هل ما حدث ليلة فض اعتصامي رابعة والنهضة هو السبب الحقيقي لكل الجرائم التي ترتكب في الشارع المصري!، هل القصاص للقتلى يحمل كل هذا الحقد والكراهية للشرطة والجيش إلى درجة الإفتاء من رجل الإخوان محمد عبد المقصود باستباحة دماء رجال الجيش والشرطة وأسرهم بالاعتداء والحرق!ما الذي يحمل هؤلاء على هذه الضغينة للبدلة الكاكي ومن يرتديها !. تاريخ الإخوان مع البدلة الكاكي يبدأ منذ مارسوا طموحاتهم السلطوية بغية الوصول لكرسي الحكم إبان ثورة يوليو بزعامة عبد الناصر ,فثمة ربط بين هذه الحقبة وما يجري على أرض الواقع بعد ثورة 30 يونيو . في ثورة يوليو بادر الإخوان بمساندتها في ظل رفض الأحزاب السياسية على رأسها حزب الوفد الذي يمثل طبقة الباشوات والإقطاع فضلا عن الأعداء داخل وخارج الوطن ,ولأن الإخوان دائما يعرفون من أين تؤكل الكتف فقد ساوموا الزعيم عبد الناصر بعد قيام الثورة باعتبارهم القوى الوطنية الوحيدة التي ساندت الثورة بما يعني جنى الثمرة ,وكان الثمن هو القفز على الثورة واقتناص الوصاية بحيث تعرض القوانين والقرارات الجمهورية قبل إعلانها على مكتب الإرشاد وهنا كانت صيحة جمال عبد الناصر في وجوههم مؤكدا أن الثورة ليست في أزمة أو محنة ولن تسمح بالوصاية من أحد . كانت هذه هى الشرارة الأولى للإنقلاب على عبد الناصر وتنامي مشاعر الحقد والكراهية لكل من يرتدون البدلة الكاكي التي يمثلها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر دون اعتبار لرمزيتها وما تحمله من معان وطنية هم أبعد ما يكونوا عنها ,وحقيقة الأمر أن الخلاف بين الزعيم والإخوان لم يكن على تقطيع الكعكة أو سرقتها بالكامل وإنما كان على محاولة اجتزاء الحلم الثوري من الناس البسطاء الذين قامت من أجلهم الثورة ولم يسمح لهم ناصر بالإلتفاف عليها دون تحقيق أهداف ومطالب الفقراء,وبات الصراع المكتوم بين الطرفين يشتعل لإثناء هذه الجماعة عن أطماعها ومعاداة الثورة واستكمال المسار في الوقت الذي كان الإخوان يصرون على إشعال الصراع طالما لم تتم الصفقة ,وحين شعر الإخوان أن عبد الناصر يقف حجر عثرة في طريق طموحاتهم المحمومة حاولوا اغتياله عام 1954 لينكشف أمر الجماعة ويتحول الخلاف السياسي إلى كراهية باتت أقرب إلى الثأر الشخصي. على مدى 44 عاما من العمل الدؤب بعد وفاة الزعيم كاد الحلم القديم يتحول إلى حقيقة واقعة بالقفز مرة أخرى على ثورة يناير واستغلالها بصفقات مشبوهة بالداخل والخارج,دون أن تجد قياداتها من يوقف هذا الإسراف الكبير في الحلم كما فعل عبد الناصر فسلمت مصر على طبق من ذهب للإخوان في غياب تام للقيادات التي كنا نحسبها مهمومة بأمور الوطن فانشغل كل منهم بطموحه في جمع أكبر عدد من الأصوات للفوز بالانتخابات الرئاسية دون الاهتمام بالوطن الأكبر وآمال شعبه في العيش بحرية وعزة وكرامة مما أدى لصعود الإخوان لسدة الحكم على مدى عام كامل كان كافياً لإنهاء التجربة كلياً على يد رجل ويالا سخرية القدر يرتدي البدلة الكاكي وينتمي لنفس المؤسسة الوطنية التي ينتمي إليها ناصر مما استدعى مرة أخرى مشاعر الكراهية الجارفة لشخص عبد الناصر ومؤسسته العسكرية فتحولت هذه الطاقة السلبية لبركان هادر يستهدف هدم الدولة بكافة مؤسساتها انتقاما من الرجل الذى وأد الحلم واصفة ماحدث في 30 يونيو بالإنقلاب وهو ما يتسق مع ما يرونه انقلابا على أحلامهم في اعتلاء عرش مصر حتى ولو كان مخضبا بدماء شعبها. لقد احتل الإخوان موقع المشاهد منذ 25 يناير وحتى 28 وبتحريك المؤشر في اتجاه نجاح الثورة انضم الإخوان ليس حباً في التغيير أوالوقوف في وجه سلطان جائر ,وإنما لاستلاب المخطط الذي فشل في الماضي البعيد ,وقد نجحوا في الوصول للحكم وبات الخيال واقعاً ملموساً ما لبث أن تسرب بثورة 30 يونيو فكانت الوطأة أشد والخيبة مدوية حين انحازت المؤسسة الوطنية الكبرى ليس في مصر فقط وإنما في الوطن العربي الكبيرلمطالب الشعب واستطاعت إسقاط حكم الجماعة متجسداً في ممثلها الضعيف محمد مرسي ,فإذا ما نزل الإخوان في مظاهرات تجوب شوارع مصر يقتل ويذبح فيها مصريون يعيشون على هذه الأرض وإذا ما خرجت فتاواهم تستبيح دماء رجالات الجيش والشرطة ,وإذا ما استمرت الحرب الارهابية بسيناء واستمر معها مسلسل الاغتيالات السياسية للقيادات وتجاوزها إلى حد استهداف المدنيين فيجب أن نعلم أنه استكمال لفكرة الثأر من المؤسسة التي استطاعت قمعهم في الثورتين ,وأن مايرفعونه من شعارات رابعة ماهو إلا ستار يخفي أحقاداً دفينة عادت في أبشع صورها انتقاماً من أفراد الجيش والشرطة . لقد آن الأوان أن يعالج الإخوان أنفسهم من مرض نقص (البدلة الكاكي في الدم)الذي أصبح مرضاً مزمناً هاجمهم في ثورتين متتاليتين.