مصدر أمني: لن نسمح لأحد بترويع المواطنين.. القانون فوق الجميع «مطاريد» الصف يسيطرون على الأراضى الزراعية بقوة السلاح لا يختلف اثنان على أن وزارة الداخلية بمختلف أجهزتها، تبذل مجهودات كبيرة في مكافحة الجريمة ومطاردة المجرمين، وأنها حققت نجاحات عديدة في السيطرة على البؤر الإجرامية التي ظهرت في مختلف المحافظات في أعقاب ثورة 25 يناير.. ولا ينكر عاقل أن رجال الشرطة يخوضون حربا شرسة ضد قوى الإرهاب الأسود، وأنهم قدموا مئات الشهداء من أجل حفظ أمن وأمان الوطن وحماية أرواح وممتلكات المواطنين، غير أن الحرب على الإرهاب، يجب ألا تشغل أجهزة الداخلية، أو تكون حجة لها لإهمال بعض الجرائم التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، مثل انتشار البلطجية والخارجين على القانون في بعض المناطق، وترويع الأهالي بالأسلحة النارية، وفرض الإتاوات عليهم وطردهم من منازلهم. في السطور التالية.. يرصد محقق «فيتو» بعض النماذج من اعتداء البلطجية والمسجلين على الأهالي وترويعهم، ويضعها أمام المسئولين في وزارة الداخلية، ليحققوا فيها أولا والتأكد من صحتها، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لردع هؤلاء، وإعادة الحقوق إلى أصحابها، وفرض الأمن والقانون في الشارع المصرى. البداية من منطقة العمرانية في الجيزة، والتي شهدت واحدة من أغرب جرائم البلطجة وأكثرها استفزازًا.. فيها أجبر مجموعة من الخارجين على القانون، 4 أشقاء بأسرهم كاملة على مغادرة شققهم السكنية الواقعة في عمارة واحدة، والهجرة إلى الإسكندرية، والتشرد في بعض مناطق القاهرة الكبرى بلا مأوى دائم لهم.. الأكثر غرابة أن هؤلاء الخارجين على القانون، منعوا أصحاب الشقق من بيعها أو تأجيرها، وعندما تجرأ أحد المواطنين على تأجير شقة في تلك العمارة، كان جزاؤه الاعتداء عليه.. أما التفاصيل فيرويها الشقيق الأكبر «حسين. ع» قائلا: «بدأت مأساتى أنا وأشقائى منذ عدة أشهر، وقتها حدثت مشادة كلامية بين نجلى الأكبر «أحمد»، وأحد أبناء الجيران، وتطورت إلى مشاجرة وتشابك بالأيدى، وتدخل الكبار وأنهوا الخلاف وتم الصلح، وظننا أن الموضوع انتهى خصوصا أن الخلاف كان بسيطًا، غير أننا فوجئنا بمجموعة من البلطجية المسلحين بالخرطوش والمولوتوف والسيوف والسنج والمطاوى، وبدءوا في محاصرة العمارة التي نقيم فيها، وراحوا يسبوننا ويطلقون النار على شققنا ويهددون بإحراقنا بالمولوتوف.. أصابنا هذا الأمر بالرعب الشديد خصوصا أن عدد هؤلاء كان كبيرا جدا، ولدينا نساء وأطفال نخاف عليهم.. تحملنا هذا اليوم العصيب على أمل أنهم سينصرفون ولن يعودوا مجددا، إلا أنهم عادوا في اليوم التالى، وفعلوا نفس الشيء وظلوا لأيام طويلة يهددوننا ويرهبوننا». صمت الرجل قليلا وأضاف: «عشنا أياما طويلة لا نجرؤ على الخروج من العمارة، ثم كانت الطامة الكبرى، عندما هددونا بالقتل واختطاف الصغار إذا لم نغادر الشقق، وأمام هذه التهديدات المصحوبة بإرهابنا بإطلاق الرصاص ليلا ونهارا، اضطررنا لترك شققنا، وانتقلنا بعائلتنا إلى الإسكندرية والمرج وبعض المناطق الأخرى بالقاهرة الكبرى». التقط الشقيق الثانى «محمود.