في ذكرى 30 يونيو.. افتتاح المرحلة الثالثة من ممشى قناة السويس ببورسعيد بتكلفة 180 مليون جنيه    استعدادات مكثفة لتوزيع مشروعات تمكين اقتصادي للأسر الأولى بالرعاية بالأقصر    أكسيوس: واشنطن تُجري محادثات تمهيدية بشأن اتفاق بين إسرائيل وسوريا    الكرملين: لا محادثات هاتفية مرتقبة بين بوتين وعلييف في الوقت الراهن    الأهلي يعلن تشكيل الأجهزة الفنية لقطاع الناشئين في الموسم الجديد    إصابة 5 أشخاص إثر تسرب غاز داخل مصنع ثلج في الشرقية    قبول دفعة جديدة بالأكاديمية والكليات العسكرية للطلبة 2025    20 جامعة مصرية مدرجة في النسخة العامة لتصنيف QS لعام 2025    التعاون الإسلامي تحذر وتستنكر في بيانها "تجويع وتدمير" غزة    عبر بوابة الوظائف الحكومية.. وزارة النقل تعلن عن وظائف شاغرة للمهندسين 2025    بشكتاش ينهي اتفاقه مع روما على ضم نجمه    بعد كأس العالم للأندية.. مايلولا يودع الوداد المغربي    سيدات بتروجت يحققن لقب الدورى الممتاز لتنس الطاولة    بمشاركة منتخب مصر.. مواعيد مباريات البطولة العربية لكرة السلة سيدات 2025    كارت واحد للتموين والتأمين.. إليك طريقة استخراج الكارت الموحد للخدمات الحكومية    مصرع فتاة وإصابة 17.. الصور الأولى من موقع    مصدر ب"التعليم" يكشف حقيقة فيديو الغش في الجمالية    محافظ المنوفية يقدم واجب العزاء لوالد سائق حادث الطريق الإقليمي بمنزله بطملاي    نهال طايل تدافع عن شيرين عبد الوهاب: الجمهور طماع وعاوز الفنان على سنجة عشرة    ثروت الخرباوي: ثورة 30 يونيو لحظة انتصار وعي لدي الشعب المصري    "وين ياخذنا الريح" يحصل على جائزة أفضل فيلم في مهرجان مالطا السينمائي لأفلام البحر المتوسط    إجراء فحوصات لوالدي سائق ميكروباص حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    إجلاء أكثر من 50 ألف شخص بسبب حرائق الغابات في تركيا    إسرائيل فقدت السيطرة على الضفة الغربية    رايات حمراء وصفراء وخضراء.. إقبال ضعيف من المصطافين على شواطئ الإسكندرية    فنانين خالدين في وجدان يحيى الفخراني.. تعرف عليهم    دعاء الصباح مكتوب وبالصور.. ابدأ يومك بالبركة والسكينة    خلاف ميراث ينتهي بجريمة قتل مأساوية في زراعات الموز بقنا    وزيرا الصحة والتعليم العالي يشهدان توقيع بروتوكول تعاون بين قطاع تنمية المهن الطبية ومستشفيات جامعة القاهرة    «ترابي وناري ومائي».. تعرف على لغة الحب لكل برج حسب نوعه    رئيس الجالية المصرية في النرويج: ثورة 30 يونيو بداية عهد جديد من العمل الجاد والتنمية الشاملة    متى يتم المسح على الخفين والجوارب في الوضوء؟.. عضو مركز الأزهر توضح    سيامة دياكون جديد بالكنيسة المرقسية بالأزبكية    بقيمة 103.5 مليون يورو.. مجلس النواب يوافق على اتفاقية تعاون مع ألمانيا    يويفا يؤجل قراره بشأن مشاركة كريستال بالاس في الدوري الأوروبي    بالصور.. إحباط تهريب عشرات الزواحف والكائنات النادرة بمطار القاهرة    آخر رايات الأندلس وسقوط القمر على مسرحي روض الفرج والسامر ضمن مهرجان فرق الأقاليم    وزير الخارجية الألماني يصل إلى كييف في زيارة رسمية    البلجيكى يانيك فيريرا الأقرب لقيادة الزمالك.. ومدرب آخر يعطل التوقيع    ما هو حق الطريق؟.. أسامة الجندي يجيب    مدبولي: التعاون الإنمائي الدولي بات أمرًا ضروريًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030    على إيقاع الطبيعة الساحرة.. هكذا يمارس السائحون الرياضة في جنوب سيناء    وجه الشكر للأطقم الطبية.. وزير الصحة: 300 مستشفى لاستقبال مصابي غزة للعلاج في مصر    انطلاق القوافل الطبية العلاجية بالجيزة غدا- تفاصيل    ماذا يحدث للجسم عند تناول ماء الكمون مع الملح الاسود؟    