تيسيرًا على الوافدين.. «الإسكندرية الأزهرية» تستحدث نظام الاستمارة الإلكترونية للطلاب    وزير الشباب: إنشاء حمام سباحة وملعب كرة قدم بمدينة الألعاب الرياضية بجامعة سوهاج    العملة الخضراء الآن.. كم سجل سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم السبت 11–5-2024؟    رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: يحق لفلسطين الآن التقدم بمشروعات القرارات    واشنطن بوست: الولايات المتحدة تعرض على إسرائيل دعما استخباراتيا بديلا لاقتحام رفح الفلسطينية    الهدف الثاني الحاسم.. موديست "رجل طوارئ" الأهلي هذا الموسم    سر الأهلي.. هل ينهي الزمالك خطيئة جوميز مع جروس؟    بيان مهم من الأرصاد بشأن الطقس غدا الأحد 12 مايو 2024    الصور الأولى من حفل زفاف ابنة مصطفى كامل    رمضان عبد المعز: لن يهلك مع الدعاء أحد والله لا يتخلى عن عباده    السفير ماجد عبدالفتاح: حديث نتنياهو عن الإدارة المشتركة لقطاع غزة حلاوة روح    مخالف للدستور والقانون، الصحفيين ترفض قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات    الرقابة الإدارية تستقبل وفد مفتشية الحكومة الفيتنامية    وكيل صحة الشرقية يتفقد مستشفى العزازي للصحة النفسية    وكيل صحة الشرقية يتفقد مستشفى العزازي للصحة النفسية وعلاج الإدمان    خنقها برباط حذائه.. الإعدام لعامل بناء قتل ابنة شقيقه بسوهاج    وزير الرياضة يطمئن على لاعبة المشروع القومي بعد إجرائها عملية جراحية    سلوفينيا: ممتنون لمصر لمساعدة مواطنينا في غزة على العودة    فيلم السرب يواصل سيطرته على شباك تذاكر السينما.. وعالماشي يتذيل القائمة    هدى الأتربى تكشف تفاصيل مسلسلها القادم مع حنان مطاوع    بكلمات مؤثرة.. إيمي سمير غانم تواسي يسرا اللوزي في وفاة والدتها    شراكة بين بنك القاهرة وشركة متلايف لتقديم خدمات التأمين البنكي عبر 150 فرعا    في عيد النصر بوريسينكو: مصر عانت مثلنا من الحروب    كنيسة يسوع الملك الأسقفية بالرأس السوداء تحتفل بتخرج متدربين حرفيين جدد    «جوالة جامعة الزقازيق» تُنظم دورة تدريبية عن الإسعافات الأولية    اليوم العالمى للمتاحف.. متحف إيمحتب يُطلق الملتقي العلمي والثقافي "تجارب ملهمة"    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة محملة بطيخ بقنا    وزير الأوقاف يحظر تصوير الجنائز بالمساجد مراعاة لحرمة الموتى    عمرو الورداني للأزواج: "قول كلام حلو لزوجتك زى اللى بتقوله برة"    محافظ القليوبية يناقش تنفيذ عدد من المشروعات البيئة بأبي زعبل والعكرشة بالخانكة    إحالة أوراق طالب هتك عرض طفلة للمفتي    خالد عبدالغفار: وزارة الصحة وضعت خططا متكاملة لتطوير بيئة العمل في كافة المنشأت الصحية    رئيس"المهندسين" بالإسكندرية يشارك في افتتاح الملتقى الهندسي للأعمال والوظائف لعام 2024    «هشمت رأسه وألقته من أعلى السطح».. اعترافات المتهمة بقتل زوجها في قنا    سانت كاترين تستقبل 1300 سائح من مختلف جنسيات العالم    محافظ كفر الشيخ يعلن بدء التشغيل التجريبي لقسم الأطفال بمستشفى الأورام الجديد    أخبار الأهلي : طلبات مفاجئه للشيبي للتنازل عن قضية الشحات    مواصفات وأسعار سيات إبيزا 2024 بعد انخفاضها 100 ألف جنيه    إلغاء جميع قرارات تعيين مساعدين لرئيس حزب الوفد    نقيب الأطباء يشكر السيسي لرعايته حفل يوم الطبيب: وجه بتحسين أحوال الأطباء عدة مرات    آخرها هجوم على الاونروا بالقدس.. حرب الاحتلال على منظمات الإغاثة بفلسطين    نتائج