تركت الإمبراطورية الفرعونية بصمتها في شتى بقاع العالم، وعبرت حدود الأراضي المصرية لتترك آثارا لها بمعظم دول العالم "القديم"، فوجدت مواقع أثرية فرعونية في تركيا ومعابد في إنجلترا وتماثيل في السعودية، وكأن كل من ينقب عن هذه الحضارة العريقة لن يُخذل، ويبقى السؤال هو أحقية مصر في هذا التراث !! ، فهل هو ملك لنا أم لمن وجده أو تواجد على أراضيه؟ وحول هذا الأمر قال الدكتور "محمد الكحلاوى" الأستاذ بجامعة القاهرة ورئيس الاتحاد العام للأثاريين العرب ل"البديل" : "لا توجد أي معاهدات أو قوانين تتيح لأي دولة وليست مصر فقط أن تسترد أثار تابعة لحضارتها اكتشفت خارج أراضيها، فهذا يعد امتدادا تاريخيا ليس أكثر من ذلك طالما وجدت تلك القطع بطريقة شرعية ولم يتم تهريبها وسرقتها كبعض الوقائع الأخرى". وضرب "الكحلاوي" مثلًا على ذلك بالآثار المصرية الموجودة حاليًا في السعودية ويتم الاستفادة منها وفتح أفخم المعارض لها، ولكنها حق أصيل وملك خالص للسعودية نظرًا لأن عملية التنقيب تمت على أراضيها. وأوضح خبير الآثار قائلا: "إن مصر من حقها فقط المطالبة باسترداد أي قطعة أثرية مدرجة ومسجله لديها، ولكن اتفاقية "اليونسكو" تحول دون تطبيق هذا الحق في استرجاع الممتلكات والآثار المنهوبة إلى بلادها الأصلية، بل نجد أن المتاحف الأجنبية تتسلح ببنود تلك الاتفاقية للاحتفاظ بها، لذلك يجب أن نسعى جاهدين إلى تعديلها". ومن جانبه قال الدكتور "محمد إبراهيم بكر" رئيس هيئة الآثار الأسبق : "إن الحضارة الفرعونية منتشرة في شتى بقاع الأرض، وكثيرا من الإكتشافات التي وجدت على أرض الشام وفي السودان ولبيا وغيرها، كما أن المتاحف العالمية مليئة بالقطع الآثرية الفرعونية؛ ومنها ما تم إكتشافه ومنها ما تم تهريبه". وأوضح : "ليس بالضرورة أن ما يوجد بالمتاحف فهو مسروق؛ لأن الآثار المصرية كانت مشاع في الماضي، ولم يعاقب أحدا على إقتناء قطع آثرية إلا بعد إقرار القوانين التي تجرم ذلك". وكشف بكر على أن معظم المواقع العسكرية الكبرى للجيوش المصرية الفرعونية تحت سيطرة إسرائيل، لأن إسرائيل لديها علماء آثار على مستوى عالي جدا، وقاموا بالتنقيب عن الآثار وقت إحتلالهم لسيناء وهربوها للأرض المحتلة، بالإضافة إلى السيطرة على ما وجدوه على أرض فلسطينالمحتلة، ولذلك فلديهم من الآثار المصرية ما نعجز عن إحصائه. وأضاف بكر أن مصر ليس لها الحق في المطالبة بما هو خارج أرضها لأنه ملك الدولة المكتشفة، قائلا: "نحافظ على اللي موجود عندنا الأول" ، خاصة بعد تكرار حوادث السرقة والتهريب ونبش المواقع الآثرية في غفلة من الأمن والمسئولين، ولذلك لابد من السيطرة على ما هو تحت أيدينا وحمايته، وما تجده البعثات في الخارج هو بالطبع إمتدادا لهذه الإمبراطورية الفرعونية، التي امتدت لشمال نهر الفرات وخضعت تلك البلدان لسيطرة الملوك المصريين، فبنوا هناك المعابد والمقابر، وهذا ما يفسر وجود العديد من الآثار التي تخص الفراعنة في مناطق متفرقة في العالم. أما الدكتور "علي رضوان" الرئيس السابق لاتحاد الأثاريين العرب، وأستاذ الآثار المصرية، فقد أكد أن اكتشاف آثار فرعونية خارج الأراضي المصرية هو أمر طبيعي ويحدث كثيرا، فقد وجدت البعثات بعض المعابد لآلهة فرعونية في أماكن مختلفة من العالم، ومنها ما وجد في لندن، ونقوش أخرى بالسعودية وتركيا، ويعد هذا امتدادا للحضارة المصرية الفرعونية القديمة، التي تركت أثرا في شتى بقاع الأرض. وأضاف رضوان أن كل ما هو خارج نطاق الأراضي المصرية لا يحق لنا المطالبة باسترداده، لأنه عُثر عليه عن طريق بعثات آثار عالمية، وهو ما تعتبره الشعوب جزءا من الإنتاج المحلي لها، لأن تمويل هذه البعثات يحتاج لمليارات، وتنفق عليه الدولة، وبالتالي فما يجدوه يعتبر ملكا لهم، لافتا إلى أن هذه المقتنيات والآثار هي تأخذ الطابع المصري لأنها امتدادا للحضارة المصري، لكنها ليست من حق مصر بموجب الاتفاقيات الدولية.