بادر مصريون مقيمون في الخارج بطرح مبادرات وحلول لإنقاذ الاقتصاد المصري في ظل تهديد الولاياتالمتحدة بقطع المعونات المخصصة لمصر، وناقشت 'الأسبوع' مع عدد من أفراد الجاليات المصرية في ألمانيا وأمريكا والإمارات.. سألناهم عن نظرتهم للمعونة الأمريكية وعن مقترحاتهم للنهوض بالاقتصاد المصري.. فتحوا لنا قلوبهم، ونقلوا أمنياتهم وما يرونه من أفكار. المفكر والكاتب الصحفي محمد عبد الحكم دياب 'أحد الرواد الذين عادوا من المنفي مع بزوغ شمس الثورة' يري أننا يمكننا بسهولة الاستغناء عن المعونة الأمريكية والبدء فورًا في التنمية الحقيقية وليس الاستثمار فقط مؤكدًا أن التنمية هي الحل المطلوب في المرحلة الحالية أنها توظف كل موارد الدولة بشكل صحيح وإذا حدث ذلك ستكون مصر هي الدولة التي تقدم المعونة لغيرها من الدول وليس العكس، وهو أمر ليس غريبا 'بحسب دياب' حيث كنا في عهد سابق نعطي معونات لدول أخري في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا عن طريق الموارد التي تتوافر لدينا والتي تم إهدارها في العهد البائد. دياب يري ضرورة الاهتمام في المرحلة المقبلة بقضية التنمية الشاملة في إطارها الاقتصادي والثقافي والتعليمي وان تكون لدينا مشروعات محددة بمدد زمنية، وان تتدخل الدولة في قضية التنمية حتي نضمن التنفيذ. هالة حسين 'مسئول إعلامي بشركه سويسرية، تقيم في فانكوفر بكندا' تري ان الأفضل هو التخلي عن المعونة الأمريكية لأنها تفرض علينا تبعية لأمريكا في التقنية العسكرية لمعداتنا. وتؤكد ان الجزء المالي من المعونة يمكن تعويضه من خلال استثمارات الجيش المدنية المتعددة التي يمكن إشراك المدنيين فيها عمالاً وموظفين كلما أمكن للمساهمة في حل أزمة البطالة التي اشتدت في العام الأخير. وبشكل عام فالبدائل كثيرة، وأغلب المصريين بداية من ذوي القدرات المادية المتواضعة في غاية الحماس للمشاركة فيها بشرط ان يقوم علي إدارة هذه المشروعات أشخاص لهم مصداقية لدي الشعب المصري أو في الجمعيات الأهلية الصغيرة التي تساعد المشروعات الصغيرة والصغيرة جدًا ويتمتع القائمون عليها بالثقة حتي يقبل الناس علي المساهمة فيها. وتطرح هالة مثالاً بما يحدث في كندا 'حيث تعيش' فعندما يريد شخص إقامة مشروعه الخاص يمكنه التوجه لإحدي المؤسسات غير الربحية المتخصصة في هذا المجال والمنتشرة بكل مكان فتدرس معه المشرع وتوفر له مستشارًا يظل معه حتي يتم تأسيس المشروع و يوفر له برنامجًا تدريبيًا في مبادئ الاقتصاد بدون تكلفة بل تتحمله الدولة. وتشير مروة صبري 'صحفية مقيمة بالولاياتالمتحدةالأمريكية' إلي أن الاستغناء عن المعونة الأمريكية لن يضر مصر بقدر ما يضر الولاياتالمتحدة. وتضيف: المعونة تمكن أمريكا من فرض نفوذها وإملاء شروطها. كما أن هذه المعونة أحد بنود اتفاقية السلام التي تحرص الولاياتالمتحدة أشد الحرص علي استمرارها حفاظًا علي مصالح حليفتها المعروفة ب'إسرائيل'. وتؤكد مروة أن المشكلة ليست في صعوبة الاستغناء عن المعونة الأمريكية ولا في قلة الأفكار البديلة لكن في التخبط والتشرذم والتخوين. وأن الشعب المصري في حاجة إلي التوحد وتفعيل دولة القانون والالتفاف حول القضايا المشتركة بدلاً من إهدار الطاقات في القضايا الفرعية الخلافية. وتقول إنجي سلامة 'مقيمة في ألمانيا' إنها من مؤيدي الاستغناء عن تلك المعونة الأمريكية المشروطة خصوصًا أن هناك بدائل دولية أخري أمامنا أهمها ان مصر عليها ان تتقدم بطلب رسمي لاسترداد أموال النظام السابق التي تقدر بالمليارات وان يتم التوقف عن إهدار المال العام المتعمد.