ردا على مقال الأمس الذي جاء بعنوان: وخدعته السنبلة الذي قص فيه علي قصة كتابه الاول المخاطرة في صفقة الحكومة وجماعات العنف ارسل اللواء عادل عزب مسئول ملف الاخوان الاسبق في الامن الوطني رسالة لعبد الرحيم علي جاء فيها: اخي وصديق الكفاح عبد الرحيم بيك اخي انت رفيق كفاحٍ حقيقي، جمعنا زمنٌ طويل من المواجهة الفكرية والبحث والكتابة، وجمعتنا قبل ذلك معرفةٌ مبكرة بطبيعة هذا الكيان الإخواني. انت واجهت بالقلم والكشف والتوثيق، وأنا كنت في قلب الملف أراه من الداخل، نختلف في زاوية النظر أحيانًا لكننا لم نختلف يومًا على الحقيقة الجوهرية: أن هذا كيان لا يُدار بالسياسة، ولا يُحتوى بالحلم، ولا يعترف إلا بنفسه. ما جرى في ينايرلم يكن خديعة لحظة فقط، بل نتيجة تجاهلٍ طويل لطبيعة تنظيم دولي مؤدلج يُجيد التغلغل وينتظر الفوضى ليعمل. والمراجعة الصادقة تظل خطوة شجاعة، لكنها تكتمل فقط حين نضع المسؤولية على الآليات لا على النوايا، وعلى الفاعل لا على الرياح اخي ماكتبته يندرج في إطار مراجعة نابعة من تجربة المواجهة بالقلم والتوثيق، وهو جهد يُحسب لك من حيث الصدق في المقاربة. غير أن هذا الطرح يعكس منهج المقارنة الضمنية بين جماعة الإخوان وتنظيمات أخرى خاضت مراجعات فكرية أو مبادرات وقف عنف، وهو منهج — رغم وجاهته الظاهرية — لا يستقيم عند تطبيقه على كيان يختلف جذريًا في طبيعته ووظيفته التاريخية.
فالإشكال مع الإخوان لم يكن يومًا في الوسائل أو في سوء التقدير السياسي، بل في طبيعة هذا الكيان ذاته، الذي لا يخضع لقوانين المراجعة التقليدية، ولا يتعامل مع الدولة باعتبارها مرجعية نهائية، بل كمرحلة مؤقتة ضمن مشروع ممتد تاريخيًا، لا يجوز الخلط بين تجربة مبادرة وقف العنف مع الجماعة الإسلامية وبين أي حديث عن مبادرات أو تسويات مع هذا الكيان الاخواني
فالجماعة الإسلامية لم تكن تيارا منفصلًا عن الإخوان كما روج لها، بل شكّلت في مراحل مبكرة أحد الأجنحة العسكرية غير المُعلنة للتنظيم الإخواني، تمامًا كما جرى لاحقًا مع حركة حماس التي أنكرت طويلًا صلتها التنظيمية بالإخوان رغم ثبوت الارتباط.
وقد لجأت جماعة الإخوان إلى سياسة تعدد المسميات لأجنحتها الخارجية والعسكرية، لتفادي إظهار نفسها كتنظيم دولي واحد، فنجدها: في تونس تحت مسمى حركة النهضة وفي لبنان الجماعة الإسلامية وفي الجزائر حركة مجتمع السلم (حمس) وفي اليمن حزب الإصلاح
وذلك في إطار استراتيجية مقصودة تهدف إلى تفتيت الشكل التنظيمي، مع الحفاظ على وحدة المشروع.
ولأن الإخوان كادوا أن يُقضى عليهم نهائيًا بسبب انكشاف تنظيماتهم السرية المسلحة — مثل تنظيم عبد الرحمن السندي، ويوسف طلعت، وتنظيم 1965 بقيادة سيد قطب — أدركوا مبكرًا أن العمل المسلح المباشر داخل صلب التنظيم يهدد بقاء الكيان كله.
ومن هنا، انتقلوا من نموذج التنظيم الذي يضم جناحه المسلح داخله، إلى نموذج فصل الأذرع العنيفة عن الجسد التنظيمي، مع الاحتفاظ بالتوجيه الفكري والسياسي، وهو ما جعل الجماعات المسلحة تبدو وكأنها كيانات مستقلة، بينما هي في الحقيقة امتدادات وظيفية مرحلية.
ولذلك، كانت الجماعة الإسلامية — في صورتها التنظيمية اللاحقة — تنظيمًا له قيادة واضحة، وتسلسل هرمي محدد، وأجنحة عنف مُعلنة، وهو ما أتاح للدولة، بعد صدام طويل، أن تدخل معه في مراجعات فكرية حقيقية، مع قيادات الجماعه انتهت بتفكيك التنظيم المسلح وإنهاء مشروعه العنيف.
أما جماعة الإخوان المسلمين، فمنذ تأسيسها عام 1928، فلم تُبنَ كتنظيم عنيف مباشر، بل ك كيان مؤدلج مركّب، يعمل على المدى الطويل، ويجمع بين الدعوي والسياسي والتنظيمي، والاقتصادي والا جتماعي ويُخفي جوهره خلف واجهات متعددة تتبدل بحسب الظرف.
هذا الكيان لم يعرف في تاريخه مراجعة فكرية شاملة، بل عرف دائمًا إعادة تموضع: يتراجع تكتيكيًا دون أن يتخلى عن المشروع، ويهادن مرحليًا دون أن يعترف بالدولة الوطنية كمرجعية نهائية.
ولذلك، فإن كل محاولات الاحتواء أو التصحيح أو الصفقة مع الإخوان — من العهد الملكي، مرورًالالحقب الجمهوريه، وحتى ما بعد 2011 — انتهت بالنتيجة نفسها: استعادة الجماعة لقوتها، ثم عودتها للاصطدام بالدولة والمجتمع.
فالإخوان لم يُنشأوا ليُحلّوا أو يندمجوا، بل وُلدوا ليبقوا، ويتكاثروا، ويتغلغلوا، ويؤجلوا الصدام هناوبصطدموا هناك يتحالفوا هنا وبختلفوا هناك
ومن هنا، لم تكن الأزمة يومًا في الوسائل أو في سوء التقدير السياسي فقط،او نوعيه قياداتها التنظيميه بل في طبيعة هذا الكيان ذاته،الذي تم تاسيسه ليكون قاداته مجرد موظفبن بعيدا تماما عن الزعامه الذي يختلف جذريًا عن أي تنظيم عنيف تقليدياله زعامات علي الارض يمكن التواصل معهم وتفكيكه أو إنهاء مشروعه بتسوية أو مبادرة والحديث بقيه عندما نلتقي باذن الله