لم يتوقع يوما اللاجئين الفلسطينيين في سوريا أن يعيشون لحظات قهر وقتل ويصبحوا طرف ثالث متنازع عليه،بين الجيشين النظامي والحر ،وينقسموا إلي مؤيد ومعارض لنظام بشار الأسد.
قصف وقتل
وتحول مخيم اليرموك ، اكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في سوريا ، إلى ساحة قتال بين القوات المؤيدة للرئيس بشار الأسد والمعارضين الذين يقاتلون للإطاحة به.
وقال نشطاء في المعارضة السورية أن قوات الجيش قصفت مواقع لمقاتلي المعارضة داخل مخيم للاجئين الفلسطينيين على مشارف دمشق الأحد مما أسفر عن مقتل 20 شخصا على الأقل.
وقال الناشط محمد الحور "اليرموك منطقة كثيفة السكان ودائما ما يؤدي قصفها إلى كارثة بشرية. لدينا 20 قتيلا بينهم مسعفون حاولوا مساعدة الجرحى في الشوارع. وجرح العشرات".
وقال بعض المقاتلين الأسبوع الماضي أنهم بدئوا تسليح الفلسطينيين المتعاطفين معهم ليقاتلوا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة.
ويبدو أن قصف مواقع يشتبه في أنها تابعة لمقاتلي المعارضة في مخيم اليرموك الذي يسع 150 ألف لاجي فلسطيني وربما مثلهم من السوريين هو أسلوب الجيش في دعم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
ويذكر أن بشار الأسد ووالده الرئيس الراحل حافظ الأسد طرح نفسيهما كأبطال للدفاع عن حقوق الفلسطينيين وقدما الرعاية للعديد من الفصائل الفلسطينية المتنافسة.
لكن الانتفاضة السورية أحدثت انقساما في ولاء الفلسطينيين فتعاطف كثيرون مع الانتفاضة في حين أيد آخرون الأسد. ويحظى الرئيس بدعم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة والتي يتزعمها احمد جبريل.
وتستضيف سوريا نصف مليون لاجي فلسطيني ينحدر أغلبهم ممن فروا من منازلهم أثناء حرب 1948.
عداء في اليرموك
وفي هذا السياق ، أفادت صحيفة "فايننشال تايمز" في عددها الصادر يوم 2 نوفمبر/تشرين الاول الجاري بأن ميليشيات فلسطينية موالية للنظام السوري وأخرى معارضة له تستعد للمواجهة في مخيم اليرموك الواقع في الضاحية الجنوبية للعاصمة دمشق.
وقالت الصحيفة "إن متمردين يقاتلون ضد نظام الرئيس بشار الأسد أقاموا جماعة فلسطينية لمواجهة ميليشيا فلسطينية موالية له في مخيم اليرموك أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين اكتظاظا بالسكان في سورية".
وأضافت أن المتمردين أكدوا "أنهم سلحوا الفلسطينيين في مخيم اليرموك لمحاربة ميليشيا يقودها أحمد جبريل زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة المدعومة من سورية والتي تسيطر على الوضع الأمني في المخيم ".
ورأت الصحيفة أن حالة العداء في مخيم اليرموك تتزايد منذ أن شنت قوات الحكومة السورية في يوليو/تموز الماضي هجوما على المتمردين الذين انتقلوا إلى المناطق الجنوبية من دمشق.
وأشارت إلى أن فلسطينيين في مخيم اليرموك أكدوا أن الشعور المناهض للنظام السوري تزايد في أعقاب ما وصفوها ب "الرحلة المشئومة" التي نظمتها في يونيو من العام الماضي "ميليشيا" جبريل للاحتجاج على احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان.
إدانات
وعلى صعيد أخر ، أدانت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية " حماس" بشدة ما تتعرض له المخيمات الفلسطينية في سوريا من استهداف مستمر راح ضحيته العشرات من اللاجئين في مخيمات اليرموك وسبينة والحسينية.
وجددت حماس في بيان لها التأكيد على موقفها الواضح بضرورة تحييد المخيمات الفلسطينية، وتجنيب إقحام أبناء الشعب الفلسطيني في الأزمة السورية.
وفي الوقت ذاته، عبرت "حماس" عن ألمها الشديد لاستمرار نزيف دماء الشعب السوري وطالبت بوقفه فورا .
وعلى جانب أخر حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من تصاعد خطر النزاع في سوريا، والآثار المدمرة التي يمكن أن تلحق باللاجئين الفلسطينيين هناك.
وذكرت المنظمة الدولية أن تقارير موثوقة أكدت أن 13 من اللاجئين الفلسطينيين كانوا بين الضحايا بسبب عنف النزاع المسلح في ريف دمشق وضواحي دمشق المجاورة لليرموك، حيث مخيم اللاجئين الفلسطينيين، وأضافت أونروا أنه لم يتضح من الطرف الذي كان مسئولا عن مقتل هؤلاء اللاجئين.
كما أعربت "أونروا" عن قلقها من تزايد تعرض اللاجئين الفلسطينيين في سوريا لآثار النزاع المستمر، واستنكرت وبشدة هذه الخسائر في الأرواح بين اللاجئين الفلسطينيين والمدنيين في سوريا.
مخططات
على الجانب الآخر ، حذر مدير عام منظمة ثابت لحق العودة علي هويدي، من مخططات وصفها "بالخفية" تستهدف اللاجئين الفلسطينيين بكافة السبل والوسائل المرعبة، تمهيدًا لطردهم من مخيماتهم في سوريا.
وقال هويدي في تصريحات لموقع "فلسطين": إن هناك محاولات تبذلها أطراف خارجية وعصابات مأجورة، تسعى لجر المخيمات الفلسطينية إلى المزيد من المواجهات المسلحة في ظل الوضع القائم في سوريا، من أجل طرد مخيمات اللاجئين.
وأوضح أن هذه القضية ستفتعل قضية أمنية وديموغرافية لدى البلدان المجاورة، مؤكداً أن المستفيد الأول من الأحداث الضاربة للمخيمات الفلسطينية هو الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى لإلغاء حق العودة.
وقال: "إن المخيمات الفلسطينية ما زالت ملتزمة بالحياد، إلا أن الأطراف المأجورة تحاول يومياً قتل أبناء المخيمات، وممارسة عمليات الإرهاب والقمع بحقهم، وذلك في محاولة لطردهم كلياً".
وأضاف : إن الفلسطينيين يعيشون أوضاعاً صعبة للغاية، في ظل اعتقال نظام الأسد لما يزيد عن 35 ألف فلسطيني، واستشهاد ما يزيد عن 550 آخرين، إضافة إلى عمليات التهجير والقتل والقمع اليومية.
وأكد هويدي أن النظام السوري يقوم بعملية "عقاب جماعي" للمخيمات الفلسطينية، والتي حضنت اللاجئين السوريين جراء العنف القائم في بلادهم، وذلك على غرار احتضان السوريين للفلسطينيين إبان نكبتهم عام 1948م.
وطالب هويدي وكالة الغوث الدولية بضرورة التدخل العاجل لحماية اللاجئين الفلسطينيين، والعمل على تحمل مسئولياتها الدولية تجاه الأوضاع المعيشية والإنسانية للفلسطينيين هناك. مواد متعلقة: 1. منظمة التحريرل"الأونروا": ساعدوا اللاجئين الفلسطينيين في سوريا 2. السلطة الفلسطينية تمنح جواز سفرها للاجئين الغير حاملين لوثائق رسمية