طارق فهمى سيلتقى الرئيس الأمريكى ترامب ورئيس الوزراء نتنياهو خلال الساعات المقبلة فى البيت الأبيض وفقًا لدعوة من قبل الرئيس ترامب لمناقشة بعض القضايا المشتركة وملف غزة والترتيبات الأمنية وتنفيذ المرحلة التالية من الخطة الأمريكية وبعض الملفات الإقليمية الأخرى ومنها الخطر الإيرانى وفق الرؤية الإسرائيلية والأوضاع فى سوريا والحرب على الإرهاب والتنسيق المشترك. من الواضح من متابعة ما يُجرى أمريكيًا وإسرائيليًا، سيكون اللقاء توافقيًا ومهمًا بالنسبة للطرفين فى إطار العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين وحرص الإدارة الأمريكية على عدم الصدام مع الجانب الإسرائيلى ووجود مساحات للتفاهم أكثر من الخلافات أو التباينات، وهو ما يشير إلى أن اللقاء ليس لقاءً عابرًا، بل لقاء لوضع النقاط على الحروف فى بعض الملفات، وأهمها إيران بالنسبة لإسرائيل وغزة بالنسبة للولايات المتحدة، ووجود قدر كبير من التجاذبات فيما سيتم العمل به دون المساس بجوهر العلاقات الراهن والدخول فى صدامات محددة جراء تباين الرؤى خاصة مع إدراك الرئيس الأمريكى أن نتنياهو يهمه فى المقام الأول وضعه السياسى والحزبى وإشكالية العفو عنه وأنه يريد صفقة كاملة تبدأ بإيران وتمر بالإقليم وتنتهى بالحسابات الأمنية والعسكرية لإسرائيل فى غزة وما سيتم للبدء فى المرحلة التالية. إضافة لسعى الإدارة الأمريكية وترامب شخصيًا لإدارة العلاقات مع إسرائيل انطلاقًا من حسابات حذرة منضبطة، وفى إطار مقايضة كبرى تتجاوز أى خلاف وتصب فى اتجاهات محددة تتعلق بما هو قادم من تفاهمات يتم الاتفاق بشأنها خلال الفترة الراهنة، وهو ما يؤكد أن مساحات التباين ستكون بعد لقاء الجانبين فى إطارها وتصب فى اتجاهات محددة وليس عليها أى خلاف رئيسى، خاصة أن إدارة ترامب لن تتجاوب مع أى طرح إسرائيلى بشأن إيران، كما أنها تستوعب الخلافات بشأن التعامل مع النظام السورى فى ظل ما يُجرى من استمرار التوغل الإسرائيلى فى الجنوب السورى، كما أن مسألة مواجهة داعش وإشكالية الإرهاب محكومة ومنضبطة بالتنسيق الأمريكى الإسرائيلى السورى برغم ما يتم فى سوريا ويتعلق بالاتفاق الأمنى المقترح أمريكيًا بين سوريا وإسرائيل والذى لم يحسم بعد فى سياق ما يُجرى ويتعلق بالداخل الإسرائيلي، ورؤية المؤسسة العسكرية الإسرائيلية للتعامل مع النظام السورى الحالي، ومدى استمراره خلال الفترة المقبلة، خاصة أن التقييمات الإسرائيلية ترى أن النظام سيُواجه بأزمات حقيقية وهيكلية وقد لا يستمر. وستتضح نتائج الاجتماع الأمريكى الإسرائيلى نجاحًا وفشلًا انطلاقًا من قدرة الرئيس ترامب على فرض موقف الإدارة الأمريكية فى التعامل والضغط لبدء المرحلة الثانية من مفاوضات غزة والتعامل مع الإطار وليس التفاصيل، ما يعنى أن التعامل مع بعض متطلبات المرحلة الثانية سيكون مطروحًا فى ظل تباينات أمريكية إسرائيلية بشأن إشكالية نوع سلاح حماس والموقف الأمريكى المحدد تجاه هذا الأمر، إضافة إلى تشكيل القوة الدولية والتنازع بشأن عناصرها وتسليحها. إن هناك تخوفات أمريكية حقيقية من تنصل نتنياهو مما قد يتم التوافق بشأنه، خاصة أن