تجدد الاحتجاجات ضد نتنياهو في تل أبيب وأماكن أخرى.. وأهالي الأسرى يطالبونه بصفقة مع حماس    ياسر عبدالعزيز: الخوف هو السبب الرئيسي في إخفاق الإعلام الغربي مؤخرا    أول رد من نتنياهو على فيديو الجندي الإسرائيلي المُتمرد (فيديو)    أسر وقتل جنود إسرائيليين في كمين مركب بغزة وأبو عبيدة لعائلات الأسرى: ترقبوا ما سننشره    «المصريين الأحرار»: قرارات العدل الدولية خطوة في طريق طويل لتحقيق العدالة    هكذا احتفل إمام عاشور بدوري أبطال أفريقيا.. صور    مبابي يودع باريس سان جيرمان بحصد لقب كأس فرنسا 2024    أول تعليق من مدرب الترجي على خسارة نهائي إفريقيا    نتائج صفوف النقل عبر الموقع الإلكتروني ب«تعليم الجيزة» اليوم    4 ظواهر جوية تضرب البلاد خلال الأسبوع الجاري.. تحذير من الرياح المثيرة للأتربة    «كتاب ونقاد السينما» تكرم فيلم «رفعت عيني للسما» الفائز بمهرجان «كان» الاثنين    مصر في 24 ساعة| السيسي يُصارح المصريين بأزمة انقطاع الكهرباء.. والأهلي يتوج بالأميرة السمراء    الملا: نتحمل فرق تكلفة 70 مليار جنيه لإمداد وزارة الكهرباء بالغاز فقط    قطع المياه اليوم لمدة 6 ساعات عن بعض المناطق بالأقصر.. تعرف عليها    "نيوزويك": بوتين يدرس التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا    وزير المالية: سبب أزمة الكهرباء عندنا دولار ومعندناش جنيه.. ولميس الحديدي «جديدة دي»    61 ألف جنيه شهريًا.. فرص عمل ل5 آلاف عامل بإحدى الدول الأوروبية (قدم الآن)    رئيس "زراعة الشيوخ": المشروعات التنموية في قطاع الزراعة تحقق الأمن الغذائي    مروان عطية: هدف رامي ربيعة «ريحنا».. وتفاجأت بنزول ديانج    رابطة النقاد الرياضيين تشيد بالتنظيم الجيد في نهائي دوري أبطال إفريقيا    «قول حاحا أنا متكيف بصراحة».. هتافات الأهلاوية بعد هزيمة الترجي التونسي    بيرسي تاو يُهادي جماهير الأهلي بعد التتويج بدوري أبطال أفريقيا (فيديو)    هل خطة قطع الكهرباء مؤقتة أم دائمة؟.. وزير المالية يُجيب    اليوم.. افتتاح دورة تدريبية لأعضاء لجان الفتوى بالأقصر وقنا وأسوان    صوّر ضحاياه عرايا.. أسرار "غرفة الموت" في شقة سفاح التجمع    وزير البترول: محطات توليد الكهرباء تستهلك 60% من غاز مصر    زاهي حواس: بناء الأهرامات كان المشروع القومي للمصريين القدماء.. واستغرق 28 عاما    فجر السعيد تنتقد شيماء سيف بعد التكميم: دمها صار ثقيل"    "ساكتين ليه".. الرئيس يوجه رسالة غضب ل 3 وزراء (فيديو)    آلام التهاب بطانة الرحم.. هل تتداخل مع ألام الدورة الشهرية؟    أعراض الربو المبكرة عند الأطفال    مكملات غذائية تضر بصحتك أكثر من نفعها    بعد تصدره تريند جوجل.. أعمال ألفها هشام ماجد    فرحة لاعبى الأهلى بعد الفوز على الترجى والتتويج ببطولة أفريقيا    بوركينا فاسو تمدد فترة المجلس العسكري الانتقالي خمس سنوات    مستشار وزير الزراعة: الرئيس السيسى افتتح 8 أنشطة كبيرة كل نشاط بمثابة بطولة    رئيس جامعة طنطا يشارك في اجتماع المجلس الأعلى للجامعات    شكرًا للرئيس.. الإعلام حقلة "وصل" بين التنمية والمصريين    الأزهر للفتوى يوضح العبادات التي يستحب الإكثار منها في الأشهر الحرم    الأزهر للفتوى يوضح حُكم الأضحية وحِكمة تشريعها    محمود بسيوني: الرئيس يتعامل مع المواطن المصري بأنه شريك فى إدارة البلاد    رئيس «إسكان النواب»: حادث معدية أبوغالب نتيجة «إهمال جسيم» وتحتاج عقاب صارم    مصدر مطلع: عرض صفقة التبادل الجديد المقدم من رئيس الموساد يتضمن حلولا ممكنة    خلال زيارته لجنوب سيناء.. وفد «صحة النواب» يتفقد أول مستشفى خضراء صديقة للبيئة.. ويوصي بزيادة سيارات الإسعاف في وحدة طب أسرة وادى مندر    «الري»: إفريقيا تعاني من مخاطر المناخ وضعف البنية التحتية في قطاع المياه    لعنة المساخيط.. مصرع شخصين خلال التنقيب عن الآثار بقنا    نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 .. (الآن) على بوابة التعليم الأساسي    موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات.. ومواعيد الإجازات الرسمية المتبقية للعام 2024    المدن الجامعية بجامعة أسيوط تقدم الدعم النفسي للطلاب خلال الامتحانات    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي العلمي للمقالات العلمية    ضبط تشكيل عصابي تخصص في الاتجار بالمواد المخدرة فى المنوفية    جارديان: واشنطن ولندن تدعمان تل أبيب ضد العدل الدولية بعد تراجعهما حول رفح    توقيع برتوكول تعاون مشترك بين جامعتي طنطا ومدينة السادات    وزير الأوقاف: تكثيف الأنشطة الدعوية والتعامل بحسم مع مخالفة تعليمات خطبة الجمعة    علاج 1854 مواطنًا بالمجان ضمن قافلة طبية بالشرقية    مفاجآت جديدة في قضية «سفاح التجمع الخامس»: جثث الضحايا ال3 «مخنوقات» وآثار تعذيب    ضبط 14 طن قطن مجهول المصدر في محلجين بدون ترخيص بالقليوبية    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمير يكشف المؤامرة: روايات «نجيب محفوظ».. مخططات «صهيونية - صليبية»!


