الثراء السريع كان هدفهم. التعدي علي ممتلكات الدولة كان دافعهم.. سرقة التاريخ والحضارة كان همهم.. هذا هو أقل وصف يمكن أن نصف به سارقي الآثار في مصر. ظاهرة تستحق ألف وقفة ووقفة بعد أن أصبحت تجارة الآثار كالملابس الجاهزة تباع في الأكشاك وعلي الأرصفة.. الدولة تري وتسمع لكنها لا تتكلم ولا تتخذ موقفا.. نسمع كثيرا عن أن هناك قانونا جديدا لحماية الآثار تنوي الحكومة تقديمه لمجلس الشعب لكن متي؟ الله أعلم.. وإلي أن يتم الانتهاء من هذا القانون حتي خروجه من مجلس الشعب قد ينتهي مصير أعداد كبيرة وثمينة من الآثار المصرية!! والسؤال تطرحه الآن جريدة " الاهرام " المصرية : إلي متي سيظل تاريخ مصر الذي يبلغ سبعة آلاف عام عرضة للنهابين ونباشي القبور؟! ** أ. ع مزارع وصاحب أراض بسوهاج قال: إذا كان المسئولون في هيئة الآثار قد أصابهم الذعر عند عرض السي. دي لبعض القطع الاثرية المهربة للخارج في أحد البرامج الفضائية فما بالهم بأن هناك كثيرا من المواطنين لديهم علي تليفوناتهم المحمولة صور وفيديو لبعض التماثيل النادرة التي تم استخراجها من تحت المنازل مقابل مبالغ خيالية وبعد انتشارها أصبح الكثيرون يحلمون بتحقيق حلم العمر والحصول علي أي من القطع الأثرية ليطلعوا علي وش الدنيا وتتغير حياتهم من القاع إلي القمة.. وأصبح الناس علي علم بأسماء تجار الآثار حولهم ولكنهم لا يريدون التبليغ عنهم أو ذكر اسمائهم لأنهم متخفون تحت مسميات وظيفية مختلفة المحامي أو المدرس أو تاجر الأراضي!! هوجة وحمي د. زاهي حواس أمين المجلس الأعلي للآثار أكد أن السبب وراء انتشار تجارة الآثار في الصعيد,خاصة محافظتي سوهاج وقنا, ان هناك ما يسمي ب الهوجة والحمي منتشرة بين الناس.. وهذه الحمي أغلبها شائعات كاذبة.. ففي سوهاج مثلا مدينة أثرية بأكملها هي أخميم والتي تم بناؤها فوق مدينة قديمة زارها الرحالة القدماء في القرن التاسع الميلادي وأكدوا أن ما فيها من معابد أكثر بكثير من معابد الكرنك ولذلك ينقب أي شخص تحت منزله للعثور علي آثار مدفونة, ولكن ما هي هذه الآثار؟ هي عبارة عن أحجار منفوش عليها بكتابات هيروغليفية وما يحدث بعد ذلك أن يشيع من عثر علي مثل هذه الأحجار أن لديه كنزا وينتشر الخبر من شخص لآخر حتي يصل في النهاية إلي أن هناك عملية بيع آثار كبيرة وعلي سبيل المثال تلقينا بلاغا منذ فترة من عشرة أشخاص مختلفين بمدينة مغاغة يفيد بأنه تم العثور علي آثار تحت المنازل وبعد التحري توصلنا إلي أن البلاغ يرشد إلي منزل واحد وأن الشائعة انتشرت في البلدة علي أنها عدة منازل.. ومعني هذا أن هناك من يثير بلبلة باستخدام الموبايل وتصوير فيديو لقطع أثرية قديمة علي أنها عثر عليها حديثا ويروج أن لديه مخزونا من الآثار!! * وعن تجريم هذه الأفعال في القانون.. قال د. حواس: إن العقوبات التي يقرها القانون الحالي علي سرقة الآثار هزيلة