ع»، طرف الحديث قائلا: «أنا فران بسيط كنت أقيم مع أسرتى المكونة من زوجة وطفلين في شقة بعقار من خمسة طوابق، أملكه أنا وأشقائى، وفوجئنا بالبلطجية يهجروننا من شققنا، وعندما اعترضت وحاولت مقاومتهم، ألقونى من الطابق الخامس، وسقطت في شرفة الطابق الثالث بعقار مجاور وأصبت بكسور وجروح خطيرة، من بينها إصابات وكسور في العمود الفقرى، الأمر الذي أقعدنى عن العمل، وأصبحت غير قادر على توفير متطلبات أسرتى، خصوصًا بعد أن انفقت كل مدخراتى على العلاج».. أما الشقيقان الآخران «محمد»، و«حسن»، فقد أكدا الأقوال السابقة، وأضافا أن البلطجية والخارجين على القانون، لم يكتفوا بكل ما سبق، بل منعوا أي شخص من التقدم لشراء الشقق أو تأجيرها، وهددوا بقتل كل من يتجرأ ويعرض الشراء، وتنفيذا لتهديدهم هذا، اقتحموا إحدى الشقق واعتدوا بالضرب على مستأجر، وحطموا أثاث الشقة، واجبروه هو الآخر على المغادرة.. وقد حرر الأشقاء عدة محاضر في قسم شرطة العمرانية بكل هذه الوقائع، حملت أرقام: 4135 لسنة 2014، و5400لسنة 2014، و9211 لسنة 2014، و4322 لسنة 2014 عصابات مسلحة وإتاوات شهرية بعزبة الصفيح ومن العمرانية انتقل المحقق إلى منطقة امبابة وتحديدا في «عزبة الصفيح»، والتي تشهد هي الأخرى وجودا مكثفا للعناصر الإجرامية، وعصابات البلطجية المسلحة بالبنادق الآلية والخرطوش ومختلف انواع الأسلحة البيضاء، فضلا عن بعض الهاربين من السجون في أعقاب ثورة 25 يناير.. هؤلاء احترفوا شتى أنواع البلطجة من سرقة بالإكراه، واقتحام المنازل وطرد السكان من بيوتهم، وإجبارهم على دفع إتاوات شهرية، واتجار في المواد المخدرة على مرأى ومسمع من الجميع، وإطلاق النار عشوائيا بصفة مستمرة لإرهاب الناس.. عن هذه الممارسات المفزعة، تحدث «فوزى.ع» بصوت ملؤه الحسرة والألم قائلا: «في أعقاب ثورة يناير ظهرت العصابات المسلحة بصورة كبيرة في منطقة إمبابة في ظل الغياب الأمني شبه الكامل، وبعد ثورة 30 يونيو وعودة رجال الشرطة إلى عملهم وقوتهم، استبشرنا خيرا خصوصا أنهم أصبحوا موجودين بكثافة في الشارع، غير أن بعض العصابات مازالت تمارس أنشطتها الإجرامية بكل حرية، وتوسعوا في تجارة المخدرات وتعاطى البرشام والحشيش والبانجو في الشوارع بصفة دائما، ويتعرضون للسيدات والفتيات بكلمات خادشة للحياء.. أهم وأخطر هذه العصابات هي عصابة «أبو رامى الحانوتى»، التي اعتادت فرض سيطرتها على الأهالي وإلزامهم بدفع إتاوات شهرية تصل إلى 500 جنيه للشقة وألف جنيه للمحل التجارى، ومن لا يدفع يكون مصيره الطرد من منزله ومن المنطقة بأكملها والتشرد في الشوارع. أما من يتجرأ على الاعتراض، فينال «علقة ساخنة» ربما تخلف له عاهة مستديمة وربما القتل».. وأضاف: «كنت أدفع الإتاوة مثلى مثل الجميع، وعندما عجزت عن دفع ال «500» جنيه، فوجئت بأفراد العصابة يطلبون منى ومن بعض الجيران مغادرة منازلنا فورا، وإلا لن يترددوا في إطلاق النار علينا أو اختطاف أبنائنا، خشينا بطشهم خصوصا أنهم لم يترددوا في الاعتداء على البعض وأحدثوا به إصابات خطيرة، وتركنا منازلنا للعصابة الإجرامية».. فوزى واصل حديثه بمرارة بالغة: «لم يتوقف البلطجية عن مضايقتى، وراحوا يلاحقوننى في كل مكان أذهب إليه، بعد أن استولوا على كل ما أملك لدرجة أنهم سرقوا الأجهزة الكهربائية التي كنت قد اشتريتها لتجهيز بناتى للزواج.. حررت محضرًا في قسم الشرطة، وطالبت بحمايتى من بطشهم، وإثبات التلفيات التي لحقت بشقتى، ولكننى فوجئت بحفظ المحضر وعدم تحريكه من قبل الأجهزة الأمنية، التي أكدت أنه من الصعب جدا إجراء المعاينة». إجبار الأطفال على تجارة المخدرات ببشتيل ومن عزبة الصفيح انتقل المحقق إلى منطقة «لعبة» في بشتيل بالجيزة، وهناك علم أن عصابات من البلطجية وأرباب السوابق، يمارسون أعمالا إجرامية لإرهاب الأهالي وفرض السيطرة عليهم، وأكد «أشرف. س» (44 سنة – موظف)، أنه في أعقاب ثورة 25 يناير، وأثناء حالة الانفلات الأمني وشعور الناس بالخوف والفزع، حضر مجموعة من الأشخاص المسلحين، وزعموا أنهم سيتولون حماية المنطقة من اللصوص والهاربين من السجون.. وثق الأهالي فيهم وقدموا لهم الأطعمة واستقبلوهم