رغم كل الجهود التى تحققت فى مجال الطفولة حتى ما قبل صدور قانون الطفل المصرى بتعديلاته المختلفة، إذ يكفى الاطلالة على المادة الثمانين من الدستور المصرى الصادر عام 2014 حينما زٌيلت هذه المادة بعبارة "تعمل الدولة على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل في كافة الإجراءات التي تتخذ حياله"، وهو ما يفتح الباب واسعا لمزيد من المعالجات لبعض القضايا والمسائل الخاصة بالطفل وتحتاج إلى مزيد من الجرأة لمعالجتها، وفى مقدمتها قضية الرؤية (رؤية الطفل لغير الحاضن). مناسبة هذا الكلام هو حكم محكمة القضاء الإداري القاضى بإلغاء قرار وزير العدل رقم 1087 لسنة 2000، المطعون فيه فيما تضمنه من تنظيم مدة رؤية المحضون "الطفل"، حيث كان القرار يقصر حق الرؤية للطرف غير الحاضن على مجرد الرؤية في مراكز الشباب لمدة لا تتجاوز 3 ساعات وبدون عقاب رادع، في حال امتناع الطرف الحاضن عن التنفيذ، بما في ذلك من إجحاف وقطع صلة أرحام بأسرة الآباء بعد الانفصال. ولذا، جاء حكم القضاء الادارى بالغاء هذا القرار لما تضمنه من إغفال سلطة القاضى فى تحديد مكان لتلك الرؤية وفقا لما نصت عليه المادة الرابعة من القانون. ومن دون الدخول فى جدل حول مدى صحة الحكم لأنه كما هو معلوم يحظر التعليق على احكام القضاء وإن كان هذا لا يسلب وزير العدل الحق فى الطعن على حكم المحكمة لتوضيح موقف الوزارة ورؤيتها من هذا القرار، بل يمكن ان يتفهم الوزير الحجية القانونية التى استند إليها القاضى لاصدار هذا الحكم وهو ما يعنى ان تتجه وزارة العدل بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى لتصحيح ما اصاب القرار الملغى من عوار يستوجب التصحيح. تلك هى السيناريوهات المحتملة ما بعد حكم المحكمة. ولكن القضية الأكثر أهمية هو كيفية معالجة قضية الرؤية لغير الحاضن معالجة انسانية تراعى حقوق غير الحاضن فى التواصل مع الطفل بل وحق الطفل كذلك فى الاستمتاع بمؤانسة والده والتعلم منه، وهو امر يحتاج إلى نظرة اكثر اتساعا فى معالجة مثل هذه القضية، بحيث تراعى ما جاء فى المادة 67 من قانون الأسرة رقم 2000 والتى تنص على:"ينفذ الحكم الصادر برؤية الصغير فى أحد الأماكن التى يصدر بتحديدها قرار من وزارة العدل بعد موافقة وزارة الشئون الاجتماعية، وذلك ما لم يتفق الحاضن والصادر لصالحه الحكم على مكان أخر، ويشترط فى جميع الأحوال ما يشيع الطمأنينة فى نفس الصغير". نهاية الرأى ان معالجة قضية الرؤية تتطلب تحقيق التوازن بين حق الاب فى الرؤية وحق الام والطفل فى الحماية، وهو ما يستوجب مراعاة مصلحة الصغير عند صدور اي تشريع او قانون لتنظيم الرؤية ضمانا لتحقيق الاستقرار والسلامة للطفل وعودته سالما لوالدته.