التنظيم والإدارة يعلن عن حاجة «النقل النهري» لتعيين 57 مهندساً    الشافعي يساند شيرين عبد الوهاب بعد جدل إطلالتها في موازين: «رمز القوة»    الرقابة المالية توافق على تأسيس "صندوق استثمار عقاري ومعادن"    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو «ميكروباصات عكس الاتجاه»    هانى سرى الدين: ضريبة السجائر والكحوليات والبترول الخام ضمن الإصلاحات الهيكلية    دورتموند يتحدى مفاجآت مونتيري بدور ال16 بمونديال الأندية    جمال ما لم يكتمل.. حين يكون النقص حياة    آسر ياسين يكشف تفاصيل ارتباطه بزوجته: «حماتي قالت عليا بتهته في الكلام»    السيسي: مصر تبذل أقصى جهودها لدعم الأمن والاستقرار في ليبيا    مجدي الجلاد: الهندسة الانتخابية الحالية تمنع ظهور أحزاب معارضة قوية    «الرقابة النووية» تطلق العدد السابع من مجلتها التوعوية بعنوان «الأمن المستدام»    ما فضل صيام يوم عاشوراء؟.. أجرٌ عظيم وتكفيرٌ للسنة الماضية    ترامب يتهم جيروم باول بإبقاء معدلات الفائدة مرتفعة بصورة مصطنعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العولمة الثقافية
نشر في البديل يوم 25 - 05 - 2017

ليس صحيحًا ما قد يبدو لأول وهلة من أن العولمة الثقافية تعني ترك الحرية الكاملة وإطلاق العنان للثقافات المتنوعة لكي تنطلق من عقالها وتغزو آفاقًا رحبة من العالم من أجل التفاعل مع الثقافات الأخرى في ظل ثورة المعلومات وتقنية الاتصالات وانفتاح الأسواق العالمية التي غزت العالم وباتت بمثابة الجسر الذي تعبر من خلاله تلك الثقافات من حيزٍ إلى آخر دون حدود لأبعاده وتأثيراته.
ففي حقيقة الأمر، فإن العولمة الثقافية تشير إلى حالة من الهيمنة والتعبير عن قوى طرف معين ومصالحه، وبمعنى أدق فهي محاولة مجتمعٍ أو طرفٍ ما فرض وتعميم أفكاره ومفاهيمه وقيمه ومعتقداته ونموذجه الثقافي والحضاري بصفة عامة على المجتمعات الأخرى من خلال الاختراق الثقافي لها، بغية إذابة وتشويه وتفكيك خصوصية هذه الثقافات والمعتقدات وتفريغها من مضمونها، وإحلال بدلاً منها هذه الثقافة، التي تهدف في الأصل إلى القضاء على التنوع الثقافي والحضاري الذي وجد منذ حقب زمنية طوال.
ولذلك فإن الهدف الأسمى للعولمة الثقافية في العصر الراهن هو محو وإزالة الهويات المختلفة للمجتمعات واستهداف القيم والثوابت الراسخة وطمس الخصوصيات الثقافية، ومواصلة واستمرار حركات التغريب وتعميم الثقافة الغربية في المجتمعات الأخرى – وعلى وجه الخصوص الثقافة الأمريكية – بغية فرض ثقافة شمولية واحدة على العالم أجمع، وتسييد الثقافة الرأسمالية الغربية لتصبح الثقافات الأخرى تابعة لها وماضية على نهجها ودربها.
وبالتالي يمكن القول: إن العولمة الثقافية هي وجه من وجوه الهيمنة الإمبريالية وتجسيد لسطوة وهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم وتأكيد لرغبتها ومشيئتها في اختراق الآخر وسلبه خصوصيته وتعميم نموذجها الثقافي على ما لا حصر له من دول العالم، وفي سبيل تحقيق تلك الغاية فهي تلجأ إلى استخدام قوتها الهائلة في ميادين الاتصالات والمعلومات والتقانة وغيرها من المجالات الأخرى.
