اشتعل الصراع مجددا داخل أقطاب حركة فتح الفلسطينية، خاصة بين الرئيس محمود عباس أبو مازن، وغريمه محمد دحلان القيادي المفصول من الحركة، وبينما نظم الأخير مؤتمرا شبابيا بالقاهرة دعا إليه العديد من مؤيديه تحت عنوان «شباب فلسطين يرسم خارطة المستقبل»، رد عليه الأول بتواصل التضييق على الفتحاويين المحسوبين على تيار دحلان، داخل الأراضي الفلسطينية، حيث تشن الأجهزة الأمنية منذ أيام حملة اعتقالات في صفوف أبناء الحركة الذين شاركوا في المؤتمر الشبابي بالقاهرة. في الفترة الأخيرة، تدور خلافات مستمرة بين عباس ودحلان، لم تقتصر على السجال الكلامي وتراشق الاتهامات بين القيادات المؤيدة لكل منهما، بل انتقلت بقوة لساحات العمل الميداني ومواقع التواصل، فيما شهدت عدة مناسبات عراكا بين أنصارهما. وبينما يعمل دحلان في الفترة الأخيرة على توسيع قاعدته الشعبية داخل الحركة بتحركات عدة لسحب بساط الحكم من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يعمل الأخيرعلى تحجيم دور دحلان على الساحة الفلسطينية في إطار الصراع على الزعامة بين الرجلين. وقال أعضاء في حركة فتح إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية بدأت منذ أيام حملة اعتقالات في صفوف أبناء الحركة الذين شاركوا في مؤتمر شبابي فلسطيني نظمه القيادي المفصول محمد دحلان في القاهرة، وصرح دمتري دلياني، العضو في حركة فتح لوكالة رويترز الإخبارية، أنه حتى الآن وصل عدد المعتقلين إلى 9، وهناك آخرون تم استدعاؤهم من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية على خلفية مشاركتهم في المؤتمر الذي عقد في العاصمة المصرية، وأضاف دلياني، وهو أحد المشاركين في المؤتمر ويقيم في القدس، أن تهديدات تصله عبر الهاتف بسبب مشاركته في اللقاء، فيما اعترف مصدر أمني فلسطيني بوجود هذه الاعتقالات. ونظم القيادي المفصول من فتح محمد دحلان في 15 فبراير ملتقى تحت عنوان "شباب فلسطين يرسم خارطة المستقبل"، في العاصمة المصرية القاهرة، وبحضور أكثر من 500 شاب ينتمي إلى الحركة، حيث تم تدارس أوضاع الشباب داخل الأراضي الفلسطينية، وكيفية مشاركتهم في صنع القرار، في محاولة لاستقطاب شباب الحركة لدحلان في المرحلة المقبلة. ويقول أحد أنصار دحلان إنه كان هناك العديد من الرسائل التي أرادت جبهة دحلان أن ترسلها خلال هذا المؤتمر، أولها، التأكيد على وجود تيار إصلاحي داخل حركة فتح، معتبرًا عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر، الذي قدم من قطاع غزة إبراهيم عرفات، إن هذا المؤتمر خطوة أولى وتأسيسيّة لما هو قادم لاستقطاب الجميع داخل الحركة من خلال مؤتمرات فئويّة للمرأة والعمّال، مؤكدًا: «أننا الآن في صدد ترتيب الأهداف والاستراتيجيّات والرؤى لهذه المؤتمرات». ويعمل الرئيس الفلسطيني محمود عباس على تحجيم دور دحلان على الساحة، ورغم محاولات الرباعية العربية (مصر والأردن والسعودية والإمارات) حل الأزمة بينهما والضغط على عباس لإجراء مصالحة بينه وبين دحلان العام الماضي، إلا أن أبومازن رفضها وتمسك بوصف معارضينه بأنهم انفصاليون ويريدون تشويه صورة الحركة. ويعود خلاف أبو مازن ودحلان لسنوات رغم متانة العلاقة السابقة بينهما لفترة طويلة، وقررت مركزية فتح التي يتزعمها عباس في يونيو 2011 فصل دحلان من عضويتها وتحويله إلى النائب العام بتهمة "الفساد المالي وقضايا قتل"، وجاء قرار الفصل بعد تشكيل لجنة من أعضاء اللجنة المركزية للتحقيق مع دحلان فيما يخص قضايا جنائية ومالية منسوبة إليه، الأمر الذي أطلق على إثرة دحلان تصريحات تضمنت هجومًا غير مسبوق ضد عباس وأبنائه. ويرى مراقبون أن هذا الصراع المشتعل بين أبو مازن ودحلان سيزيد الانقسادم ويخدم الاحتلال ويدفع إلى المزيد من الضعف والتراجع في مكانة حركة فتح التي تعجز عن وضع حد للجرائم الصهيونية في الفترة الأخيرة، الأمر الذي يعكس أن بحث القيادات عن المصالح الضيقة دون النظر إلى الاهتمام بالقضية الفلسطينية، فبينما يكافح أبو مازن للحفاظ على موقعه داخل حركة فتح، لا يزال دحلان الذي يتمتع بنفوذ واسع، سواء بين أعضاء المجلس الثوري واللجنة المركزية يسعى لسحب البساط عن الرئيس الفلسطيني.