركهم يقيمون بينهم، أي ما يعادل الجزية التي يضطرون لدفعها حفاظا على أرواحهم، ورغم شكواهم المتكررة دائما، فإن الحال يظل على ما هو عليه.
وأضاف «سيف» أن عددا من "فتوات" المنطقة مارسوا أبشع الجرائم من قتل وسرقة ونهب وخطف واغتصاب، إلا أن الشرطة لم تلاحقهم سوى في واقعة سرقة سيارة، وبالتقصي عن سر هذا التحرك السريع وإلقاء القبض عليهم من منازلهم، علم أهالي المنطقة أن السيارة المسروقة يملكها مستشار، وعندما علم بهذه الجريمة أبلغ قسم شرطة المرج فتحركت قوة على الفور وداهمت بيوتهم البلطجية.
بعد تواطؤ الشرطة.. «ذراعي» هو الحل
أما أحمد ناجي – سائق تاكسي، فقال: "استنجدنا بالشرطة كثيرا وماحدش أنقذنا، وفي الآخر قلت آخد حقي بإيدي أحسن ما استنى اللي يجيبهولي، ولو فضل الحال كده هتبقى المواجهة مع الحكومة، خاصة أنه تم تحطيم التاكسي الذي أعمل عليه، فضلا عن ضربي وإصابتي بجروح بالغة، لكني لم أحرر محضرا ضد المعتدين، وتوجها إلى أحد أقارب من اعتدى عليّ فوعدني برد حقي.
وأضاف «ناجي»: "بعد مرور أيام لم يفعل أي شيء، كان الحل الوحيد أمامي خطف الشاب البلطجي وضربه، وترويع أهله بالبنادق الآلية حتى تعهدوا بعدم التعرض لي مرة أخرى، ومنذ تلك الواقعة وهذا البلطجي، الذي لم أكن أجرؤ على النظر إليه عندما اعتدى عليّ، يضرب لي تعظيم سلام، أما الغلابة "بيدوسوا" عليهم.
وفي النهاية، التقت «البديل» مع "م.ع." أمين شرطة بقسم المرج، وقال إن هناك تواطؤ مع البلطجية ضد سكان المنطقة، بحيث يتركوهم يفعلوا ما يريدون مقابل "الكيف" وبعض "الملاليم" التي يتقاسموها من الإتاوات، فضلا عن الجلسات العرفية التي تتم برعاية القسم؛ حتى لا يضطروا إلى تحريك قوة وعمل حملة للقبض على المتهمين وحفظ الأمن في المنطقة. ويؤكد صحة هذا الكلام رواية أحد المواطنين أنهم عثروا على هاتف محمول عليه رسائل نصية من داخل القسم، تخبر البلطجية بمواعيد الحملات والدوريات الأمنية، وتحذرهم من البلاغات المقدمة ضدهم، بالإضافة إلى إخبارهم بأسماء الأشخاص الذين حرورا محاضر ضدهم؛ الأمر الذي يدفعهم إلى الانتقام والتعدي على البيوت كلها دون تفرقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.