أما والشيء الآخر الذي تطرحه إنجي فهو التوحد علي هدف و علي مشروع قومي عام مثل دعم 'الخزانة المصرية' علي ان يوضع هذا المال المخصص لدعم الخزانة المصرية في صندوق تشرف عليه لجنة من مجلس الشعب.. مروة البديوي 'مقيمة بالسعودية' تؤكد ضرورة الاستغناء عن كل أشكال المعونات وأن تكون لدينا استقلالية في اتخاذ القرارات والبدائل التي تتطلب وجود ضمير جمعي يعمل لصالح الوطن والتعامل مع الموارد المتاحة بشكل احترافي وتري أن ثروات مصر تغنينا عن أي معونة. ثروات مصر أغني أشرف نسيم.. مسئول إعلامي بإحدي الشركات بدولة الإمارات العربية المتحدة يري ان الاستغناء عن المعونة الأمريكية غير مؤثر ماديًا، فميزانية مصر وديونها وثرواتها المنهوبة والكامنة أكبر بكثير جدًا من مبلغ المعونة. ويري اننا نحتاج الآن للخروج سياسيًا وعسكريًا من تبعية أمريكا وليس الاستغناء عن المعونة الأمريكية، وهو ما يستلزم اقتصادًا وطنًيا قويًا وقد يستغرق هذا علي الأقل 10 سنوات من العمل الجاد في بيئة ديمقراطية تحت قيادة وطنية محترمة. أما أحمد المنشاوي 'صاحب شركة للدعاية بألمانيا' فيري ان المعونة بعيدة كل البعد عن الاقتصاد المصري وما تريدونه من بدائل هي في واقع الأمر حلول واجبة من إعادة هيكلة قطاعات الاقتصاد المصري ودفع القطاعات الإنتاجية التي اندثرت علي حساب ارتفاع قطاع الخدمات في العشر سنوات الأخيرة مع ضرورة الاعتناء بمثلث الصحة والتعليم والزراعة وضرورة إشراك المصريين في الخارج في هذه المشروعات والتعامل معها بمنطق الهدف الوطني. وقد سبقت مبادرة المصريين بالخارج للنهوض بالاقتصاد المصري الدعوة للاستغناء عن المعونة الأمريكية بشهور وبدأت عقب الثورة بخطوات جدية ومشاعر صادقة من بعض المصريين العاملين بالخارج الذين يصل عددهم إلي 10 ملايين مغترب و تتجاوز تحويلاتهم النقدية ال12 مليار دولار سنويا. فبعد نجاح الثورة نظموا حملات ومبادرات ومازالت لهم أراء وأفكار لدعم الاقتصاد المصري تنتظر التنفيذ وجاءت أفكارهم ممثلة في 'اتحاد المصريين المغتربين 'EEU'. وهي فكرة راودت ستة من شباب مصر المغترب تتلخص في 'تحويل وضخ أموال المصريين العاملين في الخارج للبنوك المصرية علي سبيل الادخار أو الإيداع وليس التبرع' وكانت تلك هي الطريقة المثلي التي توصل إليها أعضاء الاتحاد لدعم اقتصاد بلدهم، وهي الفكرة التي لم يطرحها أعضاء الاتحاد بشكل عشوائي، وإنما وضعوا لها جدولاً اقتصاديا، تحت شعار 't 6 t'، يهدف إلي ضخ 6 ملايين جنيه مصري في البنوك المصرية في أول ستة أشهر للحملة، واقترحوا أن يفتح ألف مغترب مصري في المرحلة الأولي للحملة حسابًا في أحد البنوك المصرية بالدولة التي يقيمون فيها، وأن يضع كل مغترب ألف جنيه لمدة 6 أشهر متواصلة في حسابه، ليكون