يعد القارئ الشيخ طه الفشني- رحمه الله- علمامن أعلام قراء القرآن الكريم وقطبا من أقطاب التواشيح والابتهالات الدينية, وهو من الرعيل الأول لقراء الإذاعة المصرية وثالث قارئ تتعاقد معه الإذاعة عام1937 بعد الشيخين محمد رفعت وعبدالفتاح الشعشاعي رحم الله الجميع, وكان أول من أدخل النغم في التجويد مع المحافظة ولا تزال له مكتبة زاخرة بتسجيلاته النادرة للقراءات المختلفة للقرآن الكريم ترتيلا وتجويدا شاهدة علي نبوغه وعلمه بأصول واحكام القراءات,وقد اطلقت عليه كوكب الشرق السيدة أم كلثوم لقب ملك التواشيح الدينية بمصر والعالم العربي والإسلامي بعد أن امتع بصوته العذب الملائكي الملايين من مستمعي ومحبي القرآن الكريم. ولد الشيخ طه الفشني- رحمه الله- بمدينة الفشن عام1900 وحفظ القرآن الكريم بكتاب المركز في العاشرة وحصل علي دبلوم المعلمين من مدرسة المنيا, وسافر الي القاهرة والتحق بالأزهر الشريف وحصل علي شهادة القراءات العشر علي يد الشيخ العالم الجليل عبدالعزيز السحار احد علماء الأزهر آنذاك,وبعد التحاقه بالإذاعة المصرية كان يذاع له أسبوعيا في المساء يومي السبت والأربعاء علي الهواء مباشرة مدة كل تلاوة40 دقيقة, وظل الشيخ طه الفشني منذ عام1943 وحتي قيام ثورة1952يقرأ القرآن الكريم بقصري عابدين بالقاهرة ورأس التين بالإسكندرية لمدة تسع سنوات ويستمع الملك فاروق الي تلاوته التي تمتد الي45 دقيقة, فضلا عن الدعوة الملكية للشيخ طه الفشني لتناول طعام الإفطار علي المائدة الملكية في شهر رمضان كل عام, وكان القارئ المفضل للزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذي أهداه طبقا من الفضة الخالصة ممهورا بتوقيعه, ومن بعده الرئيس الراحل محمد انور السادات والتكريمات والصور التذكارية تشهد بذلك, وفي عام1991كرمته الدولة بمنح اسمه نوط الامتياز من الطبقة الأولي وأطلق اسمه علي احد الشوارع الرئيسية بمدينة نصر بجوار مدرسة ابن الأرقم, وكان الشيخ طه الفشني خيرسفيرلمصرفي البلدان العربية والاسلامية التي زارها مبعوثا او مدعوا,كما كرمه زعماء ورؤساء وملوك دول السعودية وباكستان وتركيا وماليزيا وتونس والمغرب وليبيا والسودان وسوريا وآخرها ومنذ شهور دولة ايران حيث منحته وسام الدولة من الطبقة الاولي المكتوب بماء الذهب وتسلمه نجله المستشار زين بالعاصمة الايرانيةطهران. قال عنه المتخصصون في فن التلاوةوعلم الصوتيات ان الشيخ طه الفشني وهبه الله سبحانه وتعالي صوتا ملائكيا عذبا ومقامات صوتية تعدت نحو17 مقاما صوتيا يتنقل من بينها في سلاسة واقتدار لا مثيل له, فضلا عن تمتعه بطول نفس وعلمه الكبير بعلم الموسيقي العربية ومقاماتها, وقد تم إعداد عدة دراسات علميةبالجامعات المصرية في اسلوب اداء الشيخ طه الفشني وعلمه الواسع بفن الموسيقي العربية,منها رسالة ماجستير للمعيدة رحاب الشربيني بقسم التربية الموسيقية تخصص موسيقي عربية. ويقول عنه الدكتور احمد عيسي المعصراوي شيخ عموم المقارئ المصرية:ان الشيخ طه الفشني- رحمه الله- من القراء العظماء القلائل الذين جمعوا بين فن تلاوة القرآن الكريم وفن التواشيح والابتهالات الدينية بل تفوق علي أقرانه في ذلك في صورة لم يدانه فيها احد, مؤكدا أن التسجيلات الإذاعية الهائلة التي تركها الشيخ طه الفشني تشهد علي ذلك, وقد ساعده علي هذا الابداع موهبة جمال صوته مع اتقانه لحفظ القرآن الكريم تجويدا وترتيلا, بالإضافة إلي قوة الصوت أيضا علمه بالفن الموسيقي وتوظيفه له في التلاوة دون الاخلال باحكام القراءة. واشارالدكتور المعصراوي الي ان الشيخ طه الفشني- رحمه الله- كان في ادائه للتلاوة يأتي بجواب الجواب,حيث يندر من يفعل هذا من القراء او المبتهلين,كما كان لإجادته لحفظ القرآن الكريم بالقراءات السبع عامل مساعد في براعته في التلاوةوالابتهالات مما جعله متفردا علي غيره من القراء والمبتهلين. وفي يوم الجمعة العاشرمن ديسمبر عام1971 رحل عن دنيانا الشيخ طه الفشني بعد ان ترك تراثا ضخما وكنزا من التلاوات القرآنية النادرة والتواشيح والابتهالات الدينية ليستمتع بها محبوه وتلاميذه في كل دول العالم الاسلامي,حيث قضي عمره كله في خدمة القرآن الكريم وأهله.