عبر صفقة أردنية إسرائيلية، قرر المجلس الأمني الإسرائيلي المصغر إزالة البوابات الإلكترونية المؤدية إلى مداخل المسجد الأقصى، وقال مسؤولون إنها ستستبدل بوسائل أخرى للمراقبة، وكانت الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات الصهيونية قرب المواقع المقدسة قد أغضبت المصلين الفلسطينيين وأشعلت موجة من الاحتجاجات. الإجراءات الصهيونية الجديدة المجلس الإسرائيلي المصغر صوّت لصالح إزالة البوابات الإلكترونية التي نصبها عند المداخل المؤدية إلى باحة المسجد الأقصى، وتضمن القرار أيضًا استبدال هذه البوابات بكاميرات حرارية عند المداخل. القرار تزامن مع انتهاء الأزمة الإسرائيلية الأردنية المتعلقة بقيام حارس أمن صهيوني بقتل أردنيين اثنين في شقته المحاذية للسفارة الإسرائيلية، حيث كان هناك حديث هاتفي بين رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وملك الأردن عبد الله الثاني، وذكرت الصحافة الإسرائيلية أن ملك الأردن طلب من نتنياهو أن يقوم بنزع البوابات وإنهاء الأزمة القائمة عند أبواب المسجد الأقصى، وبعد ذلك مباشرة كان هناك اجتماع بين نتنياهو وبين مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط جيسون جرينبلات، وسفير الولاياتالمتحدة ديفيد فريدمان، في محاولة لتخفيف التوتر الذي أدى إلى مواجهات دامية في القدس في الأيام الأخيرة، وبعد هذا اللقاء قام جرينبلات بالذهاب إلى الأردن مباشرة لإنهاء الأزمة الأردنية الإسرائيلية. بعض المراقبين ربطوا بين القرارين باعتبارهما صفقة تبادل بين الحارس الصهيوني الذي قتل الأردنيين، وقرار الحكومة الإسرائيلية بإزالة هذه البوابات الإلكترونية، إلا أن الحكومة الصهيونية أضافت في قرارها أن الكاميرات الحرارية ستبقى أمام المداخل وأن الشرطة ستزيد من أعدادها، الأمر الذي يشير إلى أن الصفقة تميل لصالح تل أبيب، وهو الأمرالذي بدا واضحًا في توجيه نتنياهو الشكر للأطراف الفاعلة في حلحلة الأزمة، وأعرب نتنياهو، فى بيان وزعه مكتبه، اليوم الثلاثاء، عن تقديره لقرار ترامب تكليف مستشاره جاريد كوشنير، ومبعوثه جيسون جرينبلات، بمساعدة إسرائيل فى الجهود الرامية لإعادة سلك السفارة الإسرائيلية بعمّان إلى الوطن فى أسرع وقت، كما شكر نتنياهو العاهل الأردني على "التعاون الوثيق" بشأن الأزمة. على المستوى الشعبي ظهر نتنياهو بمظهر البطل الذي استطاع إخراج جنديه القاتل من الأردن من دون محاكمة بل وبتحقيق أردني صوري أفضى إلى إطلاق سراحه، بينما لا يبدو أن الملك الأردني أرضى الشعب الأردني، وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبريّة، في عددها الصادر أمس، أنّ العاهل الأردنيّ عبّر في محادثات مع الإسرائيليين عن غضبه العارم، لأنّ الزعماء العرب، على حدّ قوله، تركوه وحيدًا في الميدان، في نضاله من أجل إزالة الماكينات الالكترونيّة، فيما قال مراقبون إن الأردن يمتلك أوراق قوة أمام إسرائيل، فاتفاقية وادي عربة تقر بالوصاية الأردنية على القدس، وبالتالي يستطيع الأردن الانسحاب من الاتفاقية، وبدأت السيادة الأردنية على المسجد الأقصى منذ "بيعة الشريف" عام 1924، ثم انتقلت لتصبح تحت سيادة قيادات محلية فلسطينية، وبعد حرب 1948 عادت السيادة أردنية لأن الضفة الغربية بما فيها القدسالشرقية أصبحت تابعة للحكم الأردني، وأكدت معاهدة السلام بين الأردن والعدو الإسرائيلي في المادة (9/2) احترام إسرائيل للدور الأردني الخاص في الأماكن المقدسة في القدس، وبالتالي كان يمكن للأردن التلويح بالانسحاب من هذه الاتفاقية خاصة أنها تأتي في ظروف خاصة وهي مقتل أردنيين على يد حارس السفارة الإسرائيلي، كما أن الأردن لديه اتفاقيات في قطاع الغاز وتحلية المياه أبرمتها قبل أيام مع تل أبيب، وبالتالي فلدى الأردن أوراق قوة إن كان جادا في التعاطي مع الكيان الصهيوني. الكيان الصهيوني من جانبه ضرب عصفورين بحجر واحد، وبحسب دبلوماسيين فقد تخلص من مأزق البوابات عبر اتفاق مع الأردن يسمح بوجود رقابة على المصلين الفلسطينيين من نوع آخر، ونجحت إسرائيل بذلك في الضغط على الأردن بإعادة الطاقم الأمني التابع للسفارة بدون تحقيق أو محاكمة بالرغم من وقوع جريمة جنائية على أرض أردنية، الأمر الذي تبدو معه السلطات الأردنية وكأنها قامت بحماية الدبلوماسية الإسرائيلية في الأردن تحسبًا من أي احتجاجات أردنية قد تطال السفارة الإسرائيلية في عمّان. الشعب الأردني من جانبه، طالب الملك عبدالله باتخاذ خطوات تصعيدية، بعد أن أحدثت الجريمة البشعة غضبا عارما بالشارع الأردني، لا سيما أهالي أحياء النزهة ومخيم الحسين الذين خرجوا بعدة مظاهرات مطالبة باعدام القاتل. ومن جهة أخرى لا يبدو أن الصفقة الأردنية قد أرضت طموحات الشعب الفلسطيني، فالإجراءات الصهيونية الشكلية التي سيتم اتخاذها لن تكون قادرة على تهدأة غضب الفلسطينيين، فعلى الرغم من أن قوات الاحتلال تواصل أعمالها في إزالة البوابات الإلكترونية وتركيب منصات حديدية خاصة بالكاميرات الذكية في باب المجلس وباب السلسلة، فإن الفلسطينيين يرفضون القرار الإسرائيلي، وامتنعوا لليوم العاشر على التوالي من دخول الأقصى تحت الكاميرات، ودعت جوامع القدس للتوجه إلى باب الأسباط. وقالت المرجعيات الدينية في القدسالمحتلة بعد اجتماع لها: "القرار واضح.. لن ندخل الأقصى ولن نصلي فيه إلا بإزالة كل ما تمّ وضعه على الأبواب بعد تاريخ 14-7-2017″، مؤكدة أنّ الصلوات في شوارع القدس مستمرة لحين إزالة كافة إجراءات الاحتلال، وبالتالي فالأردن عبر هذه الصفقة لم ينتصر لدماء مواطنيه، كما أنه لم ينجح في امتصاص غضب الشارع الفلسطيني، فالفلسطينيون يرفضون من حيث المبدأ أي وصاية صهيونية من قبل قوات الاحتلال على صلاتهم وشعائرهم الدينية.