جدا.. أما إذا صدر القانون الجديد للآثار قريبا الذي طالبنا فيه بأن يحاكم كل من يسرق أو يبيع آثارا بالسجن لمدة25 سنة مؤبدة وكل من يتعدي علي أثر يسجن لمدة5 سنوات, وإذا سارع مجلس الشعب بإقرار القانون الجديد هذا العام فسوف تنتهي كل هذه الشائعات وسيقضي تماما علي تجارة الآثار.. كما أضاف د. حواس قائلا: في الصعيد علي وجه الخصوص وهم اسمه الكنز, ففي مدينة العرابة المدفونة بسوهاج تم ضبط كمية كبيرة من الآثار تحت المنازل وبعدها رصدنا مكافآت مالية كبيرة لكل من يعثر علي أثر أو يرشد عنه وتصل قيمة المكافآت إلي ما يعادل قيمة الأثر نفسه وأكثر.. هذا إلي جانب تعاون جهات أمنية كثيرة في تضييق الخناق علي مثل هؤلاء الباحثين عن الكنز مثل شرطة السياحة والآثار والأمن العام. وقد أعددنا عدة إجراءات بالمجلس الأعلي للآثار للحد من السرقة وتتلخص في عدة أشياء أهمها: أولا بدأنا في تغيير نوعية الحراسة واستعنا بأشخاص علي مستوي عال من التعليم يصل عددهم إلي8000 تم تدريبهم في الأمن القومي وسيحصلون علي مرتبات مجزية حتي لا يقعوا فريسة للإغراء بالسرقة وتصل الميزانية إلي7 ملايين جنيه مصري سنويا ولدينا أمل كبير في أن هذا الحارس الجديد الذي اخترناه سوف يقوم بدور كبير في حراسة آثار مصر. ثانيا تم تطوير المخازن المهلهلة وبنينا34 مخزنا متحفيا هذا العام مزودة بالحراسة الالكترونية بمعاونة القوات المسلحة. ثالثا نحن بصدد الانتهاء من المشروع القومي لتسجيل الآثار المصرية. رابعا اقامة معرض في المتحف المصري للآثار التي تم اعادتها خلال السنوات السبع الماضية مع تجهيز كل المتاحف الجديدة بأحدث الأجهزة الالكترونية.. مع أن60% من المواقع الأثرية أصبحت مؤمنة تماما بعد اغلاق متحفي طنطا والزقازيق. الساحل الشمالي وعلي العكس تماما قال د. محمد الكحلاوي استاذ الآثار وأمين الاتحاد العام للأثريين العرب إن مصر من حقها أن تكون أغني دول العالم بما تملكه من تراث وآثار منتشرة في باطن الأرض وعلي سطحها وكل شبر في أرضنا تحته آثار.. والمشكلة الحقيقية ليست في القوانين, التي ليس لها حصر ولكن المشكلة في تنفيذ هذه القوانين فالشعب المصري كله طرأت عليه متغيرات كثيرة كلها سلبية, ولكن أكثرها أنه يفرط في تراثه وليس لديه وعي بقيمة ما يملكه من تراث ويستحل المواطنون سرقة الآثار ونهبها والتنقيب عنها بشكل فردي بدون إذن رسمي ثم يبيع ما استخرجه من آثار لعصابات تهريب الآثار التي لها أعضاء نشطون في كل مكان.. في المتاحف والشوارع والمطارات والمواني, وهؤلاء لا يعلمون أنهم بذلك يضيعون علي الدولة ملايين الدولارات, وقد وصل الأمر الآن إلي أن كثيرا من الناس أصبحوا يشترون أو يستأجرون الأراضي الخالية للتنقيب عن الآثار في مناطق بعينها مثل سقارة والعياط والصف بحجة الاستصلاح وهذا غير حقيقي.. والصراع الآن يدور في منطقة أبومقار, بالإضافة إلي الساحل الشمالي الذي نعطيه للمستثمرين العرب من الإمارات وقرية مراقيا السياحية... كل هذه مواقع أثرية!! ويتساءل د. محمد الكحلاوي: أين الرقابة؟.. فإذا كانت المتاحف تسرق فما بالنا بمناطق بكر وهذا يثبت ما نسمعه ونقرأه يوميا عن سرقة آثارنا وتهريبها للخارج سواء أكانت تماثيل صغيرة أو قطعا ذهبية أو حتي توابيت؟.. وفي كل مرة تحدث واقعة سرقة يخرج علينا المسئولون بتصريحات يعلنون فيها عدم مسئوليتهم عما حدث, فالمسئول غالبا يكون العامل أو الحارس الفقير, أما هم فليسوا مسئولين عن الحفاظ علي آثارنا!! وأكد أيضا أن تجارة الآثار مثل تجارة المخدرات لها تجار وصبيان يتوارثون المهنة ويعملون بالليل في الحفر تحت المنازل في داخل القاهرة وخارجها لأنها تجارة مربحة جدا, والتنقيب عن الآثار بدأ من القطاع الخاص الذي أصبح يشتري الأراضي ويبدأ بالحفر بحجة المشروعات في الظاهر, ولكن الحقيقة هي العثور علي الآثار وأين القانون من ذلك؟!! فالقانون علي الجانب الآخر لابد أن يكون رحيما بالمواطنين الشرفاء الذين يعثرون علي أثر في منازلهم ويسلمونه للسلطات المختصة ثم يتم تشكيل لجنة له خلال شهر ثم يتم التحفظ علي منزله ويصبح المواطن منهم بلا مأوي ويسكن الشارع.. هذا كله عبث يؤدي إلي سلسلة من الاهمال لأن هذه الاجراءات تدعو المواطنين إلي عدم الابلاغ عن آثار جديدة!! وعن الحل اقترح د. محمد الكحلاوي أن نعيد للشعب المصري توازنه من خلال رفع قيمة الانتماء لديه, وكما جمعناه علي حب الكرة وأصبح الفريق القومي المصري معشوقه لابد من تعليم النشء أن الآثار شيء غال للبلد ولابد من تشبيع المناهج الدراسية بالاهتمام بالآثار وكيفية المحافظة عليها!! القانون الجديد قال أحمد أبوطالب رئيس لجنة الثقافة والسياحة والإعلام بمجلس الشعب كانت تجارة الآثار في مصر معترفا بها حتي صدور القانون رقم(117) لسنة1983 الذي صدر ليجرم تجارة الآثار, أما قبل1983 وكنت وقتها أعمل بالشرطة فقد كانت البازارات داخل المتحف المصري تبيع القطع الأصلية بالمزاد.. وكان القانون يجرم تجارة الآثار لكن بلطف, فلم يعتبر حيازة الأثر دون تسجيله لدي هيئة الآثار جريمة وجعل سرقة الآثار جناية عقوبتها السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد علي سبع وغرامة تتراوح بين ثلاثة آلاف وخمسين ألف جنيه!! وإذا كانت الحكومة تعد الآن قانونا جديدا لتجريم سرقة وتجارة الآثار فإن اللجنة ليس لديها علم بمواده ولم يصل حتي الآن للجنة أو إلي مجلس الشعب عموما لمناقشته بل مازال في أروقة الحكومة.. ولابد للقانون الجديد أن يكون رادعا يمنع الممارسات الخاطئة للمواطنين ولكن التنقيب تحت المنازل سيستمر مثل تجارة المخدرات, فالقانون يحكم بالإعدام لكل من يتاجر بالمخدرات ولكن هذا لم يمنع حتي الآن من وجود تجارة للمخدرات ولكن يقلل فقط من انتشارها وهذا ما سيحدث في سرقة وتجارة الآثار!!