لدينا في الحصيلة النهائية 6 ملايين جنيه، خلال ستة أشهر فقط، وإذا زاد عدد المغتربين الذين سيطبقون الفكرة بالطريقة نفسها إلي 10 آلاف مغترب، فهذا يعني ضخنا 60 مليون جنيه في بنوك مصر، حتي نصل إلي مليار جنيه وأكثر. أحد المساهمين في الحملة، أكد أن الهدف المعنوي للحملة يتفوق علي المادي فقد حققت هدفاً سامياً و هو تجميع المغتربين المصريين علي هدف قومي واحد سهل التطبيق، ويحقق لهم الشعور المسيطر عليهم دائماً، بالرغبة في العيش مسخرين لخدمة وطنهم، فالمغتربون لن يقفوا متفرجين علي انهيار الاقتصاد المصري الذي يحتاج مليارات لدعمه في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها، بل اجتمع بعضهم مع رئيس الهيئة العامة للاستثمار للعمل علي إصدار نوعين من الأوراق المالية بالدولار لفتح باب مساعدة المصريين بالخارج للدولة عن طريق الودائع الادخارية بالدولار لسد عجز الموازنة و الدين الداخلي خاصة أن مصر تمر بمرحلة صعبة وشديدة الخطورة من حيث التضخم وارتفاع الدين الداخلي و نتيجة لذلك تضطر الحكومة لطبع أوراق نقدية بدون إنتاج.. مما يؤثر بالسلب علي أسعار المواد الاستهلاكية و ندخل في دوامة المطالبات الفئوية وبالتالي يثور الشعب مرة أخري علي الحكومة لعجزها عن التحكم في أسعار المواد الاستهلاكية أو تضطر الحكومة للاقتراض مرة أخري من البنوك الدولية وندخل في دوامة الاستدانة واستعطاف الدول دون جدوي، ثم الصكوك التنموية بالدولار للمساهمة في تنمية مشاريع قومية حيث سيتم تخصيص صكوك التنمية علي مشروعات محددة ويتم الإعلان شهريًا بكل شفافية عن مدي تقدم هذه المشروعات حتي يكون المصريون بالخارج علي دراية بما يقومون به من أعمال وطنية و نبدأ البناء و التنمية.. وقد طلب المسئولون بالحملة من الدولة تقديم الضمانات التي سيقوم بموجبها المصريون بالخارج بدفع المبالغ المودعة بأمان وأهمها تشريع خاص بها حتي لا نفقد ثقة المصريين بالدولة. وتابع أصحاب الاقتراح تنفيذ فكرتهم بشكل عملي حيث جاء وفد تابع لاتحادات المصريين العاملين بالخارج في دول عربية وأجنبية في شهر يناير 2012 وطلب مقابلة الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء لكي يسهم المصريون في الخارج في عملية دعم وتنمية الاقتصاد المصري باعتبار ذلك رد فعل لما أعلنه رئيس الوزراء من أن الأشقاء العرب في الخليج أداروا ظهورهم لمساعدة مصر اقتصاديا، بالإضافة إلي الاتجاهات السلبية حيال ما طلبته مصر قرضًا من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في هذه الفترة.. وقد طلب رئيس وفد المصريين بالخارج 'أحمد العطار' إصدار مذكرة من مجلس الوزراء والمجلس العسكري أو البرلمان القادم تلزم الحكومات المتعاقبة بعدم المساس بما يتم الاتفاق عليه والإعلان الرسمي عن هذه المذكرة في الجرائد العامة" هذا بالإضافة إلي أنه تم الاتفاق فيما بين رئيس الوفد ورئيس الوزراء وبعض الوزراء علي إصدار سندات حكومية دولارية يقوم بشرائها العاملون بالخارج ويتم تحديد موعد إصدارها وقيمتها وأوجه استثمار حصيلة السندات والخطة الإعلامية ليعلن البنك المركزي المصري رسميا أنه اتفق مع البنك الأهلي المصري علي طرح