تأتي أزمة "الفيلم المسئ " بكل ملابساتها من عرض للفيلم في هذا التوقيت قبل 11 سبتمبر، و رد الفعل العنيف و الغير منضبط في مصر ، و الجنوني في ليبيا لتؤكد رغبة من طرحوا الفيلم في إظهارنا في تلك الصورة أمام العالم و أمام الناخب الأمريكي في عام الانتخابات ، لإيجاد مبرر لوضع رئيس جمهوري يميني متطرف في سدة الحكم في الولاياتالمتحدة، خلفا لأوباما الذي يجري ربطه تاريخيا بالإسلام لجذور عائلة والده الإسلامية، و اظهاره في مظهر الضعيف أمام "أهله و عشيرته" من مسلمي الشرق الأوسط أصحاب رد الفعل العنيف علي فيلم مسئ ، كان بإمكانهم إن يتجنبوه أو يتعاملوا معه بشكل أكثر هدوءاً.....هذا علي الساحة الأمريكية.....أما علي الساحة المصرية فالمصيبة أعظم. ما آن برزت قضية هذا الفيلم إلا و أخذت تتطور و تتمحور في أشكال متعددة.....من غضب ، إلي دعوة لمظاهرات ، إلي مسيرة تحاول إقتحام السفارة الأمريكية، إلي مزايدات علي إسلام الليبراليين ، إلي مطالبات لأقباط مصر بالإعتذار!!!!، إلي مطالبات للكنيسة بطرد موريس صادق وصناع الفيلم من الكنيسة، إلي تهديد بحرق الإنجيل و إهانته، إلي سب علني لكل المسيحيين في العالم بألفاظ لم نعهدها من قبل علي الإعلام.....و يمكن القول أن هذا كله يدخل في باب ردود الأفعال الغير منضبطة التي تعودنا عليها، حين يترك الناس لألسنتهم، فلا توجيه و لا توعية و لا أحد يملك شجاعة رفض مبدأ حرق الوطن من إجل ان نغيظ العدو.....لا أحد يخرج بقوة ليقول إننا نطعن أنفسنا بسلاحنا بينما عدونا يضحك منا و من غباءنا....لا أحد يقف بشجاعة ليقول كفوا أيديكم عن إخوانكم و أعرفوا عدوكم الحقيقي و واجهوه بالعقل....و حتي هذه اللحظة فآن الأمور تسير في مسارها المعتاد من التشوش و التخبط و كأننا مجموعة من النمل الفارسي التي تتحرك بلا هدف و بلا تحديد اتجاه فتتخبط في سيرها و يؤذي بعضها بعضا. الأعجب هنا هو رد الفعل من بعض سياسي التيارات الدينية، الذين ما أن إنفجرت الأزمة حتي أخذوا يبحثون عن حق لهم في تقيد حرية الإبداع في مصر!!!!!برغم أن الفيلم ليس مصريا و لم يصنع في مصر و من صنعه لا يعيش في مصر من عشرات السنين، إلا أنا - من باب الإحتياط- علينا أن نقيد الإبداع في مصر!!! ففي زعمهم أن حرية الأبداع في أمريكا أوصلتهم لأن يسبوا النبي....و أن لا يحترموا الأديان . و كأننا شعب قاصر يسير في طريق مظلمة لا يعرف لها اتجاها و لا نهاية، و كأن صناع الإبداع ، و غالبيتهم من أصحاب الفكر الذين يعرفون مايجوز عرضه و مالا يجوز، و كأن صناع الإبداع أصبحوا كالمجانين يقلدون الغرب حتي فيما يهين دينهم و ثقافتهم.....و تصبح هوجة الفيلم مبرراً لمادة الذات الإلهية المراد إضافتها للدستور....و يصبح ذلك الفيلم مبرراً لإضافة كل مايقيد الحرية في التعبير إذا أراد أحد شيوخ التيار الإسلامي وصفه بالزندقة و الكفر....و يصبح الفيلم مبرراً لتقسيم المجتمع ، مرة ثانية ، إلي مؤمنين يقبلون دستور الإسلاميين، أو علمانيين ملحدين ، بلا نخوة و لا كرامة يفرطون في دينهم و حق نبيهم........ هذا يحدث الآن أيها السادة.....فلم يكتف السادة المسيطرون علي مصر بإدخالنا في دوامة قصص مفتعلة من أجل صنع الدستور بليل، فمن قطع متعمد للكهرباء، إلي ماتش السوبر، إلي مغامرات الشاطر عصام و شفيق ، إلي بدر و إلهام.....إلي ....إلي....لكي يصل بنا الأمر إلي نقطة الذروة المطلوبة، و هي وضع إيمان المواطن علي المحك، إما دستور يقره المؤمنون و يرفضه الزنادقة، و إما دوامة من اللف و الدوران يتم فيها أخونة الدولة علي قدم و ساق لتفتح للإخوان عهدا يتملكون فيه مصر لقرون قادمة......إنتبهوا أيها السادة فإن هوجة ردود الأفعال الغير منضبطة لا تعدو كونها حصان طرواده الذي سوف يتسلل منه فكر الاخوان و قيودهم لإسقاط مصر في ايديهم إلي الأبد .