حرمة الدم الفلسطيني كذبة اخترعها مقاولو الثورة الفلسطينية في زمن كانت فلسطين من البحر الى النهر عربية. اخترعوها ليحرّموا سفك دمائهم من خياناتهم، الى أن وصلوا الى أوسلو ونسفوا الخيار الوطني الفلسطيني تحت عنوان حرمة الدم. حرمة الدم الفلسطيني تروجها اليوم قنوات ووسائل دعاية في حملة شرسة على سوريا وتدخل من الباب الفلسطيني من مخيم اليرموك، تتباكى القنوات المتصهينة على الفلسطينيين الذين يموتون جوعا في المخيم، فأخبار المجاعة تملأ الدنيا، والشعب المعذب لا ينفك يخرج من شتات ليدخل في شتات جديد، الدنيا تطارد هذا الشعب وآخر فصول المأساة يقترفها الجيش العربي السوري. الجيش العربي السوري يقاتل منذ ثلاثة أعوام دفاعا عن سوريا، يمارس العمل العسكري باحتراف الجراح النطاسي ليحافظ على أرواح المدنيين ولو كلفه ذلك الشهداء تلو الشهداء، هذا الجيش الذي فاجأ الدنيا بأدائه البطولي والاستثنائي، عقيدته التي آمن بها: فلسطين عربية، و"اسرائيل" عدو، والأمة العربية حصن وملجأ، ليأتي بعد هذا مأجورو المخابرات الغربية ليتهموه بالدم الفلسطيني وان الحصار المفروض على مخيم اليرموك يخلف مجاعة تفتك بالشعب الفلسطيني دون رحمة. لعل المشكلة ابتدأت عندما لم يحاول الجيش اقتحام المخيم مدركا المحاذير التي قد يثيرها مروجو الفتنة، عندما استولت العصابات الإرهابية على المخيم ونهبت المؤن ودمرت المخابز لتحرم الناس من وسائل العيش. خططوا لمجزرة في المخيم على يد الجيش ولكن أدركت القيادة الفخ، ولما وصلنا الى تطويق المخيم بهدف قطع الطريق على العصابات من الانقضاض على دمشق، هنا ينفجر اللغم الفلسطيني، المجاعة تهدد الشعب المشتت، العصابات على اتم الجاهزية في المخيم والمقاتلون بصحة جيدة والشعب الفلسطيني يموت جوعا، تتباكى عليه القوى التي سهلت اجتياح المخيم وتتهم الجيش بالابادة. يتناسى المجرمون أن سوريا كلها تنزف، شعبها يعاني من الحصار في حلب ونبل والزهراء من العصابات ولم نسمع من يدافع عنهم، والجيش يطوق الغوطة الشرقية لحرمان العصابات من الدعم، والشعب العربي السوري فيها يعاني من الجوع كأخوتهم الفلسطينيين ولم ترف جفون الناعقين على مجاعة المخيم متناسين ان الدم الفلسطيني زمرته سورية وان الدم السوري زمرته فلسطين كان ولا يزال، لكنها الحرب تدمي القلب وتضيع العذابات الصغيرة ضمن المشهد الكبير. لم تقدم سوريا شيئا لشعبها حرمت منه الفلسطينيين. في سوريا اليوم الكل يدفع الثمن، ثمن الإرهاب ثمن العدوان والأهم ثمن الصمود، الحرب تواجه الشعب كما الجيش السوري كما الشعب العربي الفلسطيني. الجنود يقتلون في مشفى الكندي ومطار منغ، والتضحية لا تستثني القيادة العليا في خلية الأزمة، فالكل سواسية في الشهادة. إن الجريمة التي ارتكبت بحق أبناء المخيم والفلسطينيين عموما على اثر العدوان هو التشريد الجماعي على أيدي العصابات عندما تلقفتهم الأيدي المتصهينة من سلطة اوسلو وكانت عونا لتهجيرهم الى بلاد الغرب عبر لبنان. الخلاص منهم الى المهاجر خطة صهيونية قديمة ولا صوت أو صدى لغربان أوسلو أو الدوحة أو الرياض، فهؤلاء عيونهم تعمى عن العصابات التي لا يدركها الجوع ولا تتلطخ أيديها بالدماء ولا ينقصها السلاح والتي تقتحم حياة الآمنين. في كل هذا المعمعان ترخص الأثمان أمام سوريا، ومهما كانت التضحيات غالية فهي أرخص بكثير من انتصار داعش والنصرة ومن أن يعتلي منبر الأموي وهابيٌ، لان تفتيت سوريا وتدمير وحدتها هو النتيجة المحققة حينها. أولى بالدموع أن تذرف على خراب الوطن وضياعه، وأولى بالدم العربي السوري والفلسطيني أن يسيل شلالات من أجل أن تبقى دمشق درة الشرق وقلب العروبة النابض ولو سويت مدنٌ بالأرض، ومن لم يعتبر من العراق ولييبا، إما حاقد أو عميل، ومن لم يعتبر من تهاون السودان مع المتمردين، يسهل انفصالَ ألف جنوب، فاضربوا يا حماة ديار ولا تجعلوا للمجرمين على الأرض دياراً.