منافسات الرجال في اليوم الثاني من بطولة العالم للإسكواش 2024    جيش الاحتلال الإسرائيلى: نحو 300 ألف شخص نزحوا من شرق رفح الفلسطينية    «الأرصاد» تكشف حقيقة وصول عاصفة بورسعيد الرملية إلى سماء القاهرة    بعد ثبوت هلال ذي القعدة.. موعد بداية أطول إجازة للموظفين بمناسبة عيد الأضحى    البابا تواضروس يدشن كنيسة "العذراء" بالرحاب    التنمية المحلية: استرداد 2.3 مليون متر مربع بعد إزالة 10.8 ألف مبنى مخالف خلال المراحل الثلاثة من الموجة ال22    قروض للشباب والموظفين وأصحاب المعاشات بدون فوائد.. اعرف التفاصيل    إحالة العاملين بمركز طب الأسرة بقرية الروافع بسوهاج إلى التحقيق    منها المهددة بالانقراض.. تفاصيل اليوم العالمي للطيور المهاجرة للبيئة    المشاركة ضرورية.. النني يحلم بتجنب سيناريو صلاح مع تشيلسي للتتويج بالبريميرليج    مباشر مباراة المنصورة وسبورتنج لحسم الترقي إلى الدوري الممتاز    ما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟ الإفتاء تُجيب    المفتي يحسم الجدل بشأن حكم إيداع الأموال في البنوك    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 11-5-2024    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خصائص التميز في التلاوة المصرية
نشر في البديل يوم 31 - 12 - 2016

لم تكتسب المدرسة القرآنية المصرية مكانتها وانتشارها وشهرتها في أرجاء العالم إلا من خلال مميزات وخصائص، لم تجتمع لقراء قطر من أقطار العرب والمسلمين إلا لقراء مصر ومشايخها، وقد حددت هذه الخصائص معالم التلاوة المصرية الفريدة، وجعلت منها المدرسة الأكبر والأعمق تأثيرا بين المستمعين للقرآن الكريم في كل مكان.
ولعل أهم ما تميزت به التلاوة المصرية، الدقة الشديدة في تطبيق أحكام التجويد، ومراعاة مقادير المد والغن، والمساواة بين النظائر، وإحكام مخارج الحروف، واستيفاء ما لكل حرف من صفات، كالجهر والهمس، والشدة والرخاوة، والاستعلاء والاستفال، والانفتاح والانطباق، والقلقلة والصفير والتفشي، وغيرها.
وقد أكسبت هذه الدقة دولة التلاوة المصرية وقراءها ثقة كبيرة، وأصبح علماء القراءات المصريين خلال القرنين الماضيين المرجع الأول لبلاد الإسلام في كتابة المصاحف وضبطها وموافقة رسمها لقراءة البلد الذي تنتمي إليه، وفي العقود الأولى من القرن العشرين، كانت بعض البلاد العربية تراجع مصاحفها بمطابقتها بالنسخة التي اعتمدها لهم علامة القراءات الشيخ علي محمد الضباع، الذي بلغ في فنه وتآليفه مبلغا صار به قبلة ومقصدا لطلاب هذا العلم من كل مكان، بعد أن انتهت إليه رئاسة الإقراء في الديار المصرية وبلاد العرب جميعا.
ولا ريب أن الدقة في أحكام التجويد، ومراعاة حقها ومستحقها بلغت ذروة عالية في أول جمع صوتي للقرآن الكريم، أو ما يعرف بالمصحف المرتل، عند تسجيله بصوت الشيخ محمود خليل الحصري، عام 1961، وقد روى الأستاذ لبيب السعيد، صاحب فكرة الجمع الصوتي للقرآن، والمكلف بعد ذلك بتنفيذها، أنه بالرغم من علم وإجادة الشيخ الحصري، إلى درجة توليه مشيخة المقارئ في وقت لاحق، إلا أن اللجنة المشرفة على التسجيل كانت تستوقفه ليعيد بعض المقاطع على النحو النموذجي المستهدف، وكانت هذه اللجنة مكونة من عدد من كبار علماء القراءات، هم المشايخ عبد الفتاح القاضي، وعامر عثمان، وعبد العظيم الخياط، ومحمد سليمان صالح، ومحمود حافظ برانق.. والمهتمون بعلم القراءات يعرفون جيدا المكانة العلمية لهؤلاء العلماء المعدودين في الطبقة الأولى لأهل هذا الفن في القرن العشرين.