في منازلهم، ومع الوقت طالبوا الأهالي بدفع «أجر» لهم مقداره مائة جنيه في الشهر عن كل منزل، وإلا سيتركون المنطقة للبلطجية والمسجلين خطر.. اضطر الأهالي إلى دفع المبلغ المطلوب، خشية أن يحضر المزيد من البلطجية وتتحول المنطقة إلى فوضى عارمة.. بعد أشهر قليلة رفع هؤلاء البلطجية مبلغ الإتاوة إلى 200 جنيه على المنزل و500 جنيه على المحل التجارى.. اعترض الأهالي على هذا الوضع، وطالبوا البلطجية بالرحيل، وهنا تحول الأمر إلى صدام معلن، وراح هؤلاء الأشخاص يقتحمون المنازل ويسرقون محتوياتها، ويروجون المخدرات بين الشباب، وأجبروا الأطفال على العمل معهم في تجارة الكيف. أشرف أضاف: «كان نجلى أحمد البالغ من العمر 6 سنوات، من بين هؤلاء الأطفال، وعندما حاولت إبعاده عنهم بالاشتراك مع أهل المنطقة، كانت النتيجة أنهم قتلوه وأحرقوا المحل الذي امتلكه، فانتقلت إلى مكان آخر؛ خوفا على باقى أبنائى وزوجتى.. بعد أن استعادت الدولة هيبتها، ورجعت الداخلية إلى قوتها، تخيلت أننى سأحصل على حقوقى غير أن شيئا لم يحدث». وهناك أماكن أخرى يتحكم فيها البلطجية والخارجين على القانون ويعيثون فيها فسادا، من بينها مناطق في الوراق بالجيزة.. حيث تؤكد «إيمان.م» انها لا تستطيع السير في الشارع بعد العشاء مباشرة، ف» العواطلية» – حسب تعبيرها – يقفون على نواصى الشوارع يلقون أقذر عبارات والألفاظ الجارحة على مسامع السيدات والبنات، ومعظمهم يكون في حالة «توهان» جراء تعاطى المخدرات.. وتضيف: «حاول عدد من البلطجية فرض إتاوات على أهالي المنطقة، فاستجاب لهم من استجاب خوفا على حياته وأسرته، ورفض من رفض مفضلا الموت على الخضوع لهؤلاء الأشخاص، وكان شقيقى «عبدالله» من الرافضين لدفع الإتاوة، ودخل في معركة مع أحد البلطجية، انتهت بمقتل شقيقى إثر تلقيه عدة طعنات باستخدام آلة حادة «كتر»، وبموته فقدنا العائل الوحيد لأسرتنا، فهو كان يدرس في كلية الحقوق، وفى ذات الوقت يعمل سائقا على سيارة ميكروباص.. أيضا فإن الخارجين على القانون وأرباب السوابق، كونوا عصابات لسرقة سيارات الأجرة وترويع سائقيها وفرض الإتاوات عليها والتي تصل إلى 1000 جنيه شهريا، ومن لا يدفع يكون عقابه تحطيم السيارة أو إحراقها، أو سرقتها وطلب مبالغ مالية كبيرة مقابل إعادتها.. إطلاق النيران لإرهاب أصحاب المزارع بالصف أما في منطقتى الصف وأطفيح، فينتشر نوع آخر من البلطجية، وهؤلاء يفرضون سيطرتهم وإتاواتهم على أصحاب الأراضى الزراعية، وهم يتخذون من المناطق الصحراوية والمغارات الجبلية المنتشرة هناك، أوكارا للاختباء بها، ثم يخرجون منها في مجموعات ليطلقوا النار بشكل عشوائى، بغرض إرهاب أصحاب المزارع والأراضى، وبعد ذلك يطلبون مبالغ مالية نظير عدم التعرض لهم.. ومن لا يدفع، يتم الاستيلاء على أرضه بقوة السلاح، وإحراق المزروعات وإرهاب العمال والحراس. من جهته.. أكد مصدر أمني مسئول أن وزارة الداخلية لم ولن تتوانى في حماية الشعب المصرى، وأن حربها ضد الإرهاب لم تشغلها عن مكافحة الجرائم الاخرى، والدليل على ذلك كثرة عدد البلطجية والمسجلين خطر، ومرتكبى مختلف الجرائم، الذين يتم ضبطهم بشكل يومى.. كما أن الوزارة اتبعت سياسة الحملات الأمنية المكبرة المدعمة بقوات من العمليات الخاصة والمدرعات ورجال المباحث الجنائية، في اقتحام البؤر الإجرامية التي ظهرت في مختلف المحافظات، ونجحت في القضاء على الكثير منها، وقدمت الآلاف إلى أجهزة التحقيق المختلفة خلال السنوات الثلاث المنقضية.. المصدر أضاف: « لن نسمح للبلطجية بفرض سيطرتهم أو إتاواتهم على أحد، ونبحث ونفحص كل البلاغات بدقة ولا نتوانى في فرض القانون على الجميع».