الغربية : محمد ربيع أناس بسطاء دفعتهم أوضاعهم الاقتصادية الصعبة إلى الاشتغال بمهنة رعي الماشية. أصولهم ممتدة إلى قرى ومدن ومراكز الصعيد. تمتلئ بهم محافظة الغربية في هذا التوقيت من كل عام. إنه الوقت الذي ينتطره راعي البقر لأخذ المواشي إلى المراعي الطبيعية، إلى الأراضي بعد حصاد محاصيلها، بحيث يصبح من السهل تغذيتها، وفي المقابل يفرح صاحب الأرض بقدومهم؛ ليتخلص من حشائش وبواقي محاصيل أرضه؛ لذا يسمح لهم بنزول قطيعهم لحقله، في منفعه تبادلية بين الطرفين. جاد سالم، راعي ماشية، أكد أن مهنتهم شاقة، حيث يقومون بجمع المئات أو الآلاف من رؤوس الماشية من أصحابها، ويذهبون بها إلى مناطق المراعي الشاسعة، وبصورة خاصة محافظات الدلتا، حيث الهواء الطلق والأعشاب، يقودونها سيرًا على الأقدام على امتداد ممرات المواشي، حيث تجول المواشي وتأكل وتسمن؛ لتباع في نهاية المطاف. وتابع جاد: نحن مجموعة نعمل سويًّا، ونقوم برحلة متعبة وليست سهلة كما يعتقد البعض.. رحلة ممتدة لشهور، ونترك بيوتنا، ونعيش فى الخيام، وتنتهى رحلتنا مع نهاية فصل الشتاء بدفع قطعان المواشي إلى الحظائر؛ لفرزها وفصل العجول الصغيرة عن الكبيرة، وتسليمها لأصحابها، بعد الحصول على مقابل التربية والرعاية. ولكن خلال تلك الرحلة نواجه صعوبات شتى، حيث نسكن في العراء ونتعرض لأعمال البلطجة، ونعانى من نظرة الناس لنا، حيث يتهمنا البعض بأننا مجموعة "غجر"، يأتون إلى محافظات الدلتا للسرقة والنهب، رغم أننا من المواطنين الصالحين، الذين يعيشون حياة عادية، ويعملون بتلك المهنة التي توارثناها عن أجدادنا، ومنا حملة مؤهلات أيضًا. وأضاف مختار أبو دياب، أحد الرعاة: ننتقل من مكان لآخر سعيًا وراء المزيد من الغذاء للماشية، مبينًا أن أهم أداتين لدى راعى البقر هما حصانه وكلبه؛ فالحصان هو وسيلة للتنقل من أجل جمع الماشية، حيث تكون بعض الأراضي صعبة ووعرة. أما الكلب فهو حارس القطيع. وأشار أبو دياب إلى أن عمل راعي البقر يتبدل مع تغير فصول السنة، ففي الخريف نجمع الأبقار والعجول، ثم نفصل بينها، حيث نفطم العجول عن الأمهات، وهكذا يصبح بالإمكان بيع العجول أو الاستمرار في تربيتها لمدة سنة أخرى، إلى أن تباع في نهاية الأمر. وخلال فصل الشتاء تنتهي رحلتنا، وتعود المواشي للمزرعة الخاصة بكل شخص فينا؛ كي يتمكن بسهولة أكبر من تغذيتها بالتبن عندما تهطل الأمطار. وهذا هو العمل الرئيسي في مزارع المواشي، إلى أن تبدأ عمليات ولادة العجول في أواخر فصل الشتاء أو أوائل فصل الربيع، الذي يتم فيه توليد العجول ووسمها؛ لإثبات ملكيتها بوضوح والإعداد لنقل المواشي إلى المراعي الصيفية. فخلال فصل الصيف تكون المواشي في المراعي البعيدة عن المركز الرئيسي للمزرعة، حيث تأكل العشب الطبيعي مع العلف، موضحًا أن تغذية المواشي أمر يومي بغض النظر عن حالة الطقس.