كان الشيخ طه الفشني علما من أعلام القراء وقطبا من أقطاب الإنشاء والتوشيح والمدائح النبوية بمصر والعالم العربي والإسلامي ولاتزل له مكتبة زاخرة بتسجيلاته النادرة شاهدة علي نبوغة وعلمه بأصول التلاوة. كان رحمه الله الذي تحل هذه الأيام الذكري ال40 لوفاته صاحب قدرات فنية في تلاوة القرآن الكريم وصاحب أسلوب خاص به يميزه عن سائر أساليب القراءة والتواشيح. ويعد من الرعيل الأول لقراء الإذاعة المصرية وهو ثالث قارئ تتعاقد معه الإذاعة بعد الشيخين محمد رفعت وعبد الفتاح الشعشاعي رحمهم الله جميعا. وكان أول من أدخل النغم في التجويد مع المحافظة علي الإحكام, وكان الشيخ الفشني من النبغاء في مدرسة الشيخ علي محمود وكانخليفته وأشتهر بقراءته سورة الكهفيوم الجمعة بمسجد السيدة سكينة وكذا إجادته لتلاوة وتجويد قصار السور. وكان المؤذن الأول لمسجد الإمام الحسين رضي الله عنه بالقاهرة ورئيس رابطة قراء القرآن الكريم حتي وفاته سنة1971 بعد الشيخ الشعشاعي. وقد لحن للفشني كبار ملحني التواشيح, منهم درويش الحريري وزكريا أحمد وسيد شطا ومحمد إسماعيل وموسي الحريري, وعندما بدأ التليفزيون إرساله كان الشيخ الفشني من أوائل القراء وظهر لأول مرة يوم26 أكتوبر1963 م وهو يتلو الآيات من سورة مريم. وقد قامت إحدي الباحثات باعداد دراسة عنه بعنوان أسلوب طه الفشنيفي الإنشاد الديني للحصول علي درجة الماجستير وانتهت الباحثة رحاب الشربيني إلي أن الشيخ الفشني كان يمتلك مساحة صوتية تصل في مداها إلي أعلي الدرجات يؤديها في خفة وسهولة واقتدار, ممايدل علي فهمه واستيعابه العلوم الموسيقية خاصة علم المقامات والأنغام. ولد بمدينة الفشن بمحافظة بني سويف عام1900 م في أسرة متدينة ميسورة الحال والتحق بكتاب القرية وبه حفظ القرآن الكريم في سن العاشرة وقد شجعه ناظر المدرسة علي حفظ القرآن الكريم بعد أن لمس في صوته حلاوة الأداء ثم التحق بمدرسة المعلمين في مدينة المنيا وسافر إلي القاهرة ليلتحق بمدرسة دار العلوم العليا لكن اندلاع ثورة1919 م حال دون التحاقه بها, فتوجه إلي الأزهر الشريف والتحق بمعهد القراءات وتلقي تعليمه لعلوم القرآن الكريم وأحكام التجويد والتلاوة وعلوم القراءات علي يد الشيخ عبدالعزيز السحار والشيخ المغربي في صحن الازهر الشريف. وفي عام1937 م كان الشيخ الفشني يحيي إحدي الليالي الرمضانية بمسجد الإمام الحسين بالقاهرة وكان من ضمن الحاضرين بالحفل ا(محمد سعيد لطفي باشا)مدير الإذاعة المصرية في ذلك الوقت فعرض عليه الالتحاق بالإذاعة وأصبح قارئا فيها ومنشدا بارعا للتواشيح الدينية علي مدي ثلث قرن وبدأت شهرته تجوب الآفاق منذ ذلك التاريخ. وكان الملك فاروق يحرص علي حضور حفلاته وتم اختياره لإحياء ليالي شهر رمضان بقصري عابدين بالقاهرة ورأس التين بالإسكندرية لمدة تسع سنوات. كما كان القارئ المفضل للزعيم جمال عبد الناصر وكذلك الرئيس محمد أنور السادات الذي كرمه مبعوثا الي تركيا لاحياء ليالي شهر رمضان المبارك في1970/11/23 م. قبل وفاته بعام. وتكريما له بعد وفاته في1972/2/5 أطلق أسمه علي أحد شوارع مدينة نصر بجوار مسجد الأرقم. أهداه عبد الناصر طبقا فضيا ممهورا بتوقيعه. كما كرمه زعماء ورؤساء وملوك العالم الإسلامي. وبعد عمر ناهز الأحد والسبعين عاما وفي فجر الجمعة العاشر من ديسمبر رحل عنا الشيخ الفشني بعد رحلة عطاء طويلة في خدمة القرآن الكريم تاركا خلفه كنوزا من التسجيلات القرآنية النادرة والتراتيل والإنشاد الديني في الإذاعة والتليفزيون, وفي عام1991 منح الرئيس مبارك نوط الإمتياز من الطبقة الأولي لاسم المرحوم الشيخ طه الفشني وتسلمه نجله زين الفشني, كما كرمه رئيس إيران.