صكوك إسلامية بقيمة ملياري دولار علي أن تتبني بيعها فروع البنك الأهلي في دول الخليج للمصريين العاملين هناك. وبحسب وزير المالية ممتاز السعيد فإن مصر ستطرح علي المصريين في الخارج خلال أسبوع أو اثنين شهادات إيداع لأجل قدره ثلاث أو خمس سنوات بقيمة ملياري دولار مشيرًا إلي أن شهادات الإيداع ستكون بفائدة 'لا تتجاوز أربعة بالمائة'. أفكار مطلوبة الأفكار جيدة ومطلوبة كما يقول الدكتور محمد رضا شتا رئيس جمعية الصداقة المصرية الألمانية والذي يري أن القطاع الخاص والصناعات الصغيرة والمتوسطة يمكنها أن تكون المشروع التنموي الحقيقي الذي ينهض بمصر خلال الفترة المقبلة، ويلفت النظر إلي ضرورة الاهتمام بالفلاح المصري وتطوير العمل لزيادة الإنتاج والاهتمام بالتعليم الفني الذي لم يكن في الفترة السابقة سوي مجرد شعارات للاستهلاك الإعلامي. ويضرب الدكتور رضا مثالا بألمانيا التي عاش بها ثلاثين عاما وهي دولة تهتم أولا بالزراعة ثم التعليم الفني الذي كان سببا في رفعة شأنها ويطرح رضا عدة مشروعات لابد أن نبدأ بها الآن وهي الاهتمام بقناة السويس وبورسعيد والإسماعيلية بدلا من الترويج لميناء 'جبل علي' في دبي نتحدث عن التنمية في السودان ونترك تنمية سيناء وننسي الكوبري المعلق الذي يربط سيناء بالسعودية وقد قمت أثناء عملي مستشارًا إعلاميًا في ألمانيا بإحضار عدد كبير من كبار الصحفيين الألمان لزيارة المصانع الجديدة والمدن وسيناء لنكتشف العظمة في مرور نهر النيل من أسفل القناة إلي سيناء وكنا ننتظر التنمية لكنها لم تحدث وتعثر المشروع ولم تتم تنمية سيناء التي هي حائط الصد الرئيس ضد العد الصهيوني. هناك أيضا مشروعات تحلية مياه البحر وتوفير الطاقة من الشمس والتي بدأت بالفعل لكنها توقفت.. إذن فالمشروعات التنموية هي التحدي الحقيقي الذي يتطلب تغيير النظام الاقتصادي من نظام ريعي إلي نظام منتج وهذا هو الطريق الذي سيكسر احتكار المعونة كما يقول الناشط السياسي جورج إسحق.. فلدينا مشروعات كثيرة وعقول وطنية محترمة بالخارج تنتظر أن تبدأ التنمية الحقيقية لتشارك فيها.. وقد بدأنا الطريق بمشروع تطوير العشوائيات والذي سيتم تنفيذه في خمس مدن منها بورسعيد ويشارك فيه مصريون بالخارج يعشقون هذا الوطن ولا يطمعون في منصب سياسي او تنفيذي، بل هدفهم الوحيد هو الرقي بمصر التي أدي استسلامها للمعونة كما يقول الدكتور محمد شرف عضو حركة '9 مارس وكفاية' إلي وجود فئات من الأثرياء الذين استفادوا دون ان يفيدوا الاقتصاد المصري فالمعونة كانت دائما مشروطة بأن تكون المشتريات من أمريكا وكانت هذه الأموال محسوبة علينا، بل تم استخدام هذه المعونة لتمويل أجندة بعض أعضاء المجتمع المدني في مصر وكان النظام السابق يسمح بوجود تلك المنظمات إرضاء لأمريكا. شرف أكد أن التوافق علي مشروع قومي ليس غريبًا علي مصر التي اجتمعت أيام السلطان أحمد حسين علي مشروع الطربوش ونجحوا في إيقاف استيراده وإنتاجه محليًا.. شرف يري أننا لو قمنا بتحصيل الضرائب من المستفيدين وكبار الممولين واستفدنا من مواردنا فلن نحتاج إلي معونة تفقدنا سيادتنا وتفرض علينا التعامل مع الأجندة الأمريكية بحسب مصالحها.