ملخص ما نشر
كانت الأجواء «مُلَبّدة» بالأحداث الملتهبة.. ففى جامعة «أيمن الظواهرى»- القاهرة سابقًا- جرت أول واقعة لاغتيال أمير المؤمنين من شاب وصفه الإعلام بأنه حفيد «أبو لؤلؤة المجوسى».
لكن محاولة الاغتيال التى باءت بالفشل، ذهب ضحيتها فضيلة الشيخ اللواء قائد الحرس الأميرى، إذ حوكم بتهمة الإهمال الجسيم وتعريض الإمارة الإسلامية للخطر.. ونفذ فيه حكم الإعدام علنًا بميدان أسامة بن لادن!
كما شهد الشهر الثالث من ولاية أمير المؤمنين إعدام المئات من كبار رجال الطرق الصوفية.. وسجن الآلاف منهم، إذا اعتبرهم أهل «الحل والعقد»، أصحابًا للبدع والضلالات الخارجة عن صحيح الدين.
وأحل العلماء «الموثوقون» إعلان الجهاد على الأضرحة والقبور.. ولم يسلم من هذا الأمر أضرحة آل البيت أنفسهم.. فشهدنا غزوات وغزوات على مساجد الحسين والسيدة زينب.. والإمام الشافعى!

الفصل الرابع

يقولون إن الحكم فى إمارتنا الإسلامية ليس ديمقراطيا سبحان الله! هل ادعينا يوما أننا من الديمقراطيين أصحاب البدع؟ لماذا يظن هؤلاء العلمانيون الملاحدة أنهم النموذج والقدوة والمثل الأعلى، وعلينا أتباعهم والإذعان لنظرياتهم الفاسدة؟ الحكم لله وحده، والحكومة الإسلامية ملزمة بتطبيق شرع الله، فكيف نستسلم لمقولات فاسدة ضالة مضللة، كالمجاهرة بأن الشعب هو مصدر السلطة، وأن المجلس النيابى مسئول عن التشريع؟ كبرت كلمة تخرج من أفواههم الملوثة! كيف ننفق الأموال ونهدر الجهد ونشق الصف كل بضعة أعوام، من أجل اللاشىء؟ هناك احتمالان لا ثالث لهما، إذا قلدناهم وقمنا بتنظيم بدعة الانتخابات: حكومة تلتزم بالشريعة ولن يتغير فيها إلا الشخوص، أو حكومة علمانية كافرة تحارب الدين، والافتراض الثانى مستحيل لأن الشعب المسلم لن يختار إلا الإسلام.