أما السمة الرئيسة الثانية للتلاوة المصرية، فهي التغني بالقرآن، وفقا لمقامات النغم العربية، وتوظيف الدراية الموسيقية لإخراج القرآن في أبهى صورة، تستروح به الأنفس، وتستريح له الآذان، وتدفع السآمة والملل عن المستمع، بل تنقله إلى حالة من الشغف والاستزادة.
ويستخدم القراء المصريون مجموعة من المقامات الشرقية على رأسها البياتي والصبا والحجاز والنهاوند والراست والسيكاه والعجم، وبصفة أقل يستخدمون مقام الكرد، كما إنهم يلونون تلاوتهم بمقامات فرعية، مثل الشورى والهزام والبستنكار والجهاركاه والعشاق المصري.
وفيما يشبه القاعدة المستقرة، يبدأ القراء المصريون تلاوتهم غالبا بمقام البياتي، وكذلك يختمون تلاوتهم بنفس المقام، وكان للشيخ مصطفى إسماعيل أثر كبير في ترسيخ هذه القاعدة النغمية، وكذلك ترسيخ قاعدة "التصاعدية" في التلاوة، إذ يحرص القراء المصريون دائما على بدء التلاوة من درجة خفيضة (قرار) ثم التصاعد التدريجي وصولا إلى (الجواب) ثم بلوغ درجة (جواب الجواب) وهي منطقة لا يستطيعها إلا أصحاب الأصوات القوية القادرة ذات المساحة الكبيرة التي لا تقل عن ديوانين موسيقيين كاملين (أوكتافين).
ومن مميزات التلاوات المصرية، استخدام القراءات المختلفة، سواء من السبع أو العشر، لاسيما في تلاوات المحافل والسرادقات، وفي هذا الاستخدام إحياء لقراءات متواترة ثابتة، دون الاقتصار على رواية حفص عن عاصم المنتشرة في أغلب بلاد العالم الإسلامي، أو قراءة نافع بروايتيه قالون وورش كما هو الحال في بلاد المغرب العربي.
وتذخر تسجيلات القراء المصريين بروايات متعددة، من أهما ورش عن نافع، وحمزة الكوفي، والسوسي عن أبي عمرو، والبزي عن ابن كثير، والكسائي الكوفي، وفي بعض التلاوات يكتفي القارئ بالانتقال إلى رواية أخرى واحدة، وأحيانا يستوفي المقرئ ما في الآية من قراءات، فيعيدها بعدد ما ورد فيها من قراءات.. ولا شك أن التلاوة بالقراءات المختلفة تجذب انتباه السامع، وتحفظ عمليا هذا العلم الكبير، من خلال ممارسته وإحيائه، وإلقائه على مسامع الجماهير، حتى لا يكون حبيس المعاهد العلمية وحكرا على المتخصصين.
كما أن النظام المشيخي القائم على الإجازة والإذن خلق حالة من الفرز لم تكن تفسح المجال إلا لأصحاب المواهب الحقيقية، من القراء المتمكنين علميا، القادرين صوتيا، وظل الحال هكذا لعقود قبل عصر الإذاعة، فلما أطلقت الحكومة المصرية إذاعتها عام 1934، استمر هذا الفرز، فلم يكن هناك مكان إلا للأصوات العبقرية، والمواهب الحقيقية، من خلال لجان صارمة لاختبار القراء، بعيدا عن أي شبهة للواسطة أو المحاباة.. وربما ظلت هذه الصرامة في انتقاء الأصوات حتى أواخر الستينات أو أوائل السبعينات.. قبل أن تبدأ مرحل التراجع التي وصلت إلى دركة مؤسفة.
ولكل هذه الأسباب، صارت التلاوة المصرية نبراسا يحتذى ويطلب، وتهافت العرب والمسلمون على دعوة كبار القراء المصريين، لإحياء المحافل والمناسبات، لاسيما في شهر رمضان، ولاقى القراء القادمون من مصر كل أشكال التكريم والتبجيل وحفاوة الاستقبال رسميا وشعبيا، وربما خرج بعضهم بعد تلاوته محمولا على الأعناق، ترجوه الجماهير أن يبقى ببلدهم أكبر فترة ممكنة، ولا شك أن مدرسة التلاوة المصرية مثلت معلما مهما من معالم قوة مصر الناعمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.