وكما أن للعولمة أهداف وغايات تسعى إلى تحقيقها، فلها كذلك بعض الآثار الإيجابية والسلبية، فبالنسبة للأولى، فقد ساهمت العولمة في تنمية ونشر بعض الثقافات، كالثقافة العربية والإسلامية على سبيل المثال- وإن كان ذلك في إطار ضيق ومحدود جدًا- في المجتمعات الغربية من خلال قنوات الاتصال المختلفة.
أما الآثار السلبية للعولمة فهي كثيرة ومتعددة وأخطرها على الإطلاق على المجتمع العربي والإسلامي هو مسخ وطمس الهوية الإسلامية، وتصفية عقول أبناء الأمة وأفهامهم لتكون مجرد عقول تابعة ومنقادة للأفكار الهدامة التي يروج لها أعداء الأمة بين آنٍ وآخر، والتي تنسلخ في جلها من القيم والمبادئ والمعتقدات التي رسخها ديننا الحنيف.
وهذا التوجه يفسره ويظهره بجلاء تلك الهجمة الشرسة التي وُجهت صوب المجتمع الإسلامي لتطويعه وفقاً للطريقة الغربية، التي قامت بتهيئة التربة المناخية الملائمة لتغريب العقل واحتلاله، وتفريغه من كل ما يمت للقيم والأخلاق والثقافة الإسلامية بأي صلة، واستبدالها بالقيم والمعايير والأنماط الفكرية التي تتجرد في جُلها من كل القيم النبيلة والفطرة السوية.
إذ راحت دول الغرب تنفذ مخططاتها بمنتهى الهدوء والثقة والمهنية والاحترافية، لهدم وتقويض العقيدة والمنهج الإسلامي القويم، وإحلال بدلاً منه الفكر المادي المجرد، والفلسفة المادية التي طغت على الحضارة المعاصرة، فصارت الأنماط العقائدية وفقاً للتصور المادي البحت هو من قبيل الشأن الشخصي، وصارت المعتقدات الدينية المترسخة داخل النفوس البشرية، في نظر هؤلاء، ليست سوى انعكاسات سلبية ومباشرة للخرافات والبدع والهرطقة، التي لا ترقى إلى درجة السمو والقداسة.
ويأتي حمل لواء الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص والدول الغربية على وجه العموم الدعوة إلى هذا الفكر، لأنها ترى من منظورها الخاص أن معتقداتها وثقافتها وفكرها هم النهج القويم لقيام الحضارة دون عداه، إذ رأت هذه القوة مجتمعة في الفكر والنهج الإسلامي الخطر الداهم الذي ينبغي أن يفرغ من مضمونه، حتى تسود حضارتها وفكرها وثقافتها. لذا اتجه العالم الغربي نحو فرض هيمنته الفكرية والثقافية، وسعى نحو القضاء على النزعات الدينية والوطنية والقومية. ولتحقيق تلك الغاية المنشودة، سخرت هذه الدول قواها وأذرعها وأجنداتها، وكافة الأساليب والوسائل الملتوية، من أجل بلوغ غايتها وتحقيق آمالها وتطلعاتها.
ومن المؤسف، فقد نجحت مخططاتهم نجاحاً مبهراً في استقطاب شرائح متعددة من العالم العربي والإسلامي، والسيطرة على عقولهم وألبابهم، فما لبثوا إلا أن صاروا أداة طيعة لينة يحركونها كيفما يشاؤون، فبتنا نرى الكثير من بني جلدتنا أضحوا ضحايا للتغريب الفكري، الذي أفقدهم هويتهم وانتمائهم لدينهم وأمتهم، انسياقاً وراء مخططات العدو التي تجنح نحو تفتيت وتفكيك الأمة الإسلامية، عقيدةً وثقافةً وتاريخاً وتراثاً، وإعادة صياغتها وفقاً للطريقة التي تلائم ثقافة وفكر العولمة.
ومن أجل مواجهة هذه التحديات والحرب الشعواء التي تستهدف القضاء على أي تكتل ووحدة تجمع شمل هذه الأمة وتعيد أواصرها المتينة بمصدر قوتها وعزتها، نرى أن هذا التحدي الكبير يتطلب تفعيل بعض الآليات وتطبيقها على النحو الأمثل، ومن بينها التوعية بمخاطر وآفات الأفكار والثقافات الهدامة التي تروج لها الدول الغربية، وترسيخ الاعتقاد بوجود فارق كبير بين التعرف على فكر وثقافات وحضارات الأمم الأخرى، وبين اعتناق جل هذه الأفكار التي تتعارض مع قيمنا وثوابتنا الراسخة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.