طارق فهمى تتالت ردود الفعل على ما يجرى فى الداخل الايرانى والداخل الإسرائيلى للتعامل مع المشهد التالى بعد استمرار توجيه الضربات الاسرائيلية على ايران وانفتاح المشهد على خيارات متعددة ومنها استمرار العمليات العسكرية الاسرائيلية لبعض الوقت وما يقابله من الجانب الاسرائيلى من تطورات متعلقة برد الفعل من الجبهة الداخلية الاسرائيلية ووسائل تعاملها مع موقف الحكومة ومدى ما ستقوم به من عمل (استمرار العمليات لبعض الوقت/ تمددها لعدة أسابيع/ الدخول فى حرب لإسقاط النظام كخيار أخير مستبعد حتى الان). من الواضح أن المشهد الايرانى يمضى فى مسارات متعددة حيث جرى تعيين القائد السابق للقوات البرية للحرس الثورى الإيرانى محمد باكبور، قائدا جديدا للحرس الثوري، بعد مقتل حسين سلامى فى الهجوم الإسرائيلي، بالإضافة إلى ذلك، وبعد مقتل غلام على رشيد، عين «خامنئي» على شدمانى قائدا جديدا لمقر خاتم الأنبياء المركزى وأعلنت إيران أنها لن تشارك فى مفاوضات البرنامج النووى مع الولاياتالمتحدة حتى إشعار آخر، فيما حث الرئيس الامريكى ترامب إيران على إبرام اتفاق بعد الضربات الإسرائيلية وحذر من هجمات أشد، ما يؤكد أن الولاياتالمتحدة تعمل على الضغط على ايران للقبول بتقديم تنازلات تتعلق بالتفاوض ما يعنى ان ايران مطالبة بالتفاوض تحت النار خاصة أن الضربات على ايران ستعيدها إلى مرحلة اخرى بعد أن كانت قد وصلت لمرحلة العتبة النووية، ومن المبكر قياس رد الفعل الداخلى فى ايران فى ظل حالة التخبط وعدم استيعاب ما يجرى فى الداخل خاصة مع تأكد الجانب الايرانى ان الجانب الامريكى نسق مع الجانب الاسرائيلى بصورة لافتة وان ايران خدعت بالفعل فى استمرار التفاوض. وسيمضى المشهد الاسرائيلى فى مسارات مقابلة أهمها اتباع استراتيجية مرحلية والانتقال الى العمل العسكرى التدريجى باستمرار الحرب على ايران وفرض استراتيجية محددة قائمة على العمل العسكرى وتحييد القدرات الايرانية بالكامل فى اطار الواقع الراهن على اعتبار ان انهاء تمدد القدرات الايرانية وضرب المنشآت النووية أولوية محددة للجانب الاسرائيلى مع التحسب لردود الفعل الايرانية فى القيام بالرد مما قد يؤثر على الموقف الداخلى والتماسك القومى والجبهة الداخلية وهو ما سيكون على رأس الاولويات المطروحة فى حال توقف الضربات الاسرائيلية وهو أمر مستبعد مع احتمال القيام بقياس رد الفعل على الجبهات الاخرى وربط استمرار الضربات بما سيلى من خطوات مؤثرة متوقعة خاصة أن الحرب مع حماس وحزب الله تختلف بصورة كاملة عن الحرب مع ايران خاصة أن اسرائيل فى حاجة لامداد عسكرى وتسليح نوعى وذخائر وصواريخ متقدمة لإتمام العمليات وتحولها من مجرد ضربات الى حرب شاملة على ايران وهذا الامر سيحتاج الى عمل عسكرى شامل. إضافة لذلك حدود التنسيق مع الادارة الامريكية الراهنة ومدى التجاوب فى منح اسرائيل متطلباتها الامنية واتمام صفقات التسلح المطلوبة خاصة أن مسار التحرك الاسرائيلى باستخدام القوة العسكرية يخدم بالفعل الجانب الامريكى وبصورة كبيرة وقد يؤدى الى انخراط ايران حال توقف الحرب فى مسار التفاوض وهو أمر مرتبط بالتطورات الراهنة وسيناريوهات ما سيجرى.. وفى المجمل سيشهد الداخل الايرانى حالة من عدم الاستقرار بسبب توجيه الضربات الاسرائيلية الا ان التوقع بان ايران قد تسلم وتقبل بنصف حل فى العودة للمفاوضات مجددا تحت ضغط ما يجرى من تطورات ليس صحيحا خاصة أن الموقفين الامريكى والاسرائيلى قد يتعارضان فى مراحل لاحقة ومن المبكر ان تعمل اسرائيل على اسقاط النظام الايرانى الراهن وان العملية العسكرية ستكون شاملة إذ إن هذا الامر يحتاج الى ضوابط عدة وادوات غير متاحة. كما لن يستمر التوافق داخل اسرائيل على استمرار العملية العسكرية الا بعد مراجعة الموقف السياسى والعسكرى والانخراط فى تنفيذ ما يتم الاتفاق بشأنه خاصة أن ايران قد تتبع استراتيجية مقابلة ومتعددة مع احتمالات استيعابها للضربات الاسرائيلية التى قد تتوقف تحت ضغوط دولية أو أمريكية خاصة أن قياس رد الفعل ومدى ما تعرضت له المنشآت النووية من اضرار حقيقية فمنشآت إيران النووية موجودة على أعماق كبيرة فى الجبال، مما يعقد مهمة إسرائيل فى استهدافها وتدميرها بالكامل، فضلا عن صعوبات لوجستية تواجه إسرائيل فى ضربها وان تردد أنها ضربت بعضها خلال الساعات الأخيرة أهمها أصفهان وفوردو كما أن القنبلة الوحيدة القادرة على تدمير هذه المنشآت الإيرانية النووية فى نطنز وفوردو وأراك هى «جى بى يو 57»، فى حين لا تمتلك إسرائيل طائرات قادرة على حملها. كما أن مقاتلات «إف-35» وغيرها لا تستطيع حمل هذه القنبلة التى يبلغ وزنها أكثر من 12 طنا، وأن القاذفات الاستراتيجية الأمريكية الوحيدة القادرة على حملها. من المحتمل أن تلعب الولاياتالمتحدة دورا لوجستيا وتزود إسرائيل بمعلومات استخبارية بصرف النظر عن أى ردود فعل امريكية محتملة ولهذا فإن إدارة الرئيس دونالد ترامب تدرس خيارات لدعم عمل عسكرى إسرائيلى ضد إيران دون قيادة أى منها، وأن الخيارات تشمل التزود بالوقود جوًا أو تبادل معلومات استخبارية وقد تدخل على الخط حال استهداف الوجود العسكرى الأمريكى فى الخليج كما أن إيران وفى درجة محددة من المواجهات الجارية ستختار بين طريقين؛ الأول: المضى قدما فى اتباع الخيار الصفرى أى الخيار شمشون بمعنى استمرار العمل العسكرى إلى النهاية وهو أمر صعب ولا يمكن تحمل تبعاته على الداخل الإيرانى. الثانى: التوقف تدريجيا وتكتيكيا للتوصل لمرحلة توافق جديدة برغم كل خسائرها فى حال دخول أطراف وسيطة على الخط لوقف الحرب وعدم استمرارها مع التأكيد على أن ما حققته إسرائيل فى المواجهة التى قد تستمر عدة أسابيع كافية تماما للانتقال إلى مرحلة أخرى تفاوضية جديدة.