دعهم يتشدقون بشعارات زائفة مضللة مثل تداول السلطة وحرية تكوين الأحزاب والإعلاء من إرادة الشعب، وغير ذلك من الأكاذيب والموبقات. إنهم يعنون بتداول السلطة أن يحكم الإسلام أربع سنوات مثلا، ثم يحكم الليبراليون والعلمانيون والشيوعيون، فيبيحون الشذوذ الجنسى وتبادل الزوجات والربا والميسر، لأربع سنوات - يا سلام!! ملعونة هذه الديمقراطية الفاسقة الفاجرة التى تستهين بالشرف والأعراض والنخوة والشهامة. ما أعظم فخرنا بأننا والحمد لله لسنا ديمقراطيين، ونعتز بديننا الذى يغنينا عن استيراد الأفكار الملحدة. ثم إننى أسأل: ما معنى أن تتعدد الأحزاب؟ هل نسمح بقيام أحزاب تدعو إلى إباحة الزنا والربا وبث البرامج الخليعة المثيرة للشهوات والغرائز فى القنوات الفضائية البائدة؟ هل نسمح بأحزاب تدعو إلى الحرب ضد الشريعة وعلماء الدين؟ هذه كلمات باطل لا يراد بها إلا الباطل، ولن نحيد عن الحق لإرضاء السفهاء.


الشورى منهجنا، ومجلس شورى العلماء يقوم بدوره مشكرواً فى إبداء الرأى الشرعى الذى تلتزم به الحكومة فى المجالات كافة، والكلمة الأخيرة لأمير المؤمنين. إنه أنا من يسأل يوم القيامة عن الرعية، والقرارات التى اتخذها لا تصدر عن هوى. غايتنا الوحيدة هى الكرامة والعزة والاستقرار، لكنهم يريدون الاضطرابات والقلاقل والاعتصامات والمظاهرات والمسيرات والبذاءات والفتن، هذا كله حرام لا أصل له فى الشريعة، ولا يجوز الخروج على الحاكم ما أقام الصلاة.


ليس صحيحا ما يقال عن وصولى إلى الإمارة بالديمقراطية ثم الانقلاب عليها، وأتحدى من يأتى بكلمة واحدة صرحت بها عن تأييدى للديمقراطية هذه فى زمن الجاهلية. لقد اختارنى الشعب المسلم بإرادته، وبايعنى على تنفيذ برنامجى الذى ينحصر فى تطبيق الشريعة، وقد فعلت. أين الانقلاب الذى يزعمون؟ وما معنى أن أعود إلى المسلمين كل عدة سنوات ليجددوا البيعة؟ مجلس شورى العلماء ينوب عنهم، فهم أهل الحل والعقد، ويعلم الله أننى قد اخترت أعضاءه بعناية وتدقيق وحكمة0 الانتخابات كما قلت لك بدعة ومضيعة للوقت والمال والجهد، وزراعة لبذور الفرقة والعصبية. أحسم لك القضية بشكل واضح يغلق باب الجدل والسفسطة: هل يشكو الشعب أو يتذمر؟ إنه راض سعيد موفور الكرامة، ويتحمل بعض المشاكل الاقتصادية البسيطة فى جلد وصبر، مؤمنا أنها ضريبة العزة وثمن التآمر الذى يتحالف فيه أعداؤنا من مختلف الملل والنحل. سر فى الشارع واستوقف من شئت سيقول لك إنه سعيد وينام قرير العين.


يفترون علينا بالباطل ويقولون أننا لا نسمح بزيارة وفود المنظمات الإفرنجية المشبوهة، لتسأل الناس عن أحوالهم وتطمئن على تمتعهم بما يسمونه حقوق الإنسان. هذا غريب والله، كيف نسمح للغزاة فى أشباه الرجال والنساء المتبرجات بالتجول فى شوارعنا ودخول بيوتنا؟ ماذا لو فتك بهم المؤمنون وأشبعوهم ضربا وتأديبا؟ سيقولون عندئذ إن الأمان ضائع والأمن غير موجود. القول الفصل إذن يتمثل فى وجود حقيقة لا ينبغى أن تغيب عن الكيس الفطن: إنهم يحقدون علينا، ويريدون حرمان شعبنا المسلم من الحياة الهانئة الرغيدة التى يتمتع بها قاتلهم الله.. ألا ساء ما يفعلون.