الحكومة ماضية فى مسارها الراهن مع استمرار المواجهات، وعدم الالتزام بنص الخطة الأمريكية ما يشير إلى أن إسرائيل تعمل فى مساحات محددة من العمل العسكرى تحسبًا لفشل الخطة الأمريكية أو العمل على وضع عثرات لإنجاحها مع التحرك فى مساحات أخرى من التفاوض تحت النار وهو ما يريده نتنياهو خاصة أن مسالة العفو عنه ستحكم مسار ما سيطرح خلال الفترة المقبلة، ومدى استمراره أو لجوئه فى توقيت معين إلى التبكير بموعد الانتخابات البرلمانية ما قد يعوق مسار ما يمكن أن يتم، ويذهب إلى فرض استراتيجية القوة على الأرض بإنهاء الخط الأصفر والدخول إلى كل مساحات القطاع بل وإنهاء حكم حماس بالقوة وهو ما يطرح على لسان كبار المسئولين الإسرائيليين الذين يرون أن المواجهة الراهنة وفشل المسارات (القوة الدولية مجلس السلام) إضافة لاحتمالات الفشل فى نزع سلاح حركة حماس يدفع إسرائيل إلى هذا المسار حتى مع الافتراض بحدوث تفاهمات كبيرة محتملة فى الاجتماع الراهن. إن الإشكالية الرئيسية فى اجتماع ترامب - نتنياهو وما يتمخض عنه ليس فقط ترضية الجانب الإسرائيلى بما يطرحه نتنياهو ضمن الملفات الرئيسة فى الاجتماع ولكن فى الاتجاه إلى مساحات أخرى من الأولويات، فإيران أولوية مهمة لإسرائيل، ومن الضرورى حسمها كما أن ملف حزب الله والخطر الحوثى مازال قائمًا مع الفارق، وهو ما تدركه الإدارة الأمريكية وتتفهم ولو شكلًا ما يطرح نتنياهو، ويعمل عليه ما يؤكد أن أى تجاوب بين الطرفين سيرتبط أيضًا برؤية الإدارة الأمريكية للتعامل مع الحالة الإيرانية والتفاوض بشأن البرنامجين النووى والصاروخي، وهو ما يؤكد أن إسرائيل ستظل تراقب المشهد وتعمل على كسر المشهد الراهن بإقناع الولاياتالمتحدة بالانضمام إليها فى أى موقف تجاه إيران بما فى ذلك استخدام القوة واللجوء لعمل عسكرى لا تريده الولاياتالمتحدة. فى المجمل، فإن الإدارة الأمريكية لن تتجاوب مع كل ما طلبه نتنياهو من الإدارة الأمريكية والرئيس الأمريكى ترامب شخصيًا، لاعتبارات متعلقة بالموقف الأمريكى الساعى لترتيب الأولويات، فغزة أولوية مهمة يمكن العمل عليها، والانتقال منها إلى الحالات الأخرى سواء فى سوريا أو لبنان، وعدم التجاوب مع رغبة نتنياهو للعودة إلى القوة أو للمواجهات العسكرية لهذا التوجه، الأمر الذى يدفع بالتشكك فى المصداقية الأمريكية المباشرة بالشرق الأوسط. إن هناك تخوفات من قبل كل طرف تجاه الآخر أمريكيًا وإسرائيليًا يمكن أن يؤدى لمزيد من التجاوب فى الشكل من ملفات وليس فى الجوهر، ما قد يؤدى إلى حالة من التجاذب السياسى المستمرة مع سعى كل طرف لنقل وإيصال رسائل محددة تتعلق بالأساس بالموقف الأمريكى فى غزة وقدرة ترامب فى التعجيل بما يتم الاتفاق بشأنه وتنفيذ الاستحقاقات المقررة فى الخطة الأمريكية، خاصة أن أى خطة محكومة بتطورات وتدابير وسلوك كل طرف مع الاستمرار فى الخط الأمريكى الداعم، إضافة لجهد الوسطاء وهو ما سيحتاج إلى استراتيجية أمريكية حقيقية وليس فقط طرح مقاربات قد تكون متضاربة لا تحمل أية أولويات وتدفع للفشل، خاصة أن ما يُنفذ من سياسات يحتاج إلى إرادة سياسية واستراتيجية تضم كل الأطراف المعنية.