صدر حديثًا عن الكتب خان رواية "الحجرات" وقصص أخرى، للكاتبة إيمان عبد الرحيم، وتشغل الرواية 95 صفحة، من الكتاب الذي يضم أيضًا 11 قصة قصيرة، ورواية "الحجرات" إحدى ثمار ورشة للإبداع أشرف عليها الكاتب المصري يوسف رخا، والتي تشرف عليها الكتب خان. وتدور الأحداث في أيام الحمل الأخيرة لبطلة الرواية (أمان) قبل أن تضع وليدها (أواب)، ففي هذه الفترة تسترجع علاقتها بزوجها (عمرو)، الحائر في اضطرابها النفسي، إذ يراقب انزلاقها بخفة إلى عالم يخصها حتى أنها تشك أحيانًا في أنه أبو ابنها، بل ترى (أواب) ثمرة استسلامها إلى سليل إبليس، الذي تمثل لها في صورة إنسان، اعتدى عليها مرات عدة غصبًا. ولا تندهش (أمان) مما يراه زوجها وأختها وأمها غرابة أطوار، إذ تقر في الصفحات الأولى بما يشبه الاعتراف: "أنا أعرف جيدًا أننا مجرد شخصيات مرسومة في فيلم كارتون، الكادر خاو لا يوجد فيه شيء سوى اللون الأسود، نحن مجرد خطوط بيضاء دقيقة تحد حيزًا ما من ذلك السواد العظيم. نعم. هكذا حين نكون مفرغين ولا نحوي إلا الخواء سنشعر بأقل قدر من الألم"، وهي جملة محورية تتردد في الرواية 15 مرة، ولا يشعر القارئ في أي مرة أنها زائدة أو مقحمة على المشهد. ففي المشهد الأول تقول لزوجها، وهما في الطريق الصحراوي بين الإسكندرية والقاهرة، إن سيارة أجرة مرقت بجوارهم وتسير بلا سائق، وهو لا يصدق ويدعوها إلى النوم قليلًا ثم تفيق على صوت قارئ القرآن في الراديو يقرأ آية "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون"، وفي مشهد الرواية الأخير ستعود إلى عالمها الحقيقي الذي لا يراه غيرها. بين هذين القوسين أو المشهدين، تدور الأحداث التي تبدأ بقيام (أمان) بترتيب ملابس (أواب) استعدادًا لولادته، ولن تجد اللوح الخشبي في خلفية الدولاب، الذي سيفضي إلى فجوة في الجدار، تؤدي إلى سلم حلزوني، يأخذها إلى تفاصيل وأغراض تخص طفولتها، وحين يصل زوجها يدهشه إصرارها على ترتيب ملابس الوليد في الدولاب للمرة السادسة، وهي تصر على أنها المرة الأولى. ويلاحظ (عمرو) تبدل أحوال (أمان) من الانطلاق إلى الشرود والعزلة، وإذا تكلمت فاجأته بما يجبره على اليقين بأنها مجنونة، مثل سؤالها له عن رأيه في دورها القوي في فيلم (في الهوا سوا)، الذي أنتج عام 1951، وحين يصمت (عمرو) تخبره أنها فهمت أن الدور لم يعجبه، وإن الحرج يمنعه أن يقول ذلك. وأمام حيرة (عمرو)، ينصحه الطبيب المشرف على الحمل أن يعرضها على طبيب متخصص في الأمراض النفسية، ولا تبالي (أمان) إذ تضحك من كونها تعتقد نفسها نبية، المشكلة أن لكل نبي رسالة، وهي بلا رسالة حتى الآن، ولكن ما تتصور أنه نبوة سيجعلها تدرك ساعة موتها بعد الولادة، بل ستسعى إلى هذه النهاية بنفس مطمئنة وتتجه.