اختيار أحد أبنائى لولاية العهد لا يتعارض مع أحكام الشريعة وقواعد الحكم الرشيد، وعلى الجهلاء الأدعياء الذين يرددون ذلك الاتهام المضحك أن يعودوا إلى التاريخ، ثم يبحثون بعدها عن مرآة لتطالعهم حمرة الخجل. المسألة كلها تمت فى إطار شرعى منضبط ووفقا لما يسميه الليبراليون والعلمانيون والملاحدة ودعاة الشذوذ والإباحية بمبادئ الشفافية. مائة من أعضاء مجلس شورى العلماء، وقد اخترتهم كما قلت بما يرضى الله ورسوله، كتبوا مذكرة شجاعة تقدموا بها إلى فضيلة الشيخ رئيس المجلس، وحملها بدوره إلىَّ، تقبلتها بتسامح ورحابة صدر، وقالوا فيها إنهم يتمتعون بالعدالة فى ظل حكمى، ويسعدون بكل معانى الكرامة والعزة، لكنهم يرفضون التواكل ويدعوننى إلى التوكل على الله لاختيار ولى العهد، ولم يقيدونى فى الاختيار، مؤملين على حسن تقديرى كما هو العهد بى دائما.


أنفقت والله ليلة كاملة بلا نوم. صليت وابتهلت ودعوت ووفقنى الله فتغلبت على ضعفى البشرى وعواطفى الأبوية.. نحيت أكبر أبنائى جانبا، فهو مشغول لتجارته وشركاته، واخترت الابن الثانى لأنه الأعظم كفاءة والأغزر علما والأشبه بى شكلا ومضمونا.. تعرف أن أبنائى قد تجاوزوا الأربعين عددا، بارك الله فيهم، ولو كان الأمر شخصيا كما يتردد فى الدعاية المغرضة، لاخترت الولد الكبير، لكننى لم أفعل، وآثرت الانحياز إلى مصلحة الرعية ومستقبل الإمارة، بعد أن توصلت إلى القرار الصائب إن شاء الله، عرضت الأمر على مجلس شورى العلماء، وكانت الموافقة بالإجماع، وبايعوه.. السفهاء فى الغرب الكافر وأمريكا المنحلة، لعنهم الله، يتحدثون عما يسمونه بالتوريث، وهى كلمة بذيئة مستهجنة سيئة السمعة، تقترن برأس الكفر مبارك. هل يعى هؤلاء ما يقولون؟ أى توريث والأمر متروك للعلماء، فهم الذين وافقوا على اختيار ومبايعة من رأيت أنه الأصلح والأكفأ. مفهوم التوريث المكروه المرذول أن تفرض على الشعب المسلم حاكماً بلا كفاءة أو علم، فهل هذا هو ما حدث فى إمارتنا التى تلتزم بشرع الله ولا تحيد عنه؟ هل كان سيدنا معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنهما من دعاة التوريث عندما أخذ البيعة لسيدنا يزيد رضى الله عنه. مشكلة هؤلاء الأعاجم الملاعين أنهم لا يقرأون كتابا محترما فى التاريخ الإسلامى، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا يأبى عليهم الكفر إلا أن يتغابوا.


لا أريد أن أقول ما يبدو من ظاهره أنه نوع من المديح فى شخصى، فأنا رجل متواضع زاهد يعيش مثل عوام المسلمين فى إمارته، لكننى مضطر للبوح بما ينبغى كتمانه. هل يعرف السفهاء الذين يتقولون بالباطل أن اختيارى النزيه العادل لولى العهد قد تسبب فى مشكلة عائلية؟ غضبت أم العيال من تجاوز الولد الكبير، وغضب الولد نفسه وإن لم يصرح لكننى قرأت وجهه وقلبه زوجتى الأولى لها مكانة خاصة، ومع كثرة زيجاتى فإنها الأقرب إلى قلبى، تصديت لها بكل حزم، وصرخت فى وجهها: هل تريدين منى أن أخالف ضميرى وأخون الأمانة؟ كلاهما ابن لك ولى، ولن أنحاز للكبير على حساب رعيتى، هذا والله لن يكون.


الحقد يملأ قلوب الأعداء فيحولون المكرمة إلى نقيصة وموضع للنقد والطعن، والغريب يا أخى الكريم أنهم ينسون ويتناسون توريث بوش الأب لبوش الابن فى الولايات الكافرة المتحدة. لم نسمع لدعاة العلمانيين هناك صوتا أيامها، ولم يعترض الحزب الليبرالى الأمريكى. حلال عليهم حرام علينا؟ هذا غير مقبول، ولا أملك ما أعلق به على أكاذيبهم إلا أن أقول: حسبى الله ونعم الوكيل تعالوا وانظروا كيف احتفى الشعب المسلم بولى العهد، وكيف أقبل على مبايعته والتهليل لاختياره، وكيف كان التسابق فى إطلاق اسمه على الشوارع والجسور والمدارس والمستشفيات. يقينى الراسخ أنهم لن يأتوا، لكننى أريد أن أبرهن لك على مدى الحقد الذى يعمى أبصارهم وبصائرهم.


