إعلان غير دستوري مكمل.. انقلاب رسمي نظمي على الثورة وعلى الشرعية.. واستمرار لمنطق "الوصاية" العسكرية على مصر.. منطق الوصاية يحتكر الوطنية لصالح مؤسسة واحدة هي المؤسسة العسكرية.. المجلس العسكري رأس المؤسسة يحتكر الوطنية.. يعرف أكثر مما نعرف.. ويفهم ما هو في صالحنا نحن المدنيين السذج الذين لا نعرف كيف ندير دولة ولا كيف ندير حوارا ولا كيف ندير عملية ديمقراطية. الثورة لم تقم للإطاحة بمبارك.. الهتاف كان الشعب يريد إسقاط النظام.. مبارك لم يكن النظام.. ولا رجاله هم رجال النظام.. مؤسسة الحكم وحارسة النظام هي المؤسسة العسكرية.. مبارك لم يكن أكثر من واجهة لإدارة الدولة من المؤسسة العسكرية.. مثلما سيكون مرسي مجرد واجهة لمكتب الإرشاد.. العسكر أطاحوا بمبارك في 11 فبراير لأنه أصبح عبئا على النظام.. رقما غير مهم في معادلة سياسية يجب أن تبقى على النظام نفسه.. على مصالح النظام ومكاسبه من يوليو 1952.. ضباط الجيش لم يكن ولاؤهم لمبارك ليتمسكوا به.. الولاء للنظام فحسب.. هم يعرفون كما نعرف أن مبارك لم يكن النظام.. مجرد واجهة.. لكنهم لا يعرفون أننا نعرف.. وتلك هي المشكلة. بعد رحيل مبارك كتبت إن ثورة يناير انقلاب على ثورة يوليو.. انقلاب على مبادئها رغم المكاسب التي تحققت للشعب منها.. كان جوهر نظام يوليو العسكري هو احتكار الوطنية.. استفاد في صياغته من الكاريزما الهائلة لجمال عبد الناصر.. الزعيم الملهم.. لست أشكك في وطنية عبد الناصر.. وطنية عبد الناصر مسألة محسومة بالنسبة لي.. لكني أؤمن بأن ناصر كان يظن أنه الوطني الوحيد في مصر.. هذه مشكلة العسكر.. مشكلة النظام الذي نريد إسقاطه.. هو يحتكر الوطنية لنفسه.. لا يحق لأحد أن يتحدث عن رؤية أخرى تخالف رؤية النظام للوطنية.. المصريون اطمئنوا لوطنية الزعيم.. اطمئنوا لأنه موجود في الجوار يحميهم ويحمي الدولة ويحرس الوطنية.. باع الزعيم المصريين العيش والأمن مقابل الحرية.. في سنوات قليلة شعر المصريون أن الدنيا تتغير.. أن ابن الجنايني يمكن أن يتزوج ابنة الباشا.. المشكلة أن ابن الجنايني لم يكتف بالزواج من ابنة الباشا.. ابن الجنايني اعتقل البرنس علاء.. صادر ممتلكاته.. وسع نطاق الاعتقال ليشمل الجميع.. بدأ بالشيوعيين الذين تصوروا أن ناصر قرأ كتاب الاشتراكية حتى نهايته.. ثم بالليبراليين الذين دافعوا عن حريتهم في أن يقولوا لا.. ثم بالإخوان الذين طلب مرشدهم من ناصر أن يفرض الحجاب على المصريين بقوة القانون.. ثم أصدر أمر توقيف للديمقراطية التي أسست ثورة 19 لها.. الأحزاب خطر على مصر.. الاختلاف في الرأي يهدد سلامة المجتمع.. ويهدد تماسكه.. الاتحاد الاشتراكي.. الاتحاد القومي.. الاتحاد قوة.. والتفكير بعيدا عن المجموع خطيئة.. واللي هيبعد م الميدان عمره ما هيبان في الصورة.. يا شعبي الحبيب المهاود. احتكار الوطنية والوصاية على الشعب وتوجيه القطيع أساس النظام العسكري الذي هتف المصريون في يناير لإسقاطه. الإعلان غير الدستوري المكمل يكرس لاحتكار الوطنية ويفرض الوصاية على المصريين ويستغل أجهزته الإعلامية التي قاوم مطالبات عديدة باستقلالها وتطهيرها لتوجيه القطيع نحو الاحتماء به.. ببدلته العسكرية.. ليحمي المدنيين.. ليحافظ لهم على هوية الدولة.. ليمنع الإخوان من الاستحواذ على الدولة.. ليمنعهم من الهيمنة.. ليمنعهم من أن يحتكروا الوطنية وليمنعهم من أن يفرضوا وصايتهم على الشعب وليمنعهم من توجيه القطيع نحو مشروعهم الديني الفاشي. الشاويش يريد تخليص المصريين من فرض وصاية الدرويش عليهم بفرض وصاية عسكرية.. يا سلاااااااام. والمشكلة أن ثمة من يصدق كل هذا الهراء.. ثمة من يجبن عن مواجهة الإخوان بالاحتماء بالعسكر. مغفل يفضل وصاية العسكر على وصاية الإخوان.. لا يزيد عنه تغفيلا إلا ذاك الذي يفضل وصاية الإخوان على وصاية العسكر. وصاية الإخوان لا حدود لجهلها وحماقتها.. بنفس قدر جهل وحماقة العسكر.. برلمانيوهم يريدون اقتحام البرلمان.. يرفضون حكما قضائيا من أعلى محكمة.. ماذا لو أن مرسي كان الرئيس حين صدر حكم المحكمة؟ باعتباره الرئيس ألم يكن ضمن مهامه تنفيذ أحكام القضاء؟ مرسي يفتتح سنوات حكمه برفض حكم قضائي.. بفرض وصايته على المحكمة الدستورية طالما أن الدستورية تهدم برلمانا حزبه شخصيا له الأكثرية فيه. العسكر ينتزعون صلاحيات عجائبية في لحظات حرجة لفرض وصايتهم بدعوى حمايتنا. حمايتنا من مَن؟.. والإخوان في الميدان يدفعون الثورة إلى المواجهة مع وصاية العسكر ويستعدون في الخلف لخطف الثورة إذا ما استسلم العسكر ورفعوا الراية البيضاء.. ثورة حظها هباب كلما قامت من عثرة كلما وقعت في عثرة أبشع منها.. المتعوس متعوس ولو كان البرادعي موجودا في مصر. انقلاب عسكري على ثورة مخطوفة.. والثورة بين وصاية عسكرية وبين وصاية دينية لا تعرف كيف تنجو.. كيف تصدق في قولها "الثورة مستمرة".. الثورة مستمرة لكن في أي طريق؟ لا أحد يعرف. الثورة ترغب في كسر طوق الوصاية.. لا وصاية عسكرية ولا وصاية دينية.. لا للشاويش ولا للدرويش.. يسقط حكم العسكر ويسقط حكم المرشد.. الثورة مستمرة ولكنها متعثرة بين عدوين كلا منهما يريد اختطافها.. كلا منهما يريد فرض وصايته باسم الوطنية التي يحتكرها لنفسه.. الثورة مستمرة ولكن إلى أين؟ لا أحد يعرف.. ربما البرادعي يعرف.. المجد للبوب! Comment *