يضحكنى ما يقولونه عن حرية الرأى والعقيدة، والإبداع، وما يشبه ذلك من هراء. الحرية المنضبطة فى حدود الشريعة مكفولة بلا قيود، وأنا شخصيا، أعوذ بالله من كلمة أنا، أربأ بنفسى عن التدخل للحيلولة دون نشر وإذاعة ما لا يروقنى أو يسبب لى إحراجا عشر سنوات كاملة لم أستغل مكانتى كأمير للمؤمنين فى منع الكثير مما كتب عنى. أنت تعرف طبعا، مثل الملايين فى الرعايا المخلصين، أننى لا أستريح للمبالغة فى مدحى والإشادة بى والثناء علىّ بما أنا أهله، لقد قرأت مئات المقالات فى جريدة «حماة الشريعة» باركها الله، تقول عنى ما يخجل تواضعى، ولم أفكر يوما فى الاتصال بفضيلة الشيخ رئيس التحرير ليمنع نشر هذه المقالات. لماذا؟ لأننى أقول لنفسى كيف أتدخل فى آراء العلماء الأفاضل الذين يحمدون الله على نعمة وجودى بينهم أؤثر الصمت حتى لا أقيد حريتهم، وأدعو الله بعد قراءة مقالاتهم السديدة أن يوفقنى لتحقيق المزيد من الإنجازات، ويوفقهم لكتابة المزيد والمزيد من المقالات هل تعرف حاكما علمانيا واحدا يقوم بمثل هذا السلوك المثالى النبيل؟ دلنى عليه إن كنت تعرف.


الحرية يا أخى الكريم ليست فوضى، والتطاول على ولى الأمر يهز الاستقرار ويصنع القلاقل ويعرقل مسيرة البناء. أتابع ما يقولونه من افتراءات عن الرأى الواحد والحزب الواحد والصحفية الواحدة فى إمارتنا الفتية، ويثرثرون كثيرا عن حرية الصحافة والإعلام ومنظمات المجتمع المدنى وجمعيات حقوق الإنسان، يريدون أن نسمح بصدور صحف ومجلات تنشر صورا للنساء السافرات العاريات، وأخبار النميمة والتشنيع على كبار الشيوخ الذين يفنون أعمارهم فى خدمة الإمارة والأمير؟ هذا والله لن يكون. يريدون قنوات فضائية منفلتة كالتى كانت قائمة فى العهد الجاهلى البائد، تبث الأفلام الخليعة والأغانى الفاجرة، وتدعو إلى بدعة العصيان المدنى واحتلال الميادين والإخلال بالأمن والإساءة إلى المقدسات والرموز؟ هذا والله لن يكون. يتباكون على ما يسمونه بالقيود المفروضة على إسفاف الإبداع والثقافة المصرية الخبيثة، فكيف أسمح بنشر روايات شيطانية تثير الغرائز وتفجر الشهوات وتجعل من البغايا والعاهرات قديسات؟ هذا والله لن يكون. ما الذى يخسره الشعب المسلم إذا محا خلفه العلمانيون من أباطيل؟ هل يفتقد رعاياى الطيبون كتبا خليعة توصف عند التحالف الصليبى الصيهونى بأنها من الأدب الرفيع الخالد، مثل «أولاد حارتنا» و«بيت من لحم» و«الحب فى المنفى» حيث الدعوة السافرة إلى الإلحاد والإباحية الجنسية والتشكيك فى العقائد والسخرية من ثوابت الأمة؟ كلا يا أخى لا أستطيع أن ألقى الله حاملا فى عنقى كل هذه الذنوب والآثام. حرية الإبداع عندهم تعنى إفساد الشعب المسلم باللهو الفاجر الذى تقدمه شرائط سينمائية سفيهة، مثل «أنا حرة» «وثرثرة فوق النيل» وأريد حلا» و«المذنبون» و«زوجتى والكلب» و«المصير» و«سهر الليالى» و«هى فوضى» نساء عاريات بلا حياء، ونكات بذيئة سمجة تطعن فى صحيح الدين. عن أى فن يتحدثون ويجيشون الجيوش دفاعا عنه؟ هل يقصدون دعوة العجوز الهالكة، التى يسمونها كوكب الشرق، إلى السكر وملء الكئوس، أم يعنون الزنديق الأكبر الذى يقول فى إحدى أغانيه - لعنه الله - إن الدنيا سيجارة وكأس، ويختتم حياته الماجنة بالتساؤل الملحد: جايين الدنيا ما نعرف ليه؟ ربما يدافعون عن حرية الغراب الأسمر الذى يجاهر بسب القدر ويقول أنه أحمق الخطى؟ يا لهول ما اقترفه من يسمونهم بالفنانين. كل هذه الموبقات شاهدتها وسمعت عنها وقرأتها فى صدر شبابى، وكنت أدعوا أن يمتد بى العمر حتى أرى زوالها، فكيف يتوهمون أن أجعل من زنادقة فاسقين مثل نجيب محفوظ ويوسف شاهين معلمين للأمة وقادة للرأى فيها؟.


إنهم يتباكون على بضعة آلاف طبقت عليهم حدود الله، ولا غرابة فى ذلك أليس أنهم يجهلون قوله سبحانه وتعالى: «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض» صدق الله العظيم. كان لابد من ضربة رادعة لإعلاء راية الحق، وهم يبالغون فى الأعداد التى دفعت ثمن فجورها وعصيانها وفسادها فى الأرض، قرأت تقريرا أمريكيا صهيونياً يتحدث عن مئات الآلاف من الهالكين وملايين من المهاجرين والمنفيين. كذب صريح، ورغبة فى التشهير والتشويه. يتحدث التقرير المشبوه عن نصف مليون معتقل، ومئات من الأجهزة الأمنية التى يشبهونها بالجستابو والسافاك. كل هذه الأقاويل المرسلة دعايات مضللة وترهات لا أستطيع أن أهبط إلى مستوى الرد عليها ما يحدث فى إمارتنا الإسلامية شأن داخلى لا يحق لأحد أن يتدخل فيه، ونصيحتى لهم، قبل التباكى على حقوق الإنسان فى إمارتنا، أن يقدموا لنا تقارير أمنية عن أعداد مرضى الإيدز فى بلدانهم المنحلة، وعن أعداد الضحايا من مدمنى الخمر والمخدرات، فضلا عن المبتلين بالشذوذ الجنسى من الرجال والنساء على حد سواء.


إمارتنا الإسلامية نموذج يحتذى فى العدالة ومحاربة الفساد، لكنهم يستعينون بالخيال المريض لصياغة حكايات وقصص وهمية ملفقة، لا هدف من ورائها إلا تشويه التجربة الرائدة والتشنيع عليها مجتمعنا، بفضل الله، يخلو من كل الآفات اللعينة التى تكتوى البلدان العلمانية بنيرانها، فلا سرقة أو اختلاس، ولا دعارة أو شذوذ، ولا مخدرات أو خمر، ولا ربا أو ميسر، ولا مشاحنات بين العمال وأصحاب العمل، أو بين الفلاحين وملاك الأراضى.


يقولون إن أولادى وأقاربى يحتلون المراكز القيادية المؤثرة فى الإمارة، وكأننى لابد أن أعاقبهم لأنهم أولادى وأقاربى. ثلاثة من أبنائى ولاة للأقاليم، ولا صلة قرابة أو نسب أو مصاهرة تجمعنى بالوالى الرابع، فأين هى المحاباة؟ أقاربى الذين يتولون المناصب القيادية فى عموم الولاية لا يتجاوزون الخمسين، والمعيار فى اختيارهم هو الالتزام الدينى والكفاءة والإخلاص، ولا توجد شكوى واحدة ضد أى منهم، فأين هى المحسوبية؟ لو أننى منعتهم من العمل العام وأقاموا معى فى قصر الإمارة لقالوا إننى أنفق عليهم من أموال المسلمين ولو شغلوا مناصب متواضعة لا تليق بمواهبهم سيقولون إننى أظلمهم حتى أشتهر بالعدل. ألاعيب العلمانيين فى بلدان الكفر لا تنتهى، ولن يعدم الأعداء حجة للإساءة والتشهير. حسبى الله ونعم الوكيل.


الشعب المسلم يعرف مصلحته، ويميز بين الحق والباطل، والفساد الذى ينسبه الأعداء إلى بعض المقربين منى لا ينهض عليه دليل. أكبر أبنائى مهندس وصاحب شركة مقاولات، يشاركه فى ملكيتها أخى وزوج أختى، فما الفساد فى العمل الشريف المشروع؟ ما الغريب المستهجن فى تعامل الشركة مع مؤسسات الإمارة وقيامها بعبء بناء المساكن والمدارس والمستشفيات والسجون والجسور. إنهم يخضعون لما يسرى على الجميع من قواعد، ولا يستطيع عاقل رشيد إدانتهم لأنهم بارعون فى عملهم، يقتنصون الأغلب الأعم من المناقصات.


لا أنكر أن فضيلة الشيخ وزير الداخلية من أقاربى، وهذه ليست تهمة، فقد استطاع فى عشر سنوات أن يحقق الأمن والأمان، ويجتث الفاسدين والزنادقة، ويطارد مثيرى الفتن والقلاقل له صلاحيات كاملة وكفاءته مضرب المثل، لكن التقارير الإفرنجية تنسب إليه التفنن فى أساليب التعذيب، ولا دليل عندهم إلا ما يقولون إنها شهادات لبعض الهاربين من المعتقلات. هل يعقل هذا؟ لم نسجل حالة هروب واحدة، والذين أفرج عنهم بعد ثبوت البراءة أو إعلان التوبة، وأعدادهم بالمئات، كتبوا بكامل حريتهم أنهم لاقوا معاملة حسنة، بل إن بعضهم كان يرفض الخروج من محبسه، لأنه يتمتع فيه بمزايا وعطايا لن يجدها فى بيته.


ما يقال عن حياة البذخ التى أعيشها مجرد تشهير مفضوح يكشف عن إفلاسهم، فأنا بحمد الله احتذى الصالحين فى التقشف والبساطة، أنت ضيفى الآن، وتجلس فى غرفة مكتبى، بالله عليك، هل تجد شيئا من الترف؟ القصر الذى أعيش فيه موروث من العهد الجاهلى، ولم أضف إليه شيئا ذا بال. الذين شغلوه قبلى، من الملوك والرؤساء العلمانيين المستغربين، كانوا أرباب عائلات قليلة العدد، ولا يتجاوز عدد أبناء الواحد منهم أربعة أو خمسة، لكننى حريص على الزواج من أربع، والإجماع كامل بين العلماء على تحريم ما يسمى بتحديد النسل. عندى وفرة من الأبناء باركهم الله، ولهذا السبب وحده أضفت إلى القصر تعديلات بسيطة حتى يتسع لزوجاتى وأبنائى.


مرتبى يحقق لى الستر، والكفن ليس له جيوب طعامى لا يختلف عن أفقر أبناء الشعب المسلم، ولقد حان وقت العشاء، دعنا نتناول لقيمات نقيم بها أودنا، ثم نواصل الحوار.


أدركت وأنا أتناول طعام العشاء أننى أفقر من أفقر أبناء الشعب المسلم. لم أكن أعرف من قبل أن فقراء الإمارة يتناولون طعاما كهذا. كانت المائدة حافلة بأصناف شتى من المأكولات الشهية طيبة المذاق، التى لا أعرف لبعضها اسما، لكننى ركزت على التهام ما أفتقده منذ عشر سنوات: اللحوم والدجاج والأرانب والحمام. كنت مولعا بالحمام فى زمن الجاهلية، وأفضى الارتفاع الفلكى فى سعره إلى القطيعة.


ثمن الزوج الواحد يعادل إيرادى الشهرى، فلا سبيل إليه.


جديد هو الشعور بالشبع حتى التخمة، والتكييف القوى يزيد من الرغبة فى النوم، لكن تأمل أمير المؤمنين وهو يأكل مشهد مثير جدير بالمتابعة. أسلوبه يكشف عن براعة فى التذوق، وقدرة على الانتقال المنظم المحسوب من صنف إلى صنف. عند الوصول إلى قرب محطة الشبع، رفع الأمير دورقا ضخما مملوءا بسائل أصفر اللون، لعله عصير المانجو، فلم يهبط من شفتيه إلا خاليا.


على الرغم من جوعى المزمن فقد امتلأت واكتفيت، وعندما جاءت أطباق الفاكهة ندمت لأننى لم أحسب لها حسابا، ولم أترك فى المعدة فراغا.


الموز يغرينى، فهو فاكهتى المفضلة فى زمن الجاهلية، وقد نسيت مذاقه بعد أن ارتفع سعر الكيلو منه إلى مائتى جنيه، وفسر خطيب الجمعة ندرة وغلاء فاكهتى الأثيرة بأنها ترف يمكن الاستغناء عنه، بعدها قنعنا - نحن عامة الشعب - بالبرتقال الذابل الذى لا مذاق له، وبالبلح الذى تعجز الأسنان الضعيفة عن مضغه.


تجشأ أمير المؤمنين حامدا الله على نعمائه، وتفضل فابتسم متسائلا فى دعابة رصينة مشروعة:

- شهيتك ليست على ما يرام أيها العجوز.

يكبرنى الأمير بخمسة أعوام، لكنه يبدو شابا لم يصل إلى الأربعين بعد. قلت لنفسى، وأنا أسير خلفه إلى صالون ذى مقاعد وثيرة، اقترح أن نستكمل فيه الحوار: من كان طعامه هكذا كل يوم، فهيهات هيهات أن تدركه الشيخوخة.

الاقتصاد فى جوهره بركة، وإياك أن تصدق ما يقوله من يدعون أنهم علماء اقتصاديون متخصصون. استقبلت عددا منهم فى الأيام الأولى لولايتى، وصدعوا رأسى بالبيانات والإحصائيات والرسوم البيانية والدوال والمصطلحات المعقدة. كان الحوار معهم يمتد ساعات متصلة، ولا أعرف الإجابة عن السؤال الذى طرحته: كيف نواجه المشكلة الاقتصادية المستعصية؟! تجربتى السلبية معهم استمرت لأسابيع، وأصابتنى بالإحباط واليأس من علمهم المزعوم. تخيل أن وقحا منهم تجرأ وسألنى: أين برنامجك الاقتصادى الذى قلت أثناء الحملة الانتخابية أنه فى درج مكتبك، وسيحل مشاكل مصر فى مائة يوم؟! الوغد! دكتور فاسق، نال شهادة من جامعة أمريكية مشبوهة، ويتصور بعد احتكاكه بالأمريكيين الكفار عديمى الحياء أنه يستطيع وضع ساق فوق ساق فى حضرتى، ويطرح أسئلة سخيفة كأنه يمتحننى، أدعو الله أن يرحمه ويتجاوز عن سيئاته.

كانت الأزمة الاقتصادية معقدة وصعبة، وقد استشرت المقربين من أهل الرأى السديد فاقترحوا أن أؤجل العلاج حتى يتحقق الاستقرار ويستتب الأمن، وهذا ما فعلت. عدت إلى الاستئناس بعلمهم بعد القضاء على الفتن والاضطرابات، وعقدنا اجتماعات مطولة خالصة النية، وتوصلنا إلى خطة عظيمة تتمثل فى ثلاثة محاور:

أولا: لابد من الضرب بقوة وحزم على التنظيمات والنقابات العمالية التى تهدد وحدة الأمة، وتضم وفرة من المشبوهين الشيوعيين والناصريين.

المحنة التى كنا نعانيها آنذاك لا تحتمل المزايدات والشعارات، ولا متسع فيها للكلام المستورد عن الطبقات والصراعات. الأغلبية العظمى من العمال المسلمين الشرفاء الملتزمين تقبلوا توجهنا الرشيد وأعانونا عليه، أما الأقلية الضالة المأجورة التى أبت واستكبرت وعاندت، فقد نالها ما تستحق من الردع والتأديب.

ثانيا: الاتفاق على أن ما أفسده العلمانيون فى أكثر من مائتى عام، بدءا من العلمانى الخبيث محمد على إلى رأس الكفر مبارك، لا يمكن إصلاحه فى عام أو عامين. وبعد بحوث متأنية مستفيضة رصينة، استقر الرأى على أن الإصلاح الذى يشعر الناس بثماره كاملة، يحتاج إلى ثلاثين عاما على الأقل، وهى فترة قابلة للزيادة.

ثالثا: الازدهار الاقتصادى المنشود، فى إمارتنا الإسلامية الوليدة، لن يتحقق فى ظل بقايا الفساد العلمانى الليبرالى الشيوعى الذى سيطر عقودا متصلة، والمهمة العاجلة ليست فى البناء من غير أساس، بل هى فى التأسيس المتين الذى يحتمل البناء، وعلى الشعب المسلم أن يصبر ويحتمل حتى يأتى الفرج إن شاء الله.

فى السنوات العشر الماضية، ولا ريب أنك شاهد على ذلك، وفقنا الله إلى الإحاطة بجوهر المشكلة الاقتصادية، واقتربنا كثيرا من التحديد الواضح للبدائل التى تقودنا إلى الحياة الكريمة. لن يستغرق الأمر أكثر من عشرين سنة أخرى، أو أكثر قليلا، حتى يشعر كل مسلم فى إمارتنا بأنه يستمتع بطيبات الحياة، وكل ما نطلبه هو القليل من الصبر.

إلى اللقاء